مدير عام أطباء بلا حدود : مجلس الأمن وصل إلى طريق مسدود بشأن السودان
جنيف، 1 يناير 2025 ــ تأسف المدير العام لمنظمة أطباء بلا حدود في جنيف ستيفن كورنيش، لعدم استخدام المجتمع الدولي نفوذه بما يضمن حماية المدنيين والوصول الإنساني في السودان.
ووصل كورنيش هذا الاسبوع الى ولايتي البحر الأحمر والقضارف شرقي السودان، حيث زار مخيمات النازحين في أم راكوبة بالقضارف ووقف على الأوضاع والخدمات التي تقدمها فرق المنظمة.
وقال كورنيش، في مقابلة حصرية مع “سودان تربيون”، إن “مجلس الأمن الدولي وصل إلى طريق مسدود بشأن السودان، فيما لم تستخدم الدول نفوذها السياسي الكامل لضمان احترام أطراف النزاع لالتزاماتها بحماية المدنيين وتمكين وصول المساعدات”.
وأشار إلى أن استجابة المجتمع الدولي لا تتناسب مع الاحتياجات الهائلة، خاصة في إقليم دارفور حيث لا تزال المساعدات والخدمات غائبة في كثير من الأحيان؛ داعيًا إلى توجيه الموارد والاهتمام نحو السودان لتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية.
وتابع: “الأطراف المتحاربة هي مسؤولة في نهاية المطاف عن أفعالها ويجب أن تضمن حماية المدنيين وتمكين الوصول إلى المساعدات”.
وتعمل أطباء بلا حدود في 11 من أصل 18 ولاية سودانية، حيث تعالج إصابات الحرب والإصابات الأخرى والطوارئ والرعاية الأولية ودعم الصحة الجنسية والإنجابية ورعاية الطفولة والأمومة والاستجابة لسوء التغذية.
رعاية منقذة
وقال ستيفن كورنيش إن أطباء بلا حدود وسعت نطاق الرعاية المنقذة للحياة، بما في ذلك علاج جرحى الحرب والنساء الحوامل والأطفال، وسط اللاجئين السودانيين في شرق تشاد وجنوب السودان.
وأوضح إن فرق المنظمة في شرق تشاد وجنوب السودان تدير مراكز طبية وعيادات متنقلة كاملة الخدمات وتقدم اللقاحات للأطفال، علاوة على تحسين مرافق الصرف الصحي وتوفير مصادر مياه آمنة.
وأفاد بأن المنظمة أجرت دراسة بين يوليو وديسمبر 2023، في مخيمات اللاجئين السودانيين في تشاد عن العنف الجنسي الذي تعرض له 135 ضحية عالجتهم أطباء بلا حدود.
وتابع: “من بين الـ 135 ضحية، تعرض 90% للاعتداء من قبل جناة مسلحين. ومن المثير للقلق أن 50% تعرضوا للاعتداء في منازلهم و40% تعرضوا لاغتصاب من مهاجمين متعددين”.
وفر 14.8 مليون سوداني من ديارهم منذ اندلاع النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، منهم 3.3 مليون شخص عبروا الحدود إلى دول الجوار حيث وصل 722 ألف فرد إلى تشاد و696 ألف شخص إلى جنوب دارفور، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الهجرة الدولية الاسبوع الماضي.
انعدام الأمن
وكشف ستيفن كورنيش عن توثيق منظمة أطباء بلا حدود لأكثر من 80 حادثة عنف ضد موظفيها ومرافقها في العام السابق، بما في ذلك الاشتباكات وحوادث النهب.
وشدد على أن حوادث العنف والهجمات على موظفي أطباء بلا حدود، أعاقت قدرة المنظمة على تقديم الرعاية للمرضى، حيث عُلقت الأنشطة في المستشفى التركي بالخرطوم ومستشفى ود مدني بولاية الجزيرة ومستشفيي الأطفال والجنوب في الفاشر بشمال دارفور بسبب الهجمات وانعدام الأمن.
وأفاد بأن المنظمة تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة طرفي النزاع، حيث حافظت على مرونتها وتكيفت بسرعة مع الاستجابة للعنف والنزوح وسوء التغذية وتفشي الأمراض المعدية.
وذكر أن لدى أطباء بلا حدود 1,500 موظفًا منهم 130 موظفًا دوليًا يعملون في السودان، كما تدفع حوافز لأكثر من 3,300 من موظفي وزارة الصحة وتدير عيادات متنقلة في مخيمات النزوح والمناطق التي يصعب الوصول إليها.
وأوضح ستيفن كورنيش بأن المنظمة تدعم مرافق صحية حيث تتبرع لها بالأدوية والمستلزمات الحيوية علاوة على تقديم اللقاحات وخدمات المياه والصرف الصحي.
وتعطل عمل ما يصل إلى 80% من مرافق الرعاية الصحية في مناطق النزاع النشطة، ما يجعل نشاط منظمة أطباء بلا حدود بتقديم الخدمات الطبية حيويًا لالاف السكان.
الوضع في زمزم
وقال ستيفن كورنيش إن القصف المتكرر لقوات الدعم السريع على مخيم زمزم قرب الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، زاد من الأخطار القاتلة التي تحيط بـ 450 ألف شخص يعيشون في المخيم الذي يعاني من أزمة سوء تغذية هائلة.
وأوضح أن فريق المنظمة عالج في شهر ديسمبر المنصرم 44 مصابًا جراء القصف من بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 4 سنوات يعانون من إصابات شديدة، كما استقبل المستشفى الميداني 14 شخصًا توفوا متأثرين بجراحهم عند وصولهم أو بعد فترة وجيزة.
وكشف عن تعليق المنظمة عيادة في الجزء الجنوبي من مخيم زمزم، رغم أنها تقدم المتابعة الغذائية الحيوية للأطفال في المناطق الأكثر تضررًا من القصف.
تأثير واسع النطاق
وتحدث ستيفن كورنيش عن أن القتال في السودان أدى إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث أثر على الصحة الجسدية والنفسية، فيما تسبب النزوح القسري في خسائر فادحة على صحة الناس ورفاههم مع وجود أدلة على حدوث عنف بدوافع عرقية وعنف جنسي.
وأوضح أن الاحتياجات الإنسانية والصحية متزايدة، حيث يوجد سوء تغذية حاد شديد في العديد من المناطق إضافة إلى تفشي الكوليرا والحصبة.
وشدد على أن القتال العشوائي المستمر والهجمات ونهب المرافق الصحية ونقص الموظفين والإمدادات وعدم كفاية الاستجابة الدولية، قاد إلى انقطاع الخدمات وخروج العديد من المستشفيات عن الخدمة في الوقت الذي يحتاجها الناس.
وأكد مدير أطباء بلا حدود على أن السودانيين عانوا من عنف لا يرحم وظهر ذلك في الولايات التي تعمل فيها المنظمة، بما في ذلك الهجمات المباشرة على المناطق السكنية والأسواق والبنى التحتية والمستشفيات ودخول الجهات المسلحة إليها وتهديد الموظفين.
إعاقة الوصول الإنساني
وأوضح ستيفن كورنيش بأن أطباء بلا حدود ملتزمة بتقديم الخدمات الطبية للسكان الأكثر تضررًا من النزاع والضعفاء، لكنها بحاجة إلى تأمين الوصول للبعثات الطبية واحترامها من الأطراف المتحاربة.
وقال إن طرفي النزاع “فرضا في بعض الأحيان قيودًا على تحركات العاملين الإنسانيين ونقل الإمدادات، فيما تؤدي العوائق الأمنية والبيروقراطية إلى إبطاء توسيع نطاق الاستجابة الإنسانية وتمنع الوكالات من الوصول إلى السكان الأكثر احتياجًا”.
وأشار إلى أن أطباء بلا حدود قادرة على إيصال الإمدادات إلى المرافق التي تعمل فيها بالتعاون مع وزارة الصحة.