فرانسيس دينق : “القدر المشترك” لشمال و جنوب السودان سيعيدهما متحدين بعد الانفصال
واشنطن في 29 ديسمبر 2010 — اكد وكيل الامين العام للامم المتحدة لمنع الابادة الجماعية ، فرانسيس دينق ان “القدر المشترك” لشمال و جنوب السودان سيجعلهما يعودان للاتحاد فى وقت لاحق بعد الانفصال الذى بات مؤكدا فى الاستفتاء المقرر له التاسع من يناير المقبل .
وقال دينق لـ«الشرق الأوسط» الصادرة اليوم الاربعاء فى لندن تعليقا على كتابه الذى صدر حديثا «السودان على حافة الهاوية» الذي صدر مؤخرا : “رأيي هو الرأي نفسه لقرنق: وحدة بشروط”. وقال إنه سمع قرنق يقول للجنوبيين : “أنتم الذين ستقررون إذا ما كنتم تريدون أن تكونوا مستقلين، أم مواطنين من الدرجة الثانية” .
وبدا دينق متفائلا بأنه، وعلى الرغم من أن كلا من الشمال والجنوب “سيواجه تحديات داخلية بعد استقلال الجنوب.. فإنه لا يمكن إلغاء الوحدة عندما تتوفر عوامل مساعدة”. ولهذا، “إذا صارت الوحدة هي رغبة الأغلبية، كما يبدو، فلا بد من استعجال البحث عن سلام ووحدة شاملتين وحقيقيتين” .
واعلن دينق إنه يؤيد وحدة السودان “بقوة”. لكن، “على أسس مساواة كاملة، وإحساس مشترك بالانتماء للدولة ، وفخر وكرامة لكل المواطنين”. مؤكدا إن الراحل جون قرنق، مؤسس الجيش الشعبى لتحرير السودان، كان أيضا وحدويا بالشروط نفسها .
وشدد دينق : على ان وحدة السودان بالنسبه اليه ليست قرارا توصل اليه نتيجة لابحاث و معلومات جمعها خلال سنوات خبرته العملية و انما ظلت بالنسبه له اعتقاد قوى له جذور وإيمان يعود إلى نشأته وأشار دينق إلى أنه من منطقة أبيي، الغنية بالنفط، التي تقع على الحدود بين الشمال والجنوب، والتي صارت منطقة نزاع متزايد مؤخرا مع اقتراب الاستفتاء في جنوب السودان، وأن والده هو دينق ماجوك، الذي كان زعيم قبيلة دينكا نقوك التي تتصارع على السلطة في المنطقة مع قبيلة المسيرية الشمالية. وكانت تربطه علاقة وثيقة مع بابو نمر، الذي كان زعيم قبيلة المسيرية .
وقال دينق إنه أيد حق تقرير المصير للجنوب “ليس لأنه يريد للجنوب أن ينفصل، ولكن لحث القيادة الوطنية، خاصة في الشمال، على مضاعفة جهودها لخلق ظروف مناسبة تجعل الوحدة جاذبة للجنوب” .
وانتقد فرانسيس دينق إصرار الأحزاب الشمالية على الربط بين الدين والسياسة.. وبين الإسلام وعلاقة الشمال مع الجنوب. وقال: “ما دمنا نجعل الدين (الإسلام) أساس هويتنا وهوية وطننا، وما دمنا نستعمله لتحديد الأشخاص والمناصب في حكم الوطن وفي تقسيم الثروات، فلن يمكن وضع نظام تتساوى فيه الأديان”.
وأشار دينق إلى نقاش مع مسؤول شمالي، “لم يذكر اسمه”، قال إن الشمالي ركز على دور الإسلام في تحديد الهوية السودانية. وقال أن المسؤول الشمالي يفهم رأي غير المسلمين في هذا الموضوع، لكن “دينه، الإسلام” ، يقول له إنه لا فرق بين الدين والدولة وإن الدين يأتي في المرتبة الأولى .
ونفى دينق ان يكون الجنوبيين غير مفهومين فى مطلبهم كما يردد كثير من الشماليين واضاف :”كل مواطن يريد أن يكون متساويا مع غيره، وجزءا كاملا من الوطن مثل غيره، وفخورا ويملك إحساس الانتماء إلى وطنه”.
لكنه قال إن كثيرا من الجنوبيين يحسون بغير ذلك، وإنه، لهذا، يتوقع أن يصوتوا للانفصال ،وزاد : إنه يود لو أن الشماليين وضعوا هذه الأحاسيس الجنوبية في الاعتبار.
ورأى دينق إن الوضع المثالي هو أن يضع الشماليون أنفسهم في وضع الجنوبيين. لكن الشماليين عرفوا أنفسهم بأنهم مسلمون وعرب، واستعملوا هذا لتعريف السودان، مما كان سبب تفرقة ضد الجنوبيين غير العرب وغير المسلمين. وأضاف: «بسبب جهود الأسلمة والتعريب، أحس الجنوبي غير المسلم بأنه مواطن من الدرجة الثانية” .
ويعتبر دينق «فيلسوف» اتفاقية السلام سنة 2005 حيث اشترك في فبراير 2001 فى كتابة تقرير أصدره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (سي إس آي إس) في واشنطن يضع تصورا لمستقبل العلاقة بين شمال و جنوب السودان تقوم على اساس “سودان واحد بنظامين دستوريين منفصلين” ، تلقفته وزارة الخارجية الأميركية، وصار أساس الاتصالات الأميركية مع الجانبين، التي انتهت باتفاقية السلام .
وقال دينق إن انفصال جنوب السودان، «في رأي كثير من الناس في السودان وفي أفريقيا، سيكون كارثة للجنوب، وللمنطقة، وحتى لأفريقيا». وإن هناك اتهامات بأن حكومة الرئيس البشير وراء هذه التوقعات، وذلك حتى تحقق رأيها بأن الجنوب لن يقدر على أن يحكم نفسه، وسيكون عبئا على المنطقة وعلى المجتمع الدولي .
وتابع : إنه، إذا انفصل الجنوب، ستطالب جماعات شمالية غير عربية بتحقيق السودان الجديد الذي تدعو له الحركة الشعبية. وأشار إلى أن هذه الجماعات متكاثرة في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق، والشرق، ودارفور . وأضاف: «حتى النوبة» بالقرب من الحدود مع مصر .
واوضح دينق إن هذه الجماعات ربما ستطلب مساعدة جنوب السودان المستقل. لكن، ربما ستقود هذه المساعدة إلى مشكلات، وذلك لأن “الخرطوم، بكل تأكيد، سوف تستغل الخلافات القبلية في الجنوب لإضعاف حكومة الجنوب، ولخلق مشكلات ولجعل الجنوب غير قابل للحكم”.