عثمان عمر الشريف..فارس المنابر الذي ترجل
حاتم السر سكينجو المحامي
اصبحنا في كل يوم نُفْجَعُ بخبر رحيل عزيز لدينا الي دار البقاء والخلود الأبدي، حيث فُجِعْنا مؤخراً بنبأ وفاة الزعيم الوطني والقائد السياسي المناضل الكبير عثمان عمر الشريف الذي وضع عصا ترحاله وترجل عن صهوة جواده وغادر الدنيا الفانية.
رحل الشقيق الزعيم عثمان عمر الشريف فارس المنابر وخطيب الأمة السودانية،رحل أبو السياسة وأَخُ النضال وشقيق الثوار وقائد الأحرار ،رحل صاحب القلب الابيض واليد النظيفة والكلمة العفيفة .
ترجل الفارس عن صهوة جواده وودع الدنيا بعيدا عن داره واهله وعشيرته ومحبوبته ود مدني بسبب الحرب الغاشمة ،ودفن في غير تربة ود مدني التي نشأ وترعرع فيها وعشقها وضحي في سبيلها وحملته جماهيرها علي الاعناق ممثلا لها في آخر برلمان سوداني منتخب ، رحل الشريف في القضارف وسط حزن عميق بين الاتحاديين وبصفة خاصة في أوساط من كان لهم شرف العمل معه خاصة من عاصروا بداياته وأصبحوا رفقاء دربه في رحلة العطاء والكفاح والنضال.
وكأني هناك ببيت الشقيق عثمان عمر في قلب ود مدني عاصمة الجزيرة يعيش حالة من الفراغ ويخيم عليه الصمت القاتل بعد فقدانه لمن كان يملأه حديثًا بكلماته وخطبه ودروسه الوطنية التي كان يلقيها في المنتدي المقام بداخل داره العامرة للرواد من ابناء مدني الذين سوف يفتقدونه ومن لهم بعده ؟.
نظم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بمقره بالقاهرة فعالية تأبينية لفقيدي الوطن والحزب المغفور لهما باذن الله تعالى مولانا الشيخ الامين أبوقناية رئيس الحزب بولاية الجزيرة وعثمان عمر الشريف المشرف السياسي للحزب علي ولاية الجزيرة ،وذلك يوم الاربعاء الماضي الموافق 15 فبراير 2024 حضرها مولانا السيد عبدالله الميرغني المحجوب ممثلًا لوالده مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل مرشد الختمية وشارك فيها قادة ورموز الاتحاديين بمختلف تياراتهم،وحضرها عدة هيئات وفعاليات وشخصيات سودانية سياسية ونقابية وحقوقية وعسكرية ودبلوماسية وفعاليات نسائية ولفيف من ابناء وبنات السودان المقيمين بمصر .
واستعرض المتحدثون محطات ومواقف هامة من حياة فقيد الوطن والحزب عثمان عمر الشريف أتت معبرة عنا ومرضية لنا ومغطية لكل مواقف ومشاهد ومناقب فقيدنا العزيز .جاءت شهادات وكلمات من تحدثوا متنوعة بتنوع زوايا نظرهم للفقيد فبعضهم من جيله الذي عاصره في كل مراحل النضال، وبعضهم من زملائه الأشقاء، وآخرين من تلاميذه وطلابه، أما شخصي الضعيف فاني أعتز وأفتخر كوني كنت أحد تلاميذ مدرسة الفقيد، تعرفت عليه وأنا طالب بالجامعة، حيث كان الي جانب آخرين يتولى مدرسة الكادر للطلاب والشباب والنقابيين.
ولي مع الفقيد عثمان عمر الشريف بعض الذكريات التي لا تمحى من الوجدان، فقد زارنا في مدينتنا البسابير عديد المرات ،كما تشرفت بالعمل معه ومرافقته في العديد من المناسبات ،وسافرنا سويًا داخل السودان وخارجه ممثلين للحزب مرات عديدة.وقد أتاحت لي الظروف معرفة الفقيد عن قرب وأشهد علي صحة كل ما قيل عنه اليوم في هذا التأبين .
وتفاديًا لتكرار ما قاله الأشقاء عن الفقيد العزيز اكتفيت بتلخيص كلماتهم في الليلة التأبينية الحزينة وهي بلا شك تمثلني تمامًا.
قدم وأدار الليلة التأبينية باقتدار الشقيق الدكتور عثمان سليمان الشايقي مستخدمًا كلمات وأبيات من شعر الزعيم الزين الجريفاوي شاعر الحزب طرحها بنبرة حزينة رافقته طيلة حديثه امام الحضور، قدم بها المتحدثين في اللقاء وقد أحسن الشايقي في استدعاء أشعار الجريفاوي وتوظيفها للربط بين المتحدثين ،لأن ما يجمع بين عثمان عمر والشاعر الزين الجريفاوي ان كلاهما كانا من رموز المقاومة والنضال الوطني بقيادة الشريف حسين الهندي .وان كلماتهما شعرا ونثرا كانت كالسهم والرمح الملتهب في ميادين المعركة من اجل عودة الديمقراطية .
وكانت خطب عثمان الشريف واشعار الزين الجريفاوي بما تسطراه بمداد من فخر تخاطب النفس البشرية، وتزرع فيها الحماس والشعور بالصمود أمام كل التحديات !!.
افتتح الحفل بآيات بينات من الذكر الحكيم وتلته مدائح من النور البراق في مدح النبي المصداق صلي الله عليه وسلم أداها منشد الطريقة الختمية علاء الدين عبدالمنعم ومن ثم كان إستهلال الحديث في الليلة التأبينية لفقيدي الحزب والوطن عثمان عمر الشريف ومولانا شيخ الامين ابوقناية للناطق الرسمي باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل الشقيق عمر خلف الله مرحبًا بالحضور جميعا مثمنا دور الفقيد النضالي في مختلف المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية والرياضية والانسانية مشيدا بتفاعل الفقيد مع أشقائه الاتحاديين في غرس قيم النضال والمبادئ الأساسية للعمل الوطني الشريف. مذكرًا بأن الفقيد الي أن رحل كان عضوًا بالهيئة القيادية العليا للحزب وكان مشرفًا سياسيًا للحزب الاتحادي الأصل علي ولاية الجزيرة.
-
- ومن جانبها تحدثت الشقيقة إشراقة سيد محمود عن مناقب الفقيد النضالية ايام الكفاح الوطني بقيادة الشريف حسين الهندي ضد النظام المايوي ودوره الكبير أثناء معارضة مايو في تزويد المعارضين داخل السودان وبالذات قطاع الشباب والطلاب والنقابات بالمعلومات وقيادة مختلف انواع العمل المعارض. مشيرة إلى بساطة وتواضع تعامل الفقيد عثمان عمر مع أشقائه وانضباطه في عمله الوطني وتكليفاته الحزبية وحرصه الدائم في أداء مهامه بالشكل المطلوب جعلته محبوب الاتحاديين بكل تياراتهم.
وقال الشقيق محمد الهادي الامين العام للحزب الوطني الاتحادي الموحد ان الفقيد عثمان عمر الشريف كان يتحلى بصفات أخلاقية وقيادية ويحظى باحترام وتقدير جميع اشقائه بالتيارات الاتحادية المتعددة، وقال ان مسيرة الفقيد السياسية الطويلة أكسبته تراكم معرفي كبير وخبرة سياسية كانت البلاد في أمس الحاجة اليها.
كما تحدث الشقيق السماني الوسيلة رئيس المكتب السياسي للحزب الاتحادي المسجل عن مواقف الفقيد عثمان عمر الشريف وجدارته باقتدار في تحمل المسؤولية الوطنية والحزبية في مختلف الحقب واخلاصه للحزب حتى وصل إلى هذه المكانة المرموقة بين جماهير الحزب العريضة والذي أصبح من خلالها رمزا ورائدا من رواد الحزب الاتحادي .ولفت الي أن الشريف زين العابدين الهندي هو من لقبه بالرمح الملتهب .
فيما تناول الشقيق أحمد عمر حضرة القيادي بالتجمع الاتحادي ونجل الزعيم الاتحادي المخضرم الخليفة عمر حضرة جوانب أبانت ما كان يربط بين والده والفقيد العزيز وانهما كانا نقطة تلقي تعليمات وتوجيهات الشريف حسين الهندي ونقطة انطلاق توزيع التكليفات والقيام بالمهام الصعبة والخطرة في مواجهة بطش وعسف نظام مايو القمعي.
وتحدث الشقيق عادل ابراهيم حمد رئيس حزب الاشقاء موضحاً ان حياة ومناقب الفقيد عثمان عمر الشريف كانت حافلة بالعطاء والنضال والتفاعل مع القضايا الوطنية بتجرد ونكران للذات وقال كان الفقيد متواصلًا مع كل الاتحاديين ومحبوبًا لديهم وكان أبا بارأ باهله وأسرته مشيرا إلى انه برحيل الفقيد قد حدث فراغا كبيرا وسط أشقائه الاتحاديين واهله وزملائه ولكن سيبقى خالدأ في النفوس.
وانبري للحديث بنبرة حزينة الشقيق القيادي الاتحادي البارز القمة والقامة الباقر احمد عبدالله بدأ بأبيات شعر من مرثية مؤثرة عددت المآثر متحسرة علي الفقيد .وتحدث الباقر عن الفقيد باعتباره شقيقه وصديقه ورفيق نضاله الطويل. دكتور الباقر بدأ حزينا ومتأثرًا وانتابته نوبات متقطعة من البكاء اثناء حديثه عن رفيق دربه وصديقه عثمان عمر الشريف وذلك نظرا لما يربط بينهما من معزة خاصة .
وقال كان الفقيد مخلصًا للشريف حسين الهندي في معارضة مايو وكان مبدئيا في وقوفه مع مولانا السيد محمد عثمان الميرغني في معارضته الانقاذ وقام بادوار بطولية عديدة ومضي الي القول بان اكثر ما يميز الفقيد عن بقية القيادات السياسية انه كان متجردًا من الذاتية، وكقيادي اتحادي خاض غمار النضال في مواجهة كل الانظمة القمعية والعسكرية فما ضعف ولا وهن ولا استكان.
أما الدكتور جلال يوسف الدقير رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي فقد عبر عن ارتياحه من سماع شهادات ومواقف من المتحدثين كافة غطت جوانب من خصال الفقيد الحميدة الراسخة في ذاكرة الاشقاء . كما استعرض في كلمته مواقف عديدة ومحطات هامة في حياة الفقيد عثمان عمر الشريف. واكد الدقير على ان الفقيد اقتفي وحذا حذو أثر الرعيل الاول من قيادات الحزب الذين اتصف سلوكهم بسمات اخلاقية وانسانية على مستوى القيادة والزعامة والممارسة وقواعد التصرف وكانوا بشهادة الجميع متسمين بالاخلاص والوطنية والمسؤولية والنزاهة والزهد والتواضع والبساطة والكرم والتسامح والتعايش والعيش المتواضع، وكثيرا ما تحكى امثلة حية من قبل شهود في هذا المجال وفي مذكرات شخصيات لازمت القيادات التاريخية للحزب وكانت قريبة منها واكد الدقير ان الفقيد الراحل كان يجسد قيم وموروثات سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية اشتهر بها الشعب السوداني النبيل .
وفي ختام حفل التأبين قدم مولانا الخليفة الدكتور صلاح الدين سرالختم الأمين العام لهيئة الختمية كلمة ضافية وقوية باسم مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل مرشد الختمية شكر فيها الحاضرين على حرصهم المشاركة في عزاء وتأبين فقيد الوطن والحزب المغفور له باذن الله تعالى عثمان عمر الشريف وشكر مصر علي استضافتها لاهل السودان قائلا : نزجي الشكر لمصر الرسمية والشعبية ونقول نحن الاتحاديون :مافيش تاني مصري سوداني نحن الكل أولاد النيل.
وأبرز الدكتور صلاح الدين سرالختم في كلمته بأن الاتحاديين اليوم جمعهم الحزن النبيل وهم نبلاء، وجمعهم المسعي الشريف وهم شرفاء وأضاف : هذا المشهد للقيادات الاتحادية من التيارات المتعددة بقدر ما أحزنا فقد من فقدنا ، بقدر ما ادخل في نفوسنا المكلومة وقلوبنا الجريحة املا في ان الاتحاديين ما زالوا بخير وان الوطن ينتظر منهم الخير والمخرج من ازماته وينتظر شمس الاتحادي لتشرق عليهم وتدلهم علي مواضع الثبات والعزة والكرامة.وشدد الشيخ صلاح سرالختم علي أن واجب المرحلة هو وحدة الحركة الاتحادية . وأشار الي أن الكلمات التي قدمها ممثلو التيارات الاتحادية المتعددة تعتبر شهادة في حق الفقيد من قبل قيادات لها دورها تؤكد بان عثمان عمر فقد للوطن والحزب ، لأنه ظل طوال حياته يحمل همّ الوطن والمواطن .ودعا الشيخ صلاح الدين سرالختم للفقيد بالرحمة والمغفرة ،وللوطن بالعزة والشموخ ،وللقوات السودانية المسلحة بالانتصار علي المليشيا المتمردة ، ودعا الاتحاديين الي الجاهزية للدخول في المرحلة المقبلة التي تلي هزيمة المليشيا وازاحة كابوس الحرب عن كاهل البلاد .
وآخر دعوانا اللهم ارحم فقيدنا الغالي عثمان عمر الشريف اللهم ارحم من عز علينا فراقه برحمتك واجمعنا به في جنات النعيم . اللهم أطعمه من الجنة واسقه من الجنة، واره مكانه من الجنة وألهم اللهم آله وذويه وأسرته ومعارفه الصبر والسلوان ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم (انا لله وانا اليه راجعون ) (صدق الله العظيم ).