صندل: المؤتمر الوطني هو من أشعل الحرب ضد الدعم السريع
أديس أبابا 6 يونيو 2024 – قال رئيس حركة العدل والمساواة السودانية، سليمان صندل، إن الحرب الدائرة في السودان ضد قوات الدعم السريع تقودها مجموعات تابعة للمؤتمر الوطني في الجيش.
وانشق صندل وعدد من قيادات حركة العدل والمساواة العام الماضي، عن الحركة الأم التي يرأسها جبريل إبراهيم الذي أعلن انحيازه للجيش ودفع بقوات من حركته للقتال بجانبه ضد الدعم السريع، بينما انخرطت مجموعة صندل في المعسكر الداعي لوقف الحرب.
وقال سليمان صندل في مقابلة مع سودان تربيون إنه: “منذ بداية الحرب التي أشعلها المؤتمر الوطني والفلول وجيشهم، هاجموا كل معسكرات الدعم السريع من أجل العودة إلى السلطة، وبعد فشلهم في ذلك توجهوا إلى التفكير في إنشاء ميلشييات جديدة”.
وأردف: “إنه أسلوب قديم متجدد، خاصة وأنهم اعتادوا على خلق المليشيات والحروب القبلية بين القبائل. نفس السياسة استخدمت في دارفور والجنوب، وهي سياسة الانقسامات السائدة”.
وأشار صندل إلى أن الهدف الرئيسي للحرب في شمال دارفور الآن هو تمرير خطة واضحة لتسليح القبائل مستغلة التناقضات والمشاكل الداخلية بينها.
وتابع: “الآن يصرون على ذلك، لكن بالوعي الثوري لدى المواطن، يتضح أن هذه الحرب ليس لها أي علاقة بالقبائل، بل هي حرب بين المؤتمر الوطني والجيش التابع له والدعم السريع”.
تعبئة القبائل
وتحدث صندل عن أن فشل من اسماهم الفلول والجيش ومليشياته في الحرب، دفعهم إلى تجييش الشعب السوداني.
وقال: “أسباب الحرب هي مسألة الاتفاق الإطاري الذي حدث بين الحرية والتغيير والقوات المسلحة والدعم السريع، والهدف منها هو عودة النظام القديم إلى السلطة”.
ورأى كذلك أن من أسباب التطور التاريخي للحروب المظالم التاريخية سواء كان في تقاسم السلطة والثروة، إضافة إلى عدم الاتفاق على مشروع سياسي موحد يحكم السودان على أساس العدالة والمساواة.
وأشار إلى أن التفكير في استنفار القبائل وتحديداً قبيلة الزغاوة والاستفادة من التناقضات الموجودة في المنطقة ومحاولات النيل من المكونات الاجتماعية، سياسة قديمة ومتجددة. ووصف تلك السياسة بالفاشلة.
كما أشار إلى أن المؤتمر الوطني يصر على خلق مليشيات وجعل القبائل الأخرى تتقاتل مع بعضها البعض، وهو الأسلوب المتبع منذ فترة طويلة في الحرب في دارفور والجنوب، مؤكداً أن هذه السياسة ستفشل هذه المرة من خلال وعي السودانيين.
لكن قبل ذلك، نبه صندل إلى محاولة تعبئة قبيلة الزغاوة عبر مجموعات تابعة للمؤتمر الوطني اختفت خلال ثورة ديسمبر، لكنها عادت الآن إلى الظهور وتمارس نفس الممارسات القديمة والقبيحة.
وتابع: “هم شلة انتهازية ليس لها علاقة بالوطن وفي نهاية المطاف سيفشلون في توظيف القبيلة. القبيلة كيان اجتماعي والزغاوة موجودون في الدعم السريع والجيش وجزء مع الفلول وآخر محايد كغيرهم من القبائل”.
ووصف تأييد مجلس شورى قبيلة الزغاوة للجيش بالمحاولة “اليائسة والفاشلة” لتوظيف هذا الجسم الاجتماعي لأغراض سياسية، واعتبرها أهدافاً لمجموعة من “الانتهازيين” لدفع القبيلة إلى الحرب.
ونفى صندل أن يكون للقبيلة أي علاقة بالحرب التي اندلعت بالخرطوم لأسباب معروفة بين القوتين، مشيداً بالجهود التي بذلها الشباب والشابات والإدارة الأهلية والقوى السياسية ودورهم في تأكيد أن هذه الحرب ليس لها علاقة بالقبائل.
وقال إن تلك الجماعات هي مجموعات فاشلة ومهزومة، واستبعد في نهاية المطاف أن تتحول الحرب إلى حرب إثنية أو قبلية، مؤكداً أن الحل الوحيد هو الذهاب إلى التفاوض، وزوال المؤتمر الوطني نهائياً.
الوضع في الفاشر
من ناحية أخرى، قال صندل إن قضية سقوط مدينة الفاشر ليست مطروحة على الطاولة لأنها قضية عسكرية، مؤكداً أن الحل الوحيد هو وقف الحرب والذهاب إلى التفاوض.
وأكد أن المدينة تعيش ظرفاً صعباً ووضعاً إنسانياً قاسياً للغاية على كافة المواطنين، مضيفاً أن الحركة منذ البداية تحدثت عن ضرورة وقف الحرب، وتقود حالياً الجهود والمبادرات حول كيفية إنشاء مجتمع محلي، ووقف إطلاق النار على المستوى الإقليمي.
وكشف صندل، خلال المقابلة، أن القوات المحايدة تخطط لإعادة تشكيل القوة المشتركة بعد خروج الحركات التي انضمت للمؤتمر الوطني وميليشياته، وجيش البرهان، لتقاتل إلى جانبها وفق تعبيره.
وأعيد تشكيل القوات المشتركة من قوات الحركات المسلحة في أواخر أبريل 2023 لتولي مهمة توصيل وانسياب المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في الفاشر.
ومضى في حديثه: “التفكير الآن حول خيارات بتسلم المدينة لحركات الكفاح المسلح المحايدة، وخروج كل من الدعم السريع والجيش خارجها ومن ثم الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار محلي حتى يمكن من إيصال المساعدات الإنسانية”.
ووصف صندل الوضع الحالي في الفاشر بأنه حرج للغاية، مشيراً إلى أن الحل الوحيد هو الذهاب إلى المفاوضات أو العمل على التوصل إلى وقف محلي لإطلاق النار بين الجماعات المتحاربة.
وأكد أنهم على استعداد للعب دور إيجابي والتعاون الكامل مع كافة الأطراف وكذلك الأطراف الأخرى بما فيها المنظمات الدولية والمحلية والشباب والإدارة الأهلية والقوى السياسية المتواجدة في الفاشر من أجل وقف الاشتباكات والحرب بأي شكل من الأشكال.
وأكد صندل مساهمة القوة المشتركة في إقليم دارفور من خلال عملهم الكبير، خاصة في مسألة إيصال الإغاثة وحماية المدنيين سواء في الأعمال الطبية والصحية والزراعية والاجتماعية وغيرها.
وأضاف: “لكن بعد خروجهم من الحياد كان ذلك هو السبب في إشعال الحرب من جديد في دارفور، خاصة في الفاشر، وتركهم الحياد واتباع تعليمات جماعة بورتسودان الإجرامية التي تعمل على مواصلة الحرب”.
وأكد، في غضون ذلك، أن هناك حركات ملتزمة حتى الآن بالحياد، وهي حركة العدل والمساواة السودانية، وحركة تحرير السودان- المجلس الانتقالي، وتجمع قوى تحرير السودان، والتحالف السوداني.
وكشف عن تحركات لإعادة تشكيل القوة المشتركة والعمل معًا لطرح عدة مقترحات لوقف إطلاق النار محليًا وإخراج كافة القوات من الفاشر والتواصل مع المنظمات الدولية لإيصال الإغاثة وفتح الممرات الآمنة.
وأرجع الإصرار على إعادة هيكلة القوة المشتركة إلى أن الوضع معقد للغاية، ومن أجل وقف الحرب وإعادة الأمور إلى طبيعتها، الأمر الذي يتطلب جهداً كبيراً وإرادة سياسية وصدق جميع الأطراف.
المبادرة المصرية
وتعليقاً على المبادرة المصرية لجمع القوى السياسية السودانية نهاية يونيو الجاري، قال صندل إنه ليس لديه تفاصيل كاملة عن المبادرة.
وتابع: “لكن مصر دولة مهمة ومحورية في القضية السودانية، وعليها أن تلعب أدواراً إيجابية خاصة وأنها تمتلك القدرة والإرادة لوقف الحرب”.
ورحب بالمبادرة قائلاً: “إذا كانت هناك أي مبادرة مصرية فهي موضع ترحيب لنا جميعاً، ونعمل على إنجاح أي مبادرة من أجل وقف الحرب، وهو أمر إيجابي”.
وبيّن أن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” طرحت “المائدة المستديرة” من أجل جمع كل القوى السياسية المؤمنة بوقف الحرب وثورة ديسمبر المجيدة، بغية توسيع الجبهة العريضة لوقف الحرب والحل السلمي، مؤكداً أنّ أي مبادرة مرحب بها والعمل جميعاً من أجل ذلك.
مؤتمر تاريخي
ووصف صندل المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” بالتاريخي، لجهة أنه جمع بين القوى السياسية والمدنية والشباب، والنساء وحركات الكفاح المسلح في الجبهة الثورية، معتبراً أن السودان يحظى لأول مرة بهذا المؤتمر الواسع الكبير.
واعتبر أن التجمع بهذا المؤتمر التأسيسي قد عبر عن القطاع الأكبر من الشعب السوداني، وهو ما اعتبره نجاحاً كبيراً وباهراً لأن المؤتمر نفسه احتوى على الرؤية السياسية وكيفية حل المشكلة القائمة الآن. وأضاف أن الهدف الأهم والرئيسي والأساسي هو وقف الحرب، بالإضافة إلى تحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة.
أشار صندل إلى أن هناك فرقاً كبيراً فيما وصفه بوقف الحرب الحالية وإنهاء الحروب في السودان الذي شهد حروباً كثيرة منذ الاستقلال، مشيراً إلى أن اللحظة مناسبة لإنهاء الحرب من خلال معالجة هواجس الأزمة السودانية والأسباب التي أدت إلى الحروب.
وقال صندل، إن الشعب السوداني والسودانيين في الخارج واللاجئين لديهم دور كبير يجب القيام به، يتمثل في الضغط على حكومة الأمر الواقع، لكي تستجيب لرغبة الشعب والمضي في استرداد الشرعية عبر كل المواقف السياسية من المخاطبات، والعمل على تشكيل حكومة شرعية.
وحذر من أن فشل الحل التفاوضي والسلمي بما يتوجب على الشعب السوداني اتخاذ خطوات جادة لنزع الشرعية وتشكيل حكومة من قوى سياسية تؤمن بالحرية والديمقراطية والمدنية، وأهداف ثورة ديسمبر المجيدة، التي ستكون بمثابة حكومة شعبية عريضة تهتم بشؤون البلاد لوقف الحرب وإحلال السلام.