Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

هل يخطط الجيش السوداني لتكوين حكومة طوارئ؟

ياسر العطا

بورتسودان 21 مارس 2024- تَعج الساحة السودانية المُثخنة بالحرب هذه الأيام بدعوات ومحاولات ومُبادرات لتشكيل حكومة تحت مسميات مختلفة، تترافق معها تحركات لقوى سياسية وجماعات مؤيدة للقيادة العسكرية لتوقيع ميثاق مشترك يضمن مشاركتها في ائتلاف مستقبلي يضمن لها حصة في السلطة خلال فترة ما بعد الحرب.

ولا تخفى تلك الجماعات مساعيها للوصول إلى صيغة تشاركية مع الجيش في السلطة بعدما أكد مساعد القائد العام للجيش السوداني ياسر العطا، في تسجيل فيديو نشر على نطاق واسع بداية الأسبوع، عدم تسليم السلطة للمدنيين وإقامة حكومة برئاسة البرهان، وسبق ذلك بالدعوة لتكوين حكومة طوارئ.

وعلى وقع تلك التصريحات التي بعث بها مساعد القائد العام للجيش، تحركت تلك القوى تحت مسمى جديد هو “تنسيقية القوى الوطنية” بزعامة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، وعقدت لقاءاً بقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وأعلنت نيتها توقيع إعلان سياسي مع الجيش وتكوين حكومة انتقالية.

توقيت الميثاق

يُدافع الأمين العام لتنسيقية القوى الوطنية المكونة حديثاً محمد سيد أحمد سر الختم “الجاكومي” عن افتراع فكرة التوقيع على ميثاق أو مشروع مع الجيش، مبدياً في حديث مع «سودان تربيون» استغرابه من انقسام الناس حوله بين مؤيد ومعارض قبل رؤيته ودراسته.

وذكر الجاكومي، أن لديهم تجارب سياسية وصفها بالثرة بحيث لا تسمح بانزلاق التنسيقية في آتون الوصاية وإقصاء الأخرين وتجسير ذلك الميثاق لمصلحة مجموعته.

وقال إن التنسيقية ستطرح مشروعاً وطنياً يتوافق عليه معظم أهل السودان، كما سيحمل في طياته التوافق لأن التنوع الذي تحظى به التنسيقية يشكل توافقاً لافتاً بين مكوناتها.

وطالب الجاكومي، منتقدي المشروع ومن سماهم بالذين يحاولون الحديث باسم الشعب السوداني وقواه السياسية الحضور إلى بورتسودان لرؤية كيف سيستقبلهم الشعب.

وأكد أن دعوة التنسيقية لحوار سوداني – سوداني بلا إقصاء لأحد، تُوجب أن يكون الحوار شاملاً بما في ذلك حزب المؤتمر الوطني وشاملاً لكل القوى السياسية الأخرى دون تحفظ على أحدٍ أو ادعاء الوصاية.

ويرى الجاكومي، أن من يدعي الوصاية على الشعب السوداني عليه الذهاب إلى انتخابات مبكرة لجهة أن الفترة الحالية هي فترة انتقالية لا وصاية فيها لأحد حتى المجموعة التي تسمي نفسها “تقدم”- وفق قوله.

وأضاف أن الدعوة للحوار الذي يشمل المؤتمر الوطني وخلافه هم ليسوا الجهة التي تتبناه أو تتولى ادارته إنما جهات أخرى مثل الايقاد مع الاتحاد الأفريقي وفق آلية يتم التوافق عليها لإدارة الحوار مما يعني أن التنسيقية سيتم دعوتها كما الأخرين.

وفي المقابل، يقلل المحلل السياسي صلاح الدومة في حديث لـ«سودان تربيون» من تلك الاطروحات باعتبارها جزء مما يسميه “الألاعيب المستمرة للمؤتمر الوطني”.

وينظر الدومة، للفكرة والغرض منها من ناحية تشكيل تحالف قبل الفترة الانتقالية بين مدنيين وعسكريين وعندما تنتهي فترة حكم العسكريين ويأتي الدور على المدنيين يتم الانقلاب عليهم وتستمر المجازر والحروب وإنشاء مليشيات جديدة كما هو الحال الآن في كسلا وبورتسودان سواء من حاملي السلاح في دارفور أو غير ذلك.

ويذهب المحلل السياسي محمد إدريس، إلى منحى أخر هو محاولة قيادة الجيش استباق الخطوات والضغوط الجارية من عدة أطراف خارجية عليها لصنع واقع محدد وفرضه على الطاولة عند استئناف التفاوض والمحادثات.

ويقول إدريس، لـ«سودان تربيون» إن الوضع الحالي ومع واقع الأوضاع الميدانية والتحركات الإقليمية والدولية تجاه الأزمة السودانية خاصة التوجهات الأمريكية، تحاول قيادة الجيش وضع مؤيديها وواجهات النظام السابق داخل العربة لضمان وصولهم لمحطة التسوية المقبلة بعد ايقاف الحرب.

البحث عن موطئ

ويعتقد عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الريح محمد عثمان، في حديث لـ«سودان تربيون» أنه بعد اشعال عناصر النظام البائد للحرب وما ترتب على ذلك من أوضاع عسكرية سيئة ميدانياً بات الخيار الأقرب أن يكون هناك اتفاق بين الدعم السريع والمؤتمر الوطني.

ويؤكد أن ذلك لم يتيسر حتى هذه اللحظة بل لا توجد له منافذ لجهة أن الدعم السريع لم يبدي أياً من أنواع المرونة تجاه ذلك وصار الترويج حالياً لاتفاق بين المؤسسة العسكرية والدعم السريع ليكون هناك اتفاق يضمن وجود المؤتمر الوطني داخل السلطة.

ووضع الريح، الكيانات الأخرى الملتحقة بالسلطة سواء مجموعات عقار أو الجاكومي أو التحالف المضاد للحرية والتغيير في سلة الباحثين عن موطئ قدم في التسوية السياسية المقبلة حال وقُعت بين المؤتمر الوطني والدعم السريع أو كانت ما بين الدعم السريع والجيش بوجود القوى المدنية والتي تعتبر محاولات أن يكون لهم موضع قدم في السلطة.

ويرى عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، الاطروحات الماضية بأن يكون هناك حواراً شاملاً لا يستثني أحد عبارة عن نقاش ابتدره حزب المؤتمر الوطني نفسه على لسان البرهان قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021، وسار به تحالف الكتلة الديمقراطية.

ويصف الريح، الكيانات والمجموعات المرددة لحوار سوداني- سوداني بمشاركة المؤتمر الوطني، بالمفعول بهم وليسوا الفاعل الرئيس في إنتاج الحوار بين القوى المدنية والمؤسسة العسكري، بل يبحثون عن مكان ويحاولون الاصطفاف ليكونوا في جانب الجيش ليضغط على القوى المدنية لاستيعابهم في اي تسوية قادمة.

وثمة جانب أخر يشير إليه الريح، بأن تلك الكيانات ليس لها موقف أصيل في التحول الديمقراطي أو ايقاف القتال والحرب بل تبحث فقط عن الجهة التي يمكن أن تضمن لهم حصة في السلطة.

ويضع الريح، لتلك الاطروحات حداً فاصلاً لمشاركة المؤتمر الوطني وجعله جزء من معادلة الانتقال لأن في رأيه انه تنظيم لطالما ظل موجوداً داخل المؤسسة العسكرية وإنه لا يمكن أن يكون هناك انتقال في السودان ولن يكون هناك استقرار أو ايقاف للحرب بوجوده.

مؤكدا أن المؤتمر الوطني لا يمكن مكافأته على اشعاله الحرب وتمزيق البلاد وجرها للحرب الأهلية من خلال اعطائه الشرعية السياسية، بل يجب تصنيفه كجمعية أو جماعة إرهابية بالكامل ويحظر من العمل السياسي في السودان ويلاحق قيادته وأفراده المتورطين في هذه الحرب وزيادة استعارها.

بلا قيمة

وعّد الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان، مسألة توقيع تنسيقية القوى الوطنية بزعامة عقار والجيش لإعلان سياسي بلا قيمة.

وقال شريف، لـ«سودان تربيون» إن توقيع تلك الكيانات لاتفاق مع الجيش لا يمثل قيمة لأنها مجموعات منخرطة مع قيادة الجيش منذ انقلابهم ويعملون في هذه اللحظة في جبهة واحدة ويدعمون الحرب.

ولفت إلى أن القوى السياسية والمجموعات والأفراد الذين انخرطوا في انقلاب 25 أكتوبر، هم في ذات وجهة قوى الانقلاب الممثلة في النظام القديم وقائد الجيش وقائد الدعم السريع الذي أعلن لاحقا انسحابه واعتذاره عن الانقلاب، كلها متماهية ومتحالفة مع المؤتمر الوطني للعودة للسلطة بشكل مشترك وتقوم بتأسيس تحالفات مثل تحالف القوى الوطنية لاستنساخ مولود مشوه شبيه بما تعمل عليه قوى مدنية أعلنت في 8 سبتمبر وقبل انقلاب 25 أكتوبر، تكوين تحالف قوى الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية.

ويشدد الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني في حديثه لـ«سودان تربيون» على عدم ان المؤتمر الوطني ليس تنظيماً سياسياً طبيعياً بإثبات التجربة فهو صاحب ذراع أمني وعسكري داخل المنظومة الأمنية، ولديه زراع أمني وعسكري خارج المنظومة الأمنية موازي.

ويرى شريف، أن المؤتمر الوطني لا تنطبق عليه مواصفات التنظيم السياسي، ويعتبر تنظيم إجرامي وارهابي خرب مؤسسات الدولة ومستمر في تخريب السودان لذلك يجب تصنيفه كتنظيم ارهابي وعزله ومحاسبة كل منتسبيه جراء الانتهاكات والجرائم التي ارتكبوها وأخرها حرب 15 أبريل.

وأكد أن القوى الديمقراطية تتحدث عن عملية سياسية واسعة بمشاركة طيف واسع من السودانيات والسودانيين بمختلف مكوناتهم يستثنى منها هذا التنظيم وواجهاته التي بدأت رحلة الصعود للسطح خلال الفترة الماضية ما قبل الحرب بفترة وجيزة وبعدها مباشرة.

وذكر أن دعوة المؤتمر الوطني لحوار سوداني- سوداني يعزز الفرضية الأولى وما قيل قبل الحرب وبعدها بأن هذا التنظيم يسعى بكل أدواته الأمنية والسياسية ويستثمر كل جهده للعودة للسلطة على جماجم السودانيين.

الاستقواء بالجيش

ويعتقد القيادي في الكتلة الديمقراطية مبارك أردول، أن المجموعة يقودها نائب رئيس مجلس السيادة ارتكبت خطأ وتسرعت للالتقاء بقائد القوات المسلحة والانفراد به دون تكليف أنفسهم بلقاء القوى السياسية والكتل الأخرى للاتفاق على الحد الادنى من القضايا الوطنية، او خلق حشد شعبي وتوافق إقليمي على الاقل حول الخطوة.

ووصف أردول الخطوة على منشور بصفحته الشخصية على «فيسبوك» بعملية التسييس للجيش والاستقواء به وإدخاله في المعترك السياسي واصطفافه مع قوى سياسية بدلا عن النزعة القومية التي يجب أن يحافظ عليها ويتمتع بها وحفظه على المسافة المتساوية مع كل الأطراف في البلاد، ودون استثناء لاي طرف حتى تقدم والمؤتمر الوطني إلا إذا حداه القانون.

ويضيف: “أن القوات المسلحة لا يمكن أن تكون ظهيرا سياسيا لقوى مدنية اي كان ، وبل لا يمكن ان توقع مواثيق سياسية مع اي من القوى السياسية فهذا ليس من مهماها”.