عام ونصف من حرب السودان .. كيف تبدو خارطة النفوذ والسيطرة
الخرطوم 16 أكتوبر 2024 – عزز الجيش السوداني تقدمه الميداني على حساب قوات الدعم السريع، حيث وصل إلى مناطق سيطرة الأخيرة لأول مرة منذ اندلاع القتال في منتصف أبريل 2023.
ولأول مرة، بدأ الجيش عمليات هجومية لاستعادة أجزاء مهمة من مدينتي الخرطوم وبحري، حيث نجح في السيطرة على كوبري الحلفايا من جهة بحري، وتقدم في مدينة الخرطوم حتى ثلثي حي المقرن.
وبعد عام ونصف على الحرب، تغيرت خارطة مناطق السيطرة. الجيش تمكن من السيطرة على مواقع جديدة ومهمة كانت بقبضة الدعم السريع منذ اندلاع المعارك، كما شهدت مواقع اخرى مثل جبل مويا بولاية سنار معارك عنيفة انتهت باعلان الجيش السيطرة عليها.
تكثيف الضربات الجوية
خلال العشرين يومًا الماضية، شن الجيش السوداني ضربات جوية دقيقة ضد قوات الدعم السريع في ولايتي الخرطوم وسنار. ساعدت هذه الغارات الجيش في التقدم وحسم عدد من المعارك، خاصة معركة استعادة السيطرة على جبل مويا والمناطق المجاورة.
على مدى الأسبوعين الماضيين، كثف الجيش من غاراته الجوية وهجماته باستخدام الطائرات بدون طيار “المسيرات” على أهداف محددة لقوات الدعم السريع في بحري والخرطوم.
وكشف مصدر عسكري لسودان تربيون أن 28 طائرة حربية شاركت في الغارات الأخيرة على جبهات مختلفة، وأشار إلى دخول 4 طائرات جديدة (لم يُفصح عن نوعها) إلى الخدمة مؤخرًا، حققت ضربات دقيقة في مناطق واسعة من الخرطوم وسنار.
وأضاف المصدر أن الجيش يستخدم ما لا يقل عن 40 مسيرة في مختلف المحاور، تتوزع مهامها بين الاستطلاع والمراقبة والهجوم.
موقف الجيش
بعد النصف الأول من العام الثاني للحرب، حقق الجيش تقدمًا نسبيًا في مدينتي الخرطوم وبحري.
وبدأ الجيش تحركه من أم درمان قبل أسبوعين، حيث عبرت قوات كبيرة جسر النيل الأبيض وتوغلت في حي المقرن بعد معارك عنيفة مع قوات الدعم السريع، وصولًا إلى مقر شركة زين للاتصالات.
ويعتبر خبراء عسكريون أن الخرطوم من أكثر المناطق تعقيدًا بالنسبة للجيش بسبب تضاريسها المتشابكة ومبانيها الشاهقة المصنوعة من الخرسانة المسلحة.
وأفاد المصدر العسكري أن قوات الدعم السريع تنتشر في مدينتي الخرطوم وبحري، وتشمل قوات نخبة مدربة تدريبًا عاليًا، خاصة في جنوب الخرطوم وشمال بحري (المصفاة) وسلاح المظلات سابقًا بجوار كوبري شمبات.
وأشار إلى وجود عقبات أخرى تعيق تقدم الجيش السريع في تلك المناطق، مثل وجود أسرى في المصفاة والمظلات، بالإضافة إلى استخدام الدعم السريع أجهزة تشويش حديثة.
وفي جنوب الخرطوم ، بدأت قوات الجيش من سلاح المدرعات بفتح دائرة المواجهات تدريجيًا، حيث تحركت إلى منطقة الكلاكلة واشتبكت مع قوات الدعم السريع في حي اللاماب.
في المقابل، تسيطر الدعم السريع بشكل مطلق على أحياء شرق ووسط وجنوب الخرطوم، حيث تحكم قبضتها على أحياء مثل (أركويت، المعمورة، الطائف، الرياض، الجريف، حتى بري). كما تسيطر على أحياء الحلة الجديدة، الرميلة، القوز، سك العملة، حتى استاد الخرطوم، جامعة السودان، والسوق العربي.
وتقع معظم أحياء وسط الخرطوم بيد الدعم السريع، بما في ذلك الخرطوم 2 و3، السجانة، العمارات، الصحافة، النزهة، امتداد الدرجة، السوق الشعبي، والميناء البري.
وتسيطر الدعم السريع بأعداد كبيرة على أحياء الأزهري، مايو، السلمة، امتداد الحزام، حتى سوبا والطرق المؤدية إلى ولاية الجزيرة. كما تسيطر على أحياء الكلاكلة المختلفة رغم هجمات قوات المدرعات، وجبل أولياء حتى محلية القطينة بالنيل الأبيض.
وتحتفظ الدعم السريع بسيطرتها على نحو 18 قاعدة عسكرية تابعة للجيش في الخرطوم، باستثناء القيادة العامة وسلاح المدرعات اللتان تخضعان للجيش. كما تسيطر على القصر الجمهوري، مطار الخرطوم، ووحدات مثل “الاستراتيجية، معسكر الدفاع الجوي، مقر المخابرات العامة، وزارة الداخلية، كلية الشرطة، مقر الاحتياطي المركزي، معسكر الباقير، اليرموك، المنطقة العسكرية المركزية، قاعدة النجومي الجوية، اللواء الخامس مشاه وغيرها”.
محور بحري
بعد عام ونصف على الحرب، بدأ الجيش الأسبوع الماضي أول عملية برية في مدينة بحري، حيث عبرت قواته جسر الحلفايا بعد محاولات فاشلة في السابق، ونجح في التوسع على طول المنطقة المحيطة بالجسر وحي الحلفايا، بمساندة قوات من معسكر الكدرو التي تنفذ طلعات هجومية على قوات الدعم السريع في أحياء الدروشاب والسامراب.
لا تشهد وسط المدينة اشتباكات مباشرة بين الجانبين، حيث يتمركز الجيش في سلاح الإشارة وقرب منتزه عبود، في حين تنتشر قوات الدعم السريع في أحياء الأملاك، الختمية، المزاد، الشعبية، الصافية، شمبات، الميرغنية، الديوم، حلة حمد، حلة خوجلي، والصبابي.
تسيطر قوات الدعم السريع بالكامل على منطقة شرق النيل بكل أحيائها حتى شرق المحلية، كما تسيطر على جميع الوحدات العسكرية في بحري باستثناء معسكر الكدرو، سلاح الذخيرة، سلاح الإشارة، معسكر حطاب، ومعسكر العيلفون.
محور أم درمان
لم تشهد مدينة أم درمان معارك كبيرة منذ سيطرة الجيش على مقر الإذاعة والتلفزيون الحكومي، حيث اقتصرت الاشتباكات بين الطرفين على مناوشات في أحياء الدوحة، النخيل، وحمد النيل.
يحاول الجيش تعزيز موقفه في مدينة بحري لمنع تقدم قوات الدعم السريع في محلية كرري التي يسيطر عليها الجيش بشكل كامل، بالإضافة إلى أحياء أم درمان القديمة.
تتمركز قوات الدعم السريع غربي وجنوبي أم درمان، حيث تسيطر على الطرق المؤدية إليها، كما تسيطر على أحياء صالحة، البنك العقاري، المربعات، والبستان بمحليات أمبدة، باستثناء الحارات الأولى حتى الخامسة، بالإضافة إلى دار السلام وسوق ليبيا.
محور “الكباري”
تتفوق قوات الدعم السريع في السيطرة على الجسور الرابطة بين مدن الخرطوم الثلاث، حيث تتحكم في كبري توتي، كبري سوبا، كبري المنشية، كبري جبل أولياء، كبري شمبات من جهة بحري، كبري المك نمر، كبري كوبر، وكبري الفتيحاب من جهة الخرطوم.
تسيطر قوات الدعم السريع أيضًا على مداخل عديدة لولاية الخرطوم جنوبًا باتجاه ولاية الجزيرة، ومن الشرق والغربي باتجاه أم درمان، والمداخل الشمالية المؤدية إلى الخرطوم.
موقف الولايات
يتقاسم الجيش وقوات الدعم السريع السيطرة على بعض الولايات والمدن الكبيرة. يسيطر الجيش بالكامل على ولايات البحر الأحمر، الشمالية، نهر النيل، كسلا، القضارف، والنيل الأزرق.
يتقاسم الجانبان السيطرة على ولايات شمال دارفور، غرب كردفان، وسنار. أما في ولايات الجزيرة، النيل الأبيض، وجنوب كردفان، فتتفاوت نسب السيطرة بين الجيش والدعم السريع.
تسيطر قوات الدعم السريع على ولايات جنوب، شرق، وغرب دارفور، بالإضافة إلى أجزاء واسعة من الحدود مع تشاد وأفريقيا الوسطى، كما تتحرك بحرية على الحدود الشمالية الغربية مع ليبيا.