لجوء تربيع .. مأسي غير مرئية
عثمان فضل الله
كثيرة هي المآسي غير المرئية في هذه الحرب، يغطيها غبار المعركة ويكتم صوتها ازيز المدافع، نعبر عليها عندما تصطدم بوجهنا
عبر قصة محكية من أحد الاصدقاء او مكتوبة في بوست ما على صفحة في مكان منزوي في فضاء مارك المسمى فيسبوك وذاك المملوك لإيلون ماسك المكنى اخير “أكس”.
فالحرب طحنت ولازال حجر رحاها يدور في ملايين البشر ولعل اول من طحنت هم عمال اليومية وأصحاب الطبالي وعمال ما يسمى بالمهن الهامشية الذين كانت تغص بهم جنبات الخرطوم في السوق العربي وغيره من الأسواق الي جانب الاطفال المشردين الذين كانوا يتخذون من مصارف مياه الخريف بيوتا.
ومن ضمن المآسي المنظورة قليلا لكبرها وهي عدم صرف العاملين بالدولة والكثير من العامليين في القطاع الخاص لمرتباتهم.
غير أن أكبر المآسي في هذه الحرب هي مأساة النساء في بلادي فهن جزء من كل تلك الفئات آنفة ذكرها فهن عاملات لم يصرفن رواتبهن وهن بائعات طعام توقف رزقهن وهن نازحات فقدنا خدورهن وخصوصيتهن وفوق كل هذا وذاك هن أمهات يقتل اولادهن او ازواجهن من هذا الطرف او ذاك. كاذب من يقول انه يعلم عدد النساء اللائي تعرضن للاعتداء الجنسي والعنف الجسدي خلال هذه الحرب العبثية، بعض المحاولات من قبل وحدة مكافحة العنف ضد النساء الحكومية والتي كشفت في آخر إحصاء منشور في شهر اكتوبر الماضي أن حالات العنف الجنسي تجاه النساء بلغت 136 حالة موثّقة، بينهن 14 طفلة، وسُجلت 68 حالة في الخرطوم، و47 في نيالا، و21 في الجنينة، في حين وصلت حالات “الاسترقاق” (الاستغلال) الجنسي إلى 29 حالة.
ولايوجد إحصاء دقيق حول المختفيات قسريا إذ تقدر بعض المنظمات بشكل غير رسمي أن الخرطوم وحدها شهدت ما لا يقل عن ٨٠ حالة اختفاء لفتاة وامرأة بينهن قاصرات بعضهن عاد والاخريات لا يعرف مصيرهن وان الأسر ترفض التجاوب مع المنظمات حول الادلاء باي معلومات في هذا الشأن خوفا من ” الفضيحة”.
وتروى المجالس على استحياء قصص يشيب لها الرضيع في هذا الجانب غير أن تداولها علنا يعد من المحرمات مثل انتشار تجارة الجنس، بشكل لافت خلال فترة هذه الحرب بشكل لم تشهده الخرطوم على مر تاريخها بينما، تشكو العديد من النساء الذين يطلبن المساعدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مضايقات من رواد تلك المواقع تتمثل في الإغراء بإيفاء حاجتهن مقابل تقديم خدمات جنسية.
كل تلك المآسي على بشاعتها وقبحها غير أنها تتضاءل أمام مأساة اللاجئين اليمنيين والسوريين الذين اتخذوا من السودان ملجأ هربا من الحروب في بلدانهم فلاحقتهم الحرب في السودان صدق من قال ” ان المأساة إذا تكررت تحولت الي ملهاة”.
فرغم مرور 7 أشهر على الحرب لاتزال هذه الفئة من الناس تنام في الشوارع والمدارس والحدائق العامة”؛ في انتظار فرج الاجلاء الذي لا يأتى فقدوا ما جنوه من كدهم خلال سنوات لجوئهم الي السودان، وجدوا أنفسهم عالقين لا يدرون ماذا يفعلون والي أين يذهبون، لا مال ولا مأوى ولا وطن اليه يعودون هكذا يصف محي الدين مرعي، العالق السوري في بورتسودان وصاحب معرض تزيين السيارات سابقاً بحسب ما نقل عنه في وقت سابق موقع رصيف22، أوضاع السوريين في المنطقة، مبيناً أنه اضطر إلى ترك سيارتين و3 محالّ في الخرطوم لإنقاذ صغاره من محرقة الحرب، كمعظم النازحين الذين باعوا ممتلكاتهم سعياً للإجلاء و كانت الصدمة الأكبر هي “كذبة” الإجلاء، إذ لم تحمل السفن السعودية التي أعلن عنها سوى 200 سوري، ثم أعلنت استبعاد السوريين واليمنيين، وأرسلت دمشق طائرتين حملتا أصحاب الواسطة ومالكي المصانع الكبار مجاناً، ثم طُرحت تذاكر طيران بسعر 500 إلى 700 دولار للكرسي الواحد والكبير كالصغير، ثم اشترتها وكالات السفر لتزيد إلى 600 و700 دولار ووصل بعضها إلى 1،300 دولار، فباعت عائلات في سوريا سياراتها ومنازلها لتعيد ذويها، فغادر القادر على تحمل تلك الكلفة الباهظة وأصبح الباقون رهائن لأرصفة بورتسودان ومحاصرين بين الحرب في الخرطوم والتذكرة الباهظة التي تعيدهم الي اوطانهم الممزقة اصلا.
يقول محدثي وهو قد وصل الي إحدى دول الجوار عن طريق التهريب انه لا يدري ماذا يفعل في مستقر لجوؤه الحديد وصلت الى هنا بلا مال ولا وضع قانوني اعتمد الان على قليل من المعارف بعضهم تكفل بإيواء اسرتي مؤقتا وآخرين تكفلوا بالمصاريف الى أن أدبر راسي ولكن اعتبر نفسي محظوظا اذ انني أملك بعض من المال الذي وفر لي أن أخوض هذه المخاطرة لكن هناك في بورتسودان وحلفا من لايملكون حق وجبة واحدة يعيشون على اعانات السودانيين الذين هم في حاجة لمن يعينهم..