Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

من عجائب قدرة الله في حرب السودان

الجميل الفاضل

الجميل الفاضل

فصلٌ من عجائب قدرة الله يُكتب على أرض السودان الآن، نراه رأي العين. إنه فصلٌ أتى ليعلّم الذين ظلموا وتطاولوا ببنيان ظلمهم الفاحش من إسلاميي السودان، هذا البنيان الذي ناطحوا به السحاب أو كادوا، إلى أي منقلب سينقلبون في النهاية.

فالظالم يمر بأربع مراحل كما يقول أهل العلم:

  1. مرحلة الإمهال والإملاء: “وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ”.
  2. مرحلة الاستدراج: “سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ”.
  3. مرحلة التزيين: “وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ”.
  4. مرحلة الأخذ: “حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً”.

إن ارتقاء الظالم بظلمه المتناسل والمتنامي، وإن علا به أعلى المراقي، ومهما تطاول بأثره ومكثه وبقائه في الملك والسلطان، فإن هذا التعالي لا يعني بأي حال من الأحوال أن خالق الناس غافل عما صنعت هذه الجماعة بالناس في هذه البلاد.

بالطبع، كلما أخذت هذه الفئة الإخوانية الباغية العزة بالإثم الكبير الذي باءت به خلال خمس وثلاثين عاماً، وبالمظالم التاريخية الهائلة التي ارتكبتها بحق هذا الشعب في عهدها، فإن ذلك سيضعها لا محالة في خانة متقدمة من خانات القوم الخاسرين، إذ يقول سبحانه وتعالى عن أمثالهم: “أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ”.

وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته». ثم قرأ: “وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ”.

فقد ازدادت هذه الجماعة بهروبها إلى الأمام اليوم، استكباراً وترفعاً وعناداً، من شأنه أن يجعل سقوطها الحتمي مدوياً ومرعباً، بل وفادح الثمن لها أولاً، وكذا لغيرها، على قاعدة الإنصاف المطلق التي تقول: “وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ”.

فحرب الخامس عشر من أبريل من العام الماضي، تمثل في الحقيقة وبصدق، ضرباً من ضروب ارتداد الكيد إلى النحر، وصورة لكيف يمكن أن يحيق المكر السيء بأهله. ولكيف يمكن أن يجعل الله تدبير قوم هو في تدميرهم. إن مجريات هذه الحرب برمتها تعكس نموذجاً مثالياً لمعنى ضرب الظالمين بالظالمين، وإن لم يخرج منها بعض الأبرياء سالمين.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده”. فالذين تجمعهم المصالح والنفاق يسلط الله بعضهم على بعض، حيث قيل: “من أعان ظالماً سلطه الله عليه”. وهذه حكمة مصداقها في القرآن قوله تعالى: “وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ”.

وفي ذات السياق، قال مالك بن دينار: قرأت في الزبور: “إني أنتقم من المنافق بالمنافق، ثم أنتقم من المنافقين جميعاً”. وبمثل قوله، قال الفضيل بن عياض: “إذا رأيت ظالماً ينتقم من ظالم فَقِفْ، وانظر فيه مُتَعَجِّباً”.

وعدد ابن القيم الجوزية مآلات الظالمين ومداخل ظلمهم قائلاً: “قد شاهد الناس عياناً أنه من عاش بالمكر، مات بالفقر، وأن من مكر بالباطل مُكر به، ومن احتال احتيل عليه، ومن خادع غيره خُدع”.

وهكذا رأينا ما حاق بشيخ هذه الجماعة المخاتلة الذي أوحى لقائد انقلابه في العام 1989، عمر البشير، بآية من آيات المكر والغش والخداع، قائلاً له: “اذهب إلى القصر رئيساً، وسأذهب إلى السجن حبيساً”.

ولهذا أورد ابن القيم في معرض استدلاله على مصير أهل الخداع قوله تعالى: “إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ”، وقوله تعالى: “اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ”، مشيراً إلى أنك لا تجد ماكراً إلا وهو ممكور به، ولا مخادعاً إلا وهو مخدوع، ولا محتالاً إلا وهو محتال عليه.

في النهاية، فإن ما تشهده بلادنا لما يزيد عن عام هو فتنة كبرى توجب اتباع نصح المصطفى في التعامل مع أمثالها، لقوله صلى الله عليه وسلم: “تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من يستشرف لها تستشرف له، ومن وجد منها ملجأً أو معاذاً فليعذ به”.