جلد فتاة سودانية يثير موجة من الاستنكار
الخرطوم في 10 ديسمبر 2010 — أثار فيلم فيديو على قناة اليوتيوب يصور مشهد جلد فتاة سودانية في مركز شرطة في الخرطوم هذا الأسبوع موجة من الاستنكار من قبل السودانيين على الانترنت واجمع معظمهم على أن ما حدث يتجاوز العقوبة القانونية بكثير ويرقى للتعذيب البدني الشديد والإهانة البالغة .
يظهر الفيلم رجال شرطة ينفذون عقوبة الجلد بالسوط على فتاة سودانية أمام جمهرة من الناس. تلقت الفتاة ضربات السوط على جميع أنحاء جسدها من الأرجل والظهر والأذرع والرأس بصورة عشوائية وبعنف وقسوة ظاهرة .
ويوضح الفيديو ايضا كيف تتوجع الفتاة وتصيح مستلقية على الأرض تتلوي من الألم متوسلة الشرطي الكف عن ضربها، قبل أن يهب شرطي آخر لمساعدته بالمشاركة في الضرب .
يظهر من خلال الفيلم أيضا أن الشخص الذي قام بتصوير المشهد كان على مرآي من رجال الشرطة، إن لم يكن التصوير بعلمهم .
الاف الردود على المواقع والمنابر الالكترونية علي الشبكة العالمية وصفت الحادثة بالجريمة البشعة والبربرية، واستنكرت أن يتم ذلك باسم الإسلام والشريعة. ولم يتسن الاتصال بالخرطوم للحصول على مزيد من التفاصيل .
هذه الحادثة تعيد للأذهان حادثة محاكمة الصحفية السودانية لبنى أحمد الحسين العام الماضي حين ألقت عليها شرطة النظام العام القبض عليها في أحد المطاعم الراقية بالخرطوم وتم تقديمها للمحاكمة بتهمة ارتداء الزى الفاضح حيث كانت لبني ترتدي بنطالا فضفاضا لحظة القبض عليها .
تكررت شكاوي المواطنين في السودان من تجاوزات الشرطة ومن سطوة شرطة النظام العام التي تلقي القبض على الناس ويتم تقديمهم لمحاكمات ايجازية بتهم مختلفة دون ان يمنحوا فرصة للدفاع عن انفسهم .
يؤكد هذا ما حدث مؤخرا حين تم القبض على مجموعة من الرجال المشاركين في عرض للأزياء وتقديمهم للمحاكمة وإدانتهم بتهمة وضع المساحيق على الوجه أثناء عرض الأزياء.
وقالت الصحفية لبنى أحمدحسين في لقاء مع اذاعة هولندا العالمية أن محاكمات النظام العام تطبعها الإيجازية حيث لا يحصل المتهم على فرصة للدفاع عن نفسه وهذا ما حدث معها أيضا. كما أن كل الإجراءات تتم في ذات اليوم من سماع الأقوال إلى المحاكمة والتنفيذ .
وكانت قضية لبنى قد حظيت باهتمام عريض من وسائل الإعلام العالمية مما أدى لوضع ما تتعرض له النساء في السودان من إهانة وتنكيل على خارطة اهتمام المنظمات المعنية بحقوق الإنسان وحقوق المرأة .
وتقول لبنى أن المؤلم في الأمر هو صمت النساء اللائي يتعرضن للضرب والإهانة من قبل الشرطة خوفا من الفضيحة لان المجتمع يلقى باللوم دائما على المرأة الضحية وليس الجلاد. إلا أن قضيتها وموقفها أثناء المحاكمة حين وزعت بطاقات دعوة للمئات من المعارف والأصدقاء وجمهرة الصحفيين لحضور محاكمتها قد حول المحاكمة من قضية تتعلق بالنظام العام واللبس الفاضح إلى قضية حقوق إنسان الأمر الذي شجع بقية النساء اللاتي يتعرضن لمثل هذه المحاكمات التحدث عنها لوسائل الإعلام لفضح ما يحدث في السودان .
ويقول بعض ممن استطلعت آرائهم حول الفيديو أن الحكومة السودانية تستخدم الشريعة الإسلامية وشرطة النظام العام لقمع الشعب وتخويفه بما تملك من أدوات مثل جهاز الأمن العام الذي يمارس الاعتقال والتعذيب لإرهاب المعارضين السياسيين. كما أجمعوا أن الاستفتاء القادم في جنوب السودان واحتمال انفصاله ربما يكون سببا يدفع بالحكومة السودانية محاولة إحكام قبضتها على المجتمع والشارع العام لسد الطريق إمام أي مقاومة لحكومة عمر البشير.
وطبقت الشريعة الإسلامية لأول مرة في السودان في ظل نظام الديكتاتور السابق جعفر نميري في العام 1983 ، وعقب الانتفاضة الشعبية في السودان في ابريل 1985 لم تفلح الأحزاب السودانية في الاتفاق حول إلغاء قوانين الشريعة الإسلامية. عقب انقلاب الجبهة القومية الإسلامية الذي قاده الرئيس عمر البشير تم العمل على كافة الأصعدة على تحويل السودان إلى بلد إسلامي .