الحروب (آفة المجتمع السوداني)
إلهام مالك سلمان
حرب (15/ابريل/2023)
بتاريخ (15 أبريل/ 2023) اندلعت الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم بين “القوات المسلحة السودانية” و”قوات الدعم السريع”، وكلتيهما من القوات العسكرية الرسمية في البلاد وما زالت الحرب مستمرة حتى يومنا هذا أي انها دخلت في يومها (234) امتد القتال بسرعة إلى مدن وولايات أخرى في جميع أنحاء البلاد، كإقليم دارفور وجنوب كردفان فالمعارك ضارية بين الأطراف المتصارعة قتل أكثر من (10,000شخصا) نزح حوالي (7,000,000) مواطن) داخل الحدود الوطنية أو خارجها (نازحين لاجئين).
لم ينعم المدنيون بالراحة في السودان وخاصة في مناطق الحرب لما أصابهم من فجع وتشرد و اراقة الدماء وتدمير منازلهم وتهجيرهم قسريا واحتلال منازلهم نهب ممتلكاتهم بالإضافة الي ذلك دمرت البنية التحتية مما أدى الي تدهور الأوضاع واصبحت كارثة انسانية تعصف بملايين المدنيين الذين يعانون من عدم توفير الاحتياجات الأساسية من علاج وصحة عامة (والصحة الانجابية )بالنسبة الي النساء ،والزيادة المرعبة في حالة الاغتصاب والعنف الجنسي والتعذيب، وتزداد الاشتباكات علي أسس عرقية ولا سيما في دارفور……بالإضافة لذلك نجد استمرار الحرب جدد المخاوف بالانزلاق نحو انهيار شامل وكامل للاقتصاد في البلاد التي. تم تمزيقها وانهيارها منذ انقلاب(25/أكتوبر/2021) بقيادة الفريق (عبد الفتاح البرهان). والفريق اول (محمد حمدان دقلو )
لقد اشتركا الرجلان في تنفيذ انقلابا ضد الحكومة الانتقالية التي لم تدم طويلا في البلاد، ويعد ذلك انتهاكا واضحا للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما في سياق عمليات مكافحة التمرد الوحشية في دارفور، وكذلك خلال حملات القمع ضد المتظاهرين في الخرطوم وأماكن أخرى على مدار العقد الماضي بدءا من( 2003 ) في دارفور، ارتكبت الحكومة السودانية والميليشيات المتحالفة المعروفة باسم “الجنجويد” – التي سلّحتها القوات الحكومية ودعمتها وحاربت معها جنبا إلى جنب – جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، بما في ذلك الإعدام بإجراءات موجزة والعنف الجنسي والتعذيب، كجزء من عمليات مكافحة التمرد. في (2011،) في ولايتي (جنوب كردفان والنيل الأزرق، )شنّت القوات المسلحة السودانية حملة قصف جوي عشوائي وهجمات برية فذهب ضحيتها المدنيين وهجّرتهم قسرا ودمرت ممتلكات مدنية.
قوات الدعم السريع، التي أُنشِئت في (2013) وجنّدت في صفوفها العديد من الجنجويد، ارتكبت انتهاكات جسيمة في (دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.) انتشرت قوات (الدعم السريع) و(القوات المسلحة) في الخرطوم بشكل متزايد بدءا من (2019) وشنت هجوما على المتظاهرين في (يونيو/ 2019) أسفر عن مقتل (120) محتجا وإصابة (900) آخرين.
بعد انقلاب (أكتوبر/ 2021،) قمعت قوات الأمن السودانية الاحتجاجات الشعبية، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن (125 شخصا) وإصابة عدد كبيرا واحتجاز المئات تعسفيا.
تدهورت العلاقات بين حميدتي والبرهان على مدار عام (2022،) وأفادت “الأمم المتحدة “بعمليات تجنيد واسعة في دارفور من كلا الطرفين. في (ديسمبر/ /2022،) تصاعدت التوترات بعد توقيع الاتفاق إلاطاري بين “قوى الحرية والتغيير” المكوّن المدني للحكومة الانتقالية السابقة والقيادة العسكرية والأحزاب السياسية الأخرى…..
حدد الاتفاق الإطاري المبادئ الأساسية والهياكل الحكومية لكنه أرجأ خمس قضايا خلافية رئيسية، وهي العدالة الانتقالية وإصلاح قطاع الأمن، إلى مرحلة ثانية من المحادثات. نوقِشت هذه القضايا في (الأشهر الأولى من 2023.) عندما بدأ الجيش مناقشات حول إصلاحات قطاع الأمن، تصاعدت التوترات بين البرهان وحميدتي بشكل حاد حول الإطار الزمني لدمج قوات الدعم السريع في الجيش وقيادة هذه القوة المتكاملة. بدأ الجانبان بتخزين الأسلحة في مواقع رئيسية، بما في ذلك الخرطوم، في الأيام التي سبقت اندلاع القتال واستمر كما ذكر في المقال ………….
تتناول الأسئلة والأجوبة التالية جوانب القانون الدولي الإنساني (قوانين الحرب) التي تحكم النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بالإضافة إلى العديد من الجماعات المسلحة من غير الدول والميليشيات. (الكيزان) الهدف من ذلك هو تلخيص أهم قضايا القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي الناشئة عن القتال. تركز هذه الأسئلة والأجوبة أيضا على حماية المدنيين أثناء النزاع المسلح، ولا تتناول مبررات أو شرعية اللجوء إلى القوة المسلحة من قبل أي طرف
يميّز القانون الدولي الإنساني، أو قوانين الحرب، بين النزاعات المسلحة “الدولية” و”غير الدولية”. بموجب “اتفاقيات جنيف لعام (1949″،) تنطبق القوانين المتعلقة بالنزاعات الدولية على جميع حالات النزاع المسلح بين دولتين أو أكثر. تعتبر الأعمال العدائية التي تشارك فيها جماعة مسلحة أو أكثر من غير الدول نزاعات مسلحة غير دولية
لا تقدم اتفاقيات جنيف نفسها إرشادات بشأن ما يعتبر “طرفا ساميا متعاقدا”، أي حكومة الدولة. بما أنه لا يمكن اعتبار القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع حكومة دولة السودان، فإن الصراع بينهما هو نزاع مسلح غير دولي اقصد من ذلك توضيح نوع الصراع المسلح الذي يحدث حاليا في السودان.
ليست كل الأعمال العدائية التي تشارك فيها جماعات مسلحة من غير الدول، مثل الاضطرابات الداخلية أو التوترات أو أعمال الشغب أو أعمال العنف المنعزلة والمتفرقة، ترقى إلى نزاع مسلح. من المسلم به على نطاق واسع أن العنف المسلح يرقى إلى مستوى نزاع مسلح غير دولي عندما تكون الأطراف منظمة بشكل كاف، ويصل القتال إلى حد معين من الشدة. يتطلب التنظيم المناسب عادة قيادة وقدرة على مواصلة العمليات العسكرية التي تفي بمتطلبات القانون الدولي الإنساني (حتى لو لم يتم القيام بذلك في الممارسة). يمكن أن يكتمل متطلب الشدة لدى استخدام الأسلحة العسكرية في الاشتباكات المسلحة الخطيرة.
في السودان، تم استيفاء معايير النزاع المسلح غير الدولي بعد اندلاع اشتباكات مسلحة خطيرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في الخرطوم ومناطق أخرى في (15 أبريل/نيسان 2023.)..
من الناحية العملية، فإن القانون الدولي الإنساني المتعلق بوسائل وأساليب الحرب هو نفسه إلى حد كبير سواء كان النزاع المسلح دوليا أو غير دولي. الفرق الرئيسي هو أنه أثناء النزاع المسلح الدولي، يجب منح الجنود الأسرى من القوات المسلحة الوطنية والميليشيات المرتبطة بها الحماية الكاملة الممنوحة لأسرى الحرب. لا يجوز أيضا محاكمة أسرى الحرب لمجرد مشاركتهم في النزاع المسلح من هناء اتضح ضرورة محاسبة طرفي الصراع من ما ارتكب من جرائم في حق المواطنين والمواطنات الأبرياء في السودان. . المفروض متابعة والمشاركة وخاصة النساء (لجنة تقصى الحقائق المكلفة بالتحقيق في كافة الانتهاكات المرتكبة في سياق الحرب المدمرة التي اشتعلت في السودان وتأثيرها العميق في المجتمع السوداني)
التي تكون المحور الأساسي للتحقيق العدالة الانتقالية الي تقود الي تحقيق السلام المستدام الشامل …. وتحول المدني الديمقراطي. وتحقيق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة المتمثلة في سودان موحد يسع الجميع تسود فيه العدالة الاجتماعية والثقافية والدينية والسياسية والتنمية المستدامة الشاملة.
القاهرة 7 ديسمبر2023