Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

ورشة ماكس بلانك … التوقيت والأبواب المشرعة…

وليد بكري

الوليد بكري 

خلال الأسبوع المنصرم شاركت في ورشة بمدينة أديس أبابا عقدتها مؤسسة “ماكس بلانك للسلم الدولي وسيادة القانون “جاءت تحت  عنوان (نموذج لنظام امن شامل للسودان مبني على تحليل القانون المقارن وممارسات الدول الاجنبية.) وكان هنالك تمثيل مقدر لمنظمات المجتمع المدني ومحدود للإدارة الاهلية و مشاركة من مختلف القوى السياسية ،والحركات المسلحة، تقريبا بإستثناء الحزب الشيوعي السوداني الذي قدمت له الدعوة ولم يحضر…. فهو حزب مهم جدا وعريق .
وكان مبدأ الحوار والنقاش، خلال هذه الورشة، علي ماهو محدد من أوراق.

وخلال ثلاث أيام جرت مناقشات على نحو يرتكز على مواقف كل مرجعية، لاي من المشاركين وبالتالي كانت هنالك تشخيص خاطيء للراهن وافاق مستقبل الحل و بمرور النقاش خفت حدة المواقف وجر تتطابق كبير _ وأن كان مرحلي من البعض _ نحو خارطة للحل على ما هو قادم من حلول للحرب والازمة الشاملة في البلاد.

وللحقيقة والأمانة جاءت مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل في سياق ماهو معلن من مواقف وخارطة سياسية
تشدد على عدم إعادة التجارب السابقة القائمة على المشاركة تحت مجهر قسمة السلطة والثروة وضد تجزئة الحلول ،هذا بجانب الموقف الثابت في دعم مؤسسات الدولة قوات الشعب السودانية المسلحة السودانية والعمل والاتفاق على تقويتها وتطويرها وتحديثها ومدها بكل ما تحتاج إليه للحفاظ على وحدة السودان أرضا وشعبا.

وضمان مهنيتها وقوميتها والإطلاع بمهامها في حماية البلاد وحماية الدستور والدفاع عن الحدود والسيادة الوطنية. ويشدد الحزب على حل مليشيا الدعم السريع التي هي احد كوارث صناعة نظام الانقاذ الأخواني فما قامت به هذه المليشيا من واقع على الارض من حرب إبادة حقيقية لاسيما في الجنينة ودفن الناس أحيا تحت الثرى والتهجر قسرا من دارفور و من الخرطوم واجزاء من غرب كرفان تشريد وقتل المواطنين ونهب و سرقة وتخريب المستشفيات والجامعات والمتاجر والمنازل والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة وحتى المتاحف والمكتبات ودور الرياضة.

وعلية ماذا تبقى لنا غير الموقف الواحد الواضح والكاشف والعمل لحل هذه المليشيا الاجرامية وتقديم كل من اجرم على ميزان قصاص لا يبقي ولا يذر واي موقف غير هذا فهو مخزي تماما ولن نكون جزءاً منه باي حال من الاحوال.

نعم فهو ذات الحل الشامل كما ظل شعبنا دوما في ثورة ديسمبر وهو على وتيرة المطالبة بحق الثورة الظافرة ( العسكر للثكنات والجنجويد ينحل).وحل كل المليشيات ولابد من إنهاء كل أشكال الوجود المسلح خارج إطار الشرعية “الجيش الواحد” وهذا يتطلب التعامل بحزم مع بقايا النظام البائد إذ هناك من يتوهم بوجود فرصة للمناورة ، او التلاعب تحت ستار الحرب والاتفاق السياسي والعودة وإن كان جزئيا،والعمل من اجل عقد مؤتمر دستوري وتحقيق الوفاق الشامل ومشروعه الوطني الكامل.

و تكوين حكومة مدنية خالصة للإعمار والإنتقال الديمقراطي على هدى الحرية السلام العدالة ..شعار الثورة الخالدة..
فرهان الحرب في سوداننا ميزانها وقياس صدقها ليس فيما يقال، أو يظهر في العلن بل ما هو على أرض الواقع فالجميع يعلم ماذا حل ببلادنا.

و اليوم الجيش هو خط الدفاع الأول والأخير لوجود البلاد اسما ورسما وقولا واحدا ( الجيش هو الوطن) وبالتالي لن تفرط او نتقص منه ونحن نري بأم أعيننا الكوارث وأفاعيل الثلاثين عاما العجاف لنظام الإنقاذ والخراب للمؤسسة العسكرية والذي وضح جليا في انشاء مليشيا الدعم السريع الذي يقود حربا ضد شعبنا.

وبالتالي لن نتزحزح مطلقا عن حقائق جيش واحد شعب واحد ولن نكشف ظهر بلادنا لكل طامع او متأمر وأن فعلنا فإننا نبيع الحرب على نحو أعنف ويستمر القتل والإرهاب والنهب ضد شعبنا ونفتح الأبواب للحرب الاهلية وتقسيم بلادنا الى دول متعددة.

تاريخنا و المنطق يدعونا للنظر في المبادرات الوطنية ولاسيما مبادرات الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل المختلفة و مبادرة رئيسه مولانا محمد عثمان الميرغني المتكررة للوفاق الوطني الشامل ذات النظرة الشاملة و المستقبلية التي ترنو للاشياء بعين الوطن وقيمه العليا و البصيرة حكمة وحزم ، فاذا قُدر لمبادرة ” الميرغني /قرنق” ان تنجو ممن درجوا على الفتن، واشعال الحروب لكفتنا كل هذا الواقع الكارثي المؤسف الذي نعيشه على حال بلادنا وشعبها فمن حضر وتابع فعاليات الورشة لتبين تطابق مضمونها و توجهها الوطني مع تجارب العالم المتقدم و ارثنا السياسي والمجتمعي والثقافي والادبي .. وهذا ما يجب ان يقنع و يؤمل في ان الحل في داخل البلاد وفي قواها و احزابها الوطنيه وفي كبارها و حكمائها و رحم الله الاساتذة ابراهيم نقد و الصادق المهدي وعلي محمود حسنين و ابقى الله لنا مولانا الميرغني هادياً و مرشدا حكيماً ووطنياً مخلصاً.
إشارة اخيرة
وعند عودتي الى السودان في مدينة بورتسودان نزلت عند صديق ووقفت على قيم وطنية وانسانية نبيلة فأبهجني تضامنهم مع من شردتهم الحرب اللعينة.

فهناك” سودانيين “و في صمت نبيل وعمل جليل، يقومون بما عجزت عنه مؤسسات السلطة ومنظماتها القائمة ودول اقليمية ودولية وهذا واقع يقطع الحجة باننا نحن وحدنا اهل السودان قادرون علي أن نكفكف الدمع ونطوي كوارث الحرب ونعمل من أجل سلام شامل مستدام .