Monday , 16 September - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

معركة الإغاثة في السودان .. من المسؤول عن تجويع ضحايا الحرب ؟

طفلة نائمة بين يدي والدتها بينما يقوم موظفون صحيون بقياس مستوى سوء التغذية لديها في مركز بمدينة بورتسودان ــ 1 مايو 2024

  منتدي الإعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة

اعداد وتحرير : صحيفة التغيير  

كمبالا : 15 أغسطس 2024- في الوقت الذي تشير فيه بيانات الأمم المتحدة إلى تهديد الجوع لملايين السودانيين، تنفي حكومة الأمر الواقع في بورتسودان وجود مجاعة وتشكك في دقة هذه البيانات.

الوضع في الخرطوم
يتجلى هذا التباين في تصريحات المسؤولين من جهة وواقع الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها السكان من جهة اخرى، تقول مسؤولة المكتب الإعلامي لغرفة طوارئ شرق النيل هند الطائف في حديثها لـ(التغيير) أن الأزمة الغذائية في الخرطوم قد تفاقمت بشكل كبير منذ بداية الحرب ..”فقد أدى نقص المساعدات الغذائية إلى الاعتماد الكامل على المطابخ التكافلية والسلال الغذائية التي يتم شراؤها من الأسواق المحلية. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد العديد من الأسر على دعم أبنائها وأقاربها في الخارج لمواجهة أعباء الحياة المتزايدة”.

وأكدت الطائف ان الأسعار في الأسواق تشهد زيادة كبيرة بشكل يومي، مما يعمق أزمة الغذاء ويزيد من معاناة المواطنين. علاوة على ذلك، كشفت عن بيع مواد غذائية منتهية الصلاحية في الأسواق، مما أسفر عن  عدد من حالات التسمم، خاصة في محلية شرق النيل.

الحكومة تشكك في تدهور الأوضاع الانسانية

في المؤتمر الصحفي الذي عقد هذا الشهر، بالعاصمة الإدارية بورتسودان، قلل وزير الزراعة أبوبكر البشري من خطورة الوضع، وأشار إلى أن عدد المتضررين ليس كبيرًا مقارنة بإجمالي السكان، وبالتالي لا يمكن وصف الوضع بالمجاعة. وعبّر البشري عن شكوكه في أرقام الأمم المتحدة التي تفيد بأن 755 ألف شخص يعانون من الجوع الشديد، كما أبدى تحفظه على قدرة الخبراء على جمع البيانات في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.

ورفض فكرة أن تتجاوز منظمات الإغاثة القيود المفروضة على توصيل المساعدات عبر الحدود، كما جدد رفض الحكومة فتح الحدود لمرور المساعدات، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى فتح ممرات مع دول معادية أو مناطق تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

الدعم السريع يتهم
بدوره اتهم مستشار قائد قوات الدعم السريع، نزار سيد أحمد، الجيش بالتحكم الكامل في دخول المساعدات الإنسانية ومنع وصولها إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وذلك كعقاب جماعي للمدنيين في تلك المناطق. وأشار إلى تصريحات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في منطقة الدبة، التي أعلن فيها منع دخول المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة قوات الدعم السريع. وقال لـ(التغيير) : من بين الأساليب المستخدمة لتحقيق ذلك، كانت عدم منح أذونات دخول للعاملين في المجال الإنساني وحرمانهم من التأشيرات، بالإضافة إلى فرض قيود أخرى متعمدة.

استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية ابراهيم كباشي في مقابلته مع (التغيير) اعتبر أن التصريحات التي أُدلي بها وزير الزراعة حول إغلاق الحدود أمام المساعدات الإنسانية في هذا الوقت غير مناسبة، واكد ان من الضروري تبني خطاب دبلوماسي يتناسب مع الوضع الراهن، حتى وإن كانت هناك تحفظات حول استخدام العمليات الإنسانية كمدخل للتسليح،.واردف : رغم أن هذه التحفظات قد تكون مبررة، إلا أن الرسائل التي يتم توجيهها يجب أن تُعبر بلغة تأخذ في اعتبارها المواطنين.

اجراءات الجيش وتأثيرها على الأزمة
الأمم المتحدة أكدت انها مضطرة لاحترام، أمر الجيش بعدم العبور، مما يضطر شاحنات المساعدات للسفر مسافة تزيد عن 300 كيلومتر شمالاً إلى معبر “الطينة”، الذي تسيطر عليه “ميليشيا” متحالفة مع الجيش السوداني، حيث يُسمح لها بالوصول إلى دارفور. وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

وقال التقرير ان الجيش “يعمّق أزمة الجوع بين المواطنين، بمنعه إدخال كميات هائلة من المساعدات المرسلة من الأمم المتحدة عبر المعابر الحدودية”.

ونقلت الصحيفةعن جماعات إغاثية أن هذه المساعدات ضرورية لمنع حدوث آلاف الوفيات، وأن رفض إدخال المساعدات من مثل هذه المعابر يؤثر في ما لا يقل عن 2.5 مليون سوداني.

واعتبرت أن التذرع بتهريب الأسلحة “لا معنى له”، إذ يمكن أن تستمر الأسلحة والمقاتلون في التدفق للسودان، الذي يمتلك حدودا في تلك المنطقة طولها أكثر من 1400 كيلو متر، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على العديد من نقاطها.

عقبات امام المساعدات الانسانية
“الطائف” اعتبرت أن الجيش ليس وحده من يعرقل وصول المساعدات الإنسانية، بل الطرفان، قوات الدعم السريع والقوات المسحلة، من خلال منع دخولها للبلاد، أو الاستيلاء عليها، أو حتى مصادرتها والتضييق على المتطوعين العاملين في غرف الطوارئ والمنظمات الإغاثية.

إحدى مشاكل النزاع الحالي في السودان،هي العبث بالأزمة الإنسانية، حيث تُستخدم الأوضاع الإنسانية كوسيلة للمساومة مع المجتمع الدولي والمحلي، كما رأى استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، وقال: من المؤسف أن الوضع الإنساني أصبح جزءًا من الاستراتيجية العسكرية والسياسية، متجاهلاً حقوق المدنيين الأساسية في الحصول على الغذاء والمأوى خلال الصراع، واعتبر ان الأزمة الإنسانية تتفاقم بشكل متسارع، مع وجود مؤشرات على مجاعة محتملة، رغم بعض الأخبار الإيجابية من مناطق الإنتاج، الا ان الموارد الأساسية  تتعرض للاستغلال من قبل الأطراف المتنازعة لتعزيز مواقعهم العسكرية، مما يزيد من معاناة المدنيين.

مصير المعونات
على قلتها، نشأت اسواق سوداء لبيع المساعدات الانسانية، من قبل التجار، منسق مبادرة “نساء ضد الظلم” احسان عبد العزيز، اكدت لـ(التغيير) ان المجموعة اهتمت مبكرًا بقضية المساعدات الإنسانية وأهمية وصولها إلى المناطق المتأثرة بالحرب عبر فتح الممرات الآمنة، كما أجرت حوارات مستمرة حولها وراقبت ما يحدث من فساد وبيع في الأسواق رغم ندرتها، وتابعت.. “في20 نوفمبر 2023، خلال انعقاد مؤتمر القضايا الإنسانية، بالقاهرة، وجهت المجموعة برقية أكدت فيها معوقات وصول الإغاثة إلى مستحقيها، واشارت المجموعة  إلى الفساد وضعف التمويل لمنظمات الإغاثة العاملة في السودان. ”

وفي ردها على سؤال (التغيير) عن مصير المساعدات، قالت الطائف: “نحن لا نعرف حقيقةً أين تذهب الإغاثات. رأينا صوراً لبيعها في بعض الولايات، واستيلاء بعض القوات عليها، ولكن لا نعرف إن كانت قد استخدمت أم لا، وإذا كانت قد استخدمت، فإننا لا نملك فكرة عن مكان استخدامها أو كيفية ذلك”

مستشار قائد الدعم السريع اكد ان عمليات بيع المساعدات من قبل الجيش تمت بالفعل في بورتسودان وشمال السودان وقد ضبط الدعم السريع كميات من المساعدات في تشوين القوات التي قام بأسرها في مناطق بحري، وبرأ سيد احمد الدعم السريع من استخدم اي مساعدات لانها في الأصل لم تصل إلى مناطق سيطرته واعتبر ان الجيش هو  من حول المساعدات لتغذية قواته في المعسكرات التي قام بفتحها للمجاهدين وكتائب الحركة الإسلامية.

ولم يتسن لـ(التغيير) الحصول على رد من الناطق الرسمي باسم الجيش رغم الاتصال به.

تأثيرات جنيف

بشأن مفاوضات “جنيف”، اشار سيد احمد الى ان المباحثات التي كانت تعنى بالشأن الانساني  لم تفشل بدليل دخول طرفي الصراع في محادثات مباشرة مع الامم المتحدة واتفاقهم على عدد من النقاط المهمة التي تم رفعها إلى الامين العام للأمم المتحدة.

أما دكتور كباشي فقد أوضح ان مفاوضات “جنيف” شهدت تغييرات كبيرة، حيث يُنظر إليها الآن وكأنها تتعامل مع صراع بين دولتين أكثر من كونها مجرد مجموعة من الأطراف المتنازعة، ورأى ان هذا التوجه يُعتبر مؤشراً خطيراً على تعقيد الصراع.

واعتبر كباشي ان الملف الانساني في جنيف، خضع  لاعتبارات أمنية وسياسية أكثر من خضوعه للاحتياجات الحقيقية للمجتمع السوداني. وذكر ان عدم مراعاة  تلك الاحتياجات في جنيف  يعد فشلًا في إدارة الحرب بأبعادها الأخلاقية الإنسانية مما دفع بالقوة الراعية للمفاوضات إلى ضرورة اتخاذ خطوات جديدة تركز على معالجة جذور الأزمة.

 

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات  المؤسسات  والمنظمات الإعلامية والصحفية  الأعضاء  بمنتدى الإعلام السوداني

#ساندوا_السودان

#Standwithsudan