وفاة أكثر من 10 أشخاص يوميا بسبب الجوع والقصف في «بحري»
منتدي الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير: سودان تربيون
بحري 16 سبتمبر 2024 – يَتسبب القصف الجوي والمدفعي من قبل طرفي الصراع على مدينة بحري يوميا في مقتل ما بين 10 إلى 15 شخصا، بينهم من يموتون جوعاً ومرضاً. كما تنتشر عمليات نهب واسعة النطاق في المدينة من قبل جنود قوات الدعم السريع للتكايا ومراكز إمداد الأدوية التي يشرف عليها نشطاء يجمعون الأدوية من مناطق مختلفة.
ويصف برنامج الغذاء العالمي السودان بأنه يعاني من أكبر أزمة جوع في العالم، مشيراً إلى أن 25.6 مليون شخص “يعانون من جوع حاد”، وأكدت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في السودان ليني كنزلي، الشهر الفائت، أن ذلك يعني 54% من السكان.
ويتبادل طرفا القتال القصف المدفعي بصورة يومية، حيث تقصف قوات الدعم السريع مدينة أم درمان، فيما يرد الجيش من هناك بإطلاق الدانات التي تسقط على أحياء “شمبات والشعبية والمزاد” وغيرها مخلفة قتلى ومصابين على نحو شبه يومي.
ويحاصر الجوع والمرض، من تبقى من سكان أحياء بحري القديمة، خاصة شمبات والشعبية والمزاد والصبابي، وهي الأحياء التي تضم النسبة الأكبر من السكان الذين لم يغادروا المدينة منذ اندلاع المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل 2023.
احصائية مروعة للموت
ورسم أحد أعضاء غرفة طوارئ بحري صورة قاتمة للوضع الحالي في بحري قائلاً: “الوضع صعب للغاية من حيث الأمن والقتل والطعام ونهب وسلب التكايا.. الأمور صعبة للغاية والوضع حرج جدا. هناك نهب منظم للتكايا وممتلكات المواطنين، وسكان بحري القديمة يتعرضون للقصف من قبل الجيش من أم درمان”.
وأكد العضو أن الموت أصبح بالجملة، وفي بحري القديمة وأحيائها المختلفة يقع ما بين 11 إلى 15 حالة وفاة يوميًا بسبب الجوع أو المرض أو نتيجة للقصف المدفعي والجوي من الجانبين.
وقال إن من يريد المغادرة الآن بعد انعدام الغذاء وتوقف عمل التكايا والمراكز الصحية يواجه الاعتقال والنهب والاتهامات الباطلة بالتعاون مع قوات الدعم السريع في ارتكازات الجيش والمستنفرين التي تعذب وتسجن الكثيرين بتهمة العمل أو البقاء في بحري بعد الحرب، و”هذا أصبح سمة واضحة وعمل مستمر من الجيش الذي ترك الناس يواجهون مصيرهم” -حسب قوله”.
وأضاف أن الحديث الذي يتردد عن قيام جنود الدعم السريع بنهب الطعام من التكايا والأدوية المخزنة فيها، بدأ أيضاً يثير أعمال انتقامية في عدد من المناطق، حيث يأتي الجنود ويعتدون على الناس داخل الحي ويتهمونهم بتشويه صورة قوات الدعم السريع أو التعاون مع الجيش في ذلك ونشر الأكاذيب عن تلك القوات.
ونهاية أغسطس الماضي، صعد الجيش من عمليات قصف مدينة بحري، حيث سقطت أكثر من 150 قذيفة ودانة اطلقها من الراجمات، كما أكد اثنان من غرف طوارئ بحري، خلفت 19 قتيلا وأكثر من 52 جريحا في عدة أحياء ببحري.
في نفس الوقت يعاني الوضع الصحي في بحري من تدهور مرير خاصة مع فصل الخريف،بينما توقفت جميع المرافق الصحية في مناطق بحري عن العمل وسط نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
وكشفت غرفة طوارئ بحري،في 14 أغسطس الماضي عن زيادة معدلات الإصابة بالاسهالات المائية والملاريا والتايفويد والدسنتاريا في مناطق عديدة في المدينة.
وكانت الغرفة قد كشفت في 12 أغسطس المنصرم أيضاً، عن زيادة معدلات الاسهالات المائية حيث بلغت حالات الإصابة 116 حالة بمنطقة بحري.
وقال عضو في غرفة طوارئ بحري لـ”سودان تربيون” إن عدد حالات الإصابة بالاسهالات المائية بلغت 200 حالة بمعدل 10 حالات يوميا اما الإصابة بالملاريا بلغت 300 حالة بمعدل 15 حالة يوميا .
وأفاد بأن أعراض الإسهالات المائية تشمل معاناة المريض من إسهال حاد يظهر فجأة تصاحبه حمي خفيفة وهبوط حاد وجفاف في الجسم. واضاف ان حالات التايفويد وصلت 240 إصابة بمعدل 12 حالة يوميا، بينما بلغت حالات الدسنتاريا 200 إصابة بمعدل 10 حالات يوميا. وأشار إلى ان الحالات تتركز في مناطق الشعبية، المزاد، حلة خوجلي، الدناقلة، الصبابي، شمبات ، الديوم.
وكشف تحالف لجان شمبات في بيان له يوم 15 أغسطس الفائت إن قوات الدعم السريع شنّت حملات نهب مسلح ممنهجة على منطقة شمبات ببحري، وقامت بسرقة ونهب المواد التموينية المخصصة لعمل المطابخ الجماعية (التكايا) في منطقة شمبات، والتعدي على المُتطوِّعين في المطابخ بالضرب والرصاص الحي المباشر وسرقة الهواتف الخاصة”.
وتقوم تلك التكايا بتقديم الوجبات اليومية لأهالي المنطقة. وتُهدِّد عمليات النهب المتواصلة عمل التكايا واستمرارها في تقديم الخدمات لـ1400 أسرة في مقبل الأيام، وحرمان المواطنين من الغذاء، بل توقف بعضها فعلا، بحسب التحالف.
وأضاف تحالف شمبات: “لا توجد أي قوات تقوم بحماية المدنيين وعمل التكايا كما يُشاع ولم تُكون هناك أي قوات لهذا الغرض منذ اندلاع الحرب، وكل ما يُشاع غير حقيقي.. والمطابخ هي آخر ما تبقى لمواطني شمبات المُحاصرين والتعدي عليها يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني بالمنطقة. وغيرها من التعديات المُمنهجة على المواطنين بالمنطقة من تفتيش وضرب غير مُبرّر، وذلك بعدما تم تجاوز عمليات النهب التي صارت جزءاً من حياتنا اليومية، إنها حربٌ مُوجّهةٌ بكامل عتادها ضد المواطنين”.
وطالب تحالف لجان شمبات، قوات الدعم السريع الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وكف أيديهم وإبعاد أفرادهم المسلحين عن غذاء مواطني شمبات وتركهم وشأنهم.
وذكر الحزب الشيوعي فرعية شمبات قبل أيام في تصريح صحفي أن قوات الدعم السريع صعدت في الآونة الأخيرة الاعتداءات على الأهل في شمبات الحلّة ، مما أدى إلى فقدان أرواح عزيز نتيجة المداهمات المسلّحة على بيوت المواطنين، والتي راح ضحيتها العشرات من شباب المنطقة”.
وبحسب الحزب فقد تم نهب الدقيق المخصص لفرن (جامع شيخ أحمد) كحادثة سبقتها حوادث مشابهة ، تلا ذلك اعتداء مسلّح آخر حيث هاجمت قوة مسلحة من 23 فرد تكية شمبات الغربية للمرة الثالثة، ونهب مواد تموينية، وأنابيب الغاز ، ومعينات العمل ، في مسلك فاضح يهدف لتصفية عمل التكايا لطرد من تبقى من الأسر عبر صناعة الجوع، بجانب الإعتداءات المتكررة على المتطوعين في العمل العام ، ونهب وتهديد أفراد من فرق عمل التكايا ، وغرفة الطوارئ ، واغتيال ناشط من مجموعة عمل الكهرباء.
وأدان الحزب بشدّة استمرار سقوط دانات القوات المسلحة القادمة من أم درمان على رؤوس ومنازل المواطنين ، ولم تسلم منها حتى المقابر والمآذن، والتي أزهقت بدورها العديد من أرواح الأبرياء من خيرة الشباب والرجال والنساء.
ويقول المحامي معز حضرة، أحد سكان شمبات إن المنطقة منذ اليوم الأول للحرب تقع تحت سيطرة الدعم السريع وتم تدمير محطة المياه، بينما يوجد عدد كبير جدا من العائلات في شمبات لم تخرج ومتمسكين بالبقاء ورفضوا الخروج باعتبار أنها أرض آبائهم وأجدادهم.
ولفت حضرة إلى تعايش الأهل في شمبات مع الوضع وأصبحوا يعتمدون على التكايا التي يبلغ عددها 22 تكية موزعة على أنحاء شمبات، وتعتمد على تبرعات ودعم أبناء المنطقة بالداخل والخارج لتوفير المواد لها.
وأكد وفاة 4-5 أشخاص يومياً في شمبات نتيجة الوضع المأساوي حيث لا يوجد طعام وينتشر الجوع والمرض في المنطقة، رغم مساع مجموعات لاحضار الماء وصيانة الكهرباء التي يقوم الجيش بضربها مرارا وتكرارا.
وأشار حضرة إلى أن قوات الدعم السريع في شمبات قامت في الآونة الأخيرة بمهاجمة التكايا وسرقة كل الإمدادات الغذائية، وتابع: “لذلك هناك جوع في شمبات، وبعد الأمطار انتشرت أوبئة التيفويد والملاريا وأمراض العيون التي لا يوجد لها علاج، والمجموعات الصيدلية المتطوعة التي كانت تذهب إلى شرق النيل أو المناطق الأخرى لإحضار الدواء أصبحت الآن غير قادرة على المغادرة، والوضع الأمني سيئ للغاية”.
وأوضح أن مجموعات الدعم السريع بدأت تهدد الأسر ليل نهار وتسرق كل شيء وتطالب بالتحويلات المالية وبدأت بالنهب علانية خلال النهار، مضيفًا: “للأسف فإن ارتكازات وقيادات الدعم السريع لا تلعب أي دور في منع هذه الانتهاكات وحماية المدنيين، رغم حديث قائد الدعم السريع عن ذلك”.
ونبه حضرة، إلى أن مواطني شمبات يتعرضون لقصف الجيش من أم درمان، لأن قوات الدعم السريع عندما تقصف أم درمان من بحري فإن القذائف التي يطلقها الجيش تسقط في شمبات، ولقد بدأت المجموعات القادرة ماليا الخروج إلى ولاية نهر النيل، لكن يتم اعتقالات في ارتكازات الجيش واتهامهم بالتعاون مع قوات الدعم السريع، ويسألونهم: “لماذا هم موجودون مع قوات الدعم السريع؟.
وقال ان الناس الآن متهمون بالتعاون مع الدعم السريع لانهم كانوا متواجدين طيلة هذه الفترة ولم يغادروا، مؤكدا أن الذين لم يغادروا مناطق الدعم السريع بسبب الحرب لم يفعلوا جريمة، ويتم نهبهم في الارتكازات العسكرية للجيش والمستنفرين ويتم التحقيق معهم وتوجيه الاتهامات اليهم.
وقال حضرة أن هناك بعض الناس معتقلون حاليا في شندي وعطبرة بتهمة التعاون مع الدعم السريع وأصبحت الأزمة متركزة هناك وهناك.
وأكدت تقارير حول الوضع الإنساني مدعمة بشهادات من 19 متطوعا في مجال العمل الطوعي وسكان عاديين في 11 ولاية، تفشي المجاعة في تلك المناطق، وتحديدا في 97 منطقة هم موجودون بها أو قريبين منها.
وقال متطوعون في بحري بحسب التقارير، إن 49 شخصاً لقوا حتفهم مؤخراً بسبب الجوع في مناطق مختلفة من المدينة، التي تخضع لسيطرة شبه مطلقة لقوات الدعم السريع منذ بدء الحرب في منتصف أبريل 2023.
وانخفض إنتاج الحبوب في السودان بمعدل 40 في المئة خلال الفترة بين 2022 و 2023، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
وذكر صندوق النقد الدولي أن نصف السكان في السودان عاطلون عن العمل الآن. كما أن النظام المصرفي قد انهار، ولا يمكن سحب الأموال من فروع المصارف. ومن الصعب إرسال أو استقبال الحوالات المالية.
ووفقاً لتقارير عدة، فإن أسعار المواد الأساسية كالعدس والأرز ارتفعت بمعدل 400 أو 600 في المئة في عموم البلاد.
ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني