«العزلة»
عثمان فضل الله
يوم بعد الآخر تعمق حكومة بورتسودان من عزلتها داخليا وخارجيا، وقفت المجموعة المحكمة قبضتها على القرار فيها عارية أمام شعبها لا تستطيع أن تستر عورتها بكذبة جديدة او قل انها لم تعد تبالي .. نعم لم يستتب لها الأمر ولكنها أرادت أن تستغل غبار المعارك الدائرة لتخرج من خلاله سلطة كيزانية كاملة لا مكان فيها لمخالف رأي ولا لمؤمن بغير مبادئ (الحسنين) القريبة من ملالي الحسين.
تطارد الان لجان المقاومة ولجان التغيير تصفى هذا وتسجن ذاك ترتكب من الجرائم ما يندي له جبين الشيطان خجلا ويتوارى ابليس جزعا.
تقول الاحصاءات غير المدققة بشكل كامل أن عدد السياسيين ومنسوبي لجان المقاومة الذين تم اعتقالهم منذ اندلاع الحرب وحتى بداية يناير بلغ 73 فردا من بينهم قيادات في تحالف الحرية والتغيير تم الإفراج عن بعضهم بينما لقى 4 منهم على الاقل حتفهم في المعتقلات التي تطورت الان لنصل الى أن التنظيم الاسلاموي انشاء معتقلات خاصة به يطلق عليها ” الخلية” وهي معتقلات غير رسمية ولا تخضع لرقابة قانونية، يشرف عليها منسوبي التنظيم، وبحسب ناشطين محسوبين على القوات المسلحة، تعرض هذه الخلايا اموالا تصل الي 300 دولار لكل من يقوم بتسليمهم احد منسوبي تنظيمات الحرية والتغيير او المشكوك في موالاتهم للدعم السريع.
ويشتكي عدد واسع من المنتمين الي القوى المؤيدة لثورة ديسمبر من حملات كراهية ومضايقات الأجهزة الأمنية التي يسيطرون عليها خاصة في ولايتي نهر النيل والشمالية.
والامتعاض تجاوز اولئك ليصل الي عامة الناس في عدد من قرى الولايتين لتعديات المستنفرين والاجهزة الأمنية التي وصلت حد تسيير دوريات في تلك القرى واقتياد كل من يجدونه خارج منزله بعد السادسة مساء وتقديمه للمحاكمة بحجة خرق حظر التجوال المفروض.
أما دوليا فحدث ولاحرج إذ انهم باتوا بلا نصير عربي أو دولي وباعترافهم أن الجيش الذي ادخلوه في هذه الورطة لم يتلق رصاصة واحد كإعانة من جار او شقيق بينما يتدفق الدعم على قوات “دقلو” من كل حدب وصوب، هرعوا في بداية الحرب ناحية تركيا بعقليتهم القديمة وما دروا أن أنقرة 2023/2024 ماهي تركيا 2012-2013 وبعد أن رفعوا سقوفات الأمل عادت وفودهم خالية الوفاض الا من بعض نصيحة مكرورة وهي ذات الجملة التي سمعوها في قطر “اذهبوا الي التفاوض واوقفوا الحرب” لأنهم لا يدرون أن دوحة تميم ليست بدوحة (الحمدين).
ضاقت بهم الدنيا بما وسعت.. عراة ووحيدين هم لا يتلقفهم الا من يعاني العزلة ذاتها فكان لهم في طهران متكأ وحضن دافئ في ظاهره غير أن كل صاحب بصيرة يعلم أن باطنه ليهيبا سيحرقهم عما قريب لان اوروبا وامريكا التي تقاتل الحوثي في شرق البحر الاحمر لن تقبل بآخر في غربه.
والله المستعان