Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

صواريخ الدعم السريع تجبر أعداد كبيرة من سكان الثورة على الفرار 

منزل انهار بقذائف الدعم السريع في الثورة.. صورة لـ "سودان تربيون"

الخرطوم 16 اكتوبر 2023 –– تزايدت خلال الأسبوعين الماضيات أعداد سكان شمال أمدرمان المغادرين لمنازلهم بسبب تكاثف القصف المدفعي والصاروخي من قوات الدعم السريع وإستهدافها للمناطق المأهولة بالسكان.

وتعد محلية كرري في شمال امدرمان بكافة أحيائها المنطقة الوحيدة في أمدرمان التي لا تزال مأهولة بالسكان رغم مرور ستة أشهر من إندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، نسبة لانتشار القوات المسلحة في جميع ارجاء المنطقة.

واستقبلت كرري أعداد كبيرة من سكان أم درمان علاوة على سكان من بحري فضلوا النزوح نحو حارات الثورة بدلا من مغادرة الخرطوم لارتفاع تكاليف المعيشة العالية وأسعار الإيجارات السكنية بالولايات غير المتأثرة بالحرب.

لكن خلال الإسبوعين الماضيات أصبح الوضع في حارات الثورات ينذر بالخطر عقب تكثيف قوات الدعم السريع عملياتها العسكرية تجاه منطقة كرري وقصفها بصورة مكثفة لمعظم الحارات بالمدفيعة الثقيلة والصواريخ الموجهة ما أدى إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين وإجبار بعضهم على مغادرة منازلهم خوفا من الاستهداف.

وفي 28 سبتمبر الماضي قتل تسعة أشخاص على الأقل وإصيب آخرين نتيجة قصف مدفعي نفذته قوات الدعم السريع استهدف محطة نقل في منطقة “الجرافة”. و في 13 اكتوبر الجاري قتل 17 شخصاً بقصف استهدف عدد من الحارات فيما تعرض مستشفى النو المرفق الطبي الوحيد الذي يعمل في أمدرمان للاستهداف مرتين على الأقل خلال الشهر الجاري ما أودى بحياة اربعة من المرضى.

وتقوم قوات الدعم السريع بقصف قواعد الجيش المنتشرة في محلية كرري انطلاقا أحياء أمدرمان والخرطوم بحري، مستهدفة معسكرات الجيش والقواعد العسكرية أبرزها منطقة وادي سيدنا العسكرية ومطارها العسكري الذي تنطلق منه الطائرات الحربية لقصف قوات الدعم السريع في مدن الخرطوم الثلاث، علاوة على مقر الكلية الحربية والسجن الحربي والمطبعة العسكرية والفرقة التاسعة المحمولة جوا وجامعة كرري وغيرها.

وتعد الحارات 50،52، 29 بجانب الحارة الثامنة والعاشرة والعشرون من اكثر المناطق التي شهدت موجة نزوح عالية خلال الفترة الماضية بعض تعرضها لقصف مدفعي عنيف.

ويقول الصحفي وأحد سكان الثورة مؤمن أبو العزائم لـ”سودان تربيون” إن الحياة في محلية كرري “الثورات” أصبحت غير أمنة، فنحن نعيش على اعصابنا ويمكن ان تغير رصاصة طائشة او قصف عشوائي حياة أسرة كاملة.

وأضاف أن أكثر ما يجبر السكان على البقاء هو المفاضلة مابين مطرقة جحيم الحرب وسندان الاسعار الايجارات المرتفعة بالولايات الأخرى.

وأشار إلى ان القصف العشوائي لقوات الدعم السريع لمناطق سكنية مأهولة يعتبر جريمة ضد الانسانية وجريمة حرب تضاف الى جرائمهم الكثيرة.

وتابع “زاد القصف في الفترة الاخيرة ليصل الى المائة دانة يوميا في مناطق متفرقة من الثورة بالقرب من المنطقة العسكرية تحديدا الريف الشمالي الذي يضم أحياء الواحة، المنارة، ودالبخيت، الجرافة”.

وقال إن كل أحياء الثورات تحت نيران القصف ولكن أكثرها تضررا هي الحارات الاولى والثانية، موضحا أن استهداف الحارات يرجع لسببين الأول هو أن المنطقة بأكملها تحت سيطرة الجيش. والثاني هو انهم يقصفون احياء مأهولة حتى يجبروا السكان على الخروج ويقومون بالاستيلاء على المنازل واستخدامها كثكنات والتوغل عبر تلك الخطة للضغط وحصار الجيش وهذا ما لم يستطيعوا فعله في الثورات، وفقا لتعبيره.

وقال أبو العزائم إن “القصف العشوائي لمليشيات الدعم السريع يأخذ منا جيران واقارب بصورة يومية ودمرت المنازل والمؤسسات الصحية والخدمية متمثلة في الكهرباء والمستشفيات ومحطات مياه آخرها مستشفى النو المرفق الطبي الأوحد الذي مازال في الخدمة”.

وأكد بأن معاناة المواطنين إزدادت مع فقدهم لذويهم وجيرانهم وحياتهم التي اصبحت معرضة للخطر فأصبح النزوح شر لابد منه، وكشف عن ازدياد أعداد النازحين شمالا بصورة واضحة في الاسبوعين الماضيين.

بينما تقول راوية عثمان التي نزحت مع أسرتها من الصالحة جنوب أمدرمان إلى الحارة 29 الثورة لـ”سودان تربيون” أنها إضطرت إلى مغادرة محلية كرري الإسبوع المنصرم الى ولاية نهر النيل بعد اقامة مدتها ثلاث أشهرها بسبب تساقط القذائف بشكل عشوائي.

وأضافت “فقد زوجي ساقه بعد إصابته بقذيقة كما أن احد أطفالي اصيب بجروح خطيرة في الصدر والوجه .. كنا نفضل البقاء هنا في الخرطوم خوفا من تكلفة الإيجارات السكنية العالية في الولايات ولكن الاستهداف المتكرر خلال الفترة الماضية قادنا الى ان نغادر بعد أن تعذر علينا البقاء”.

بدوره إتهم مصطفى بابكر وهو عضو غرفة طوارئ محلية كرري قوات الدعم السريع بتعمد استهداف المناطق المأهولة بالسكان عن طريق الأسلحة الثقيلة.

وقال لـ”سودان تربيون” هذه القوات تتعمد إطلاق الصواريخ في الأحياء ولذلك لإجبارهم على النزوح ما يسهل لها احتلال المنازل بعد نهبها وتحويلها لثكنات عسكرية تنطلق منها هجماتها تجاه المنطقة العسكرية في كرري، وكشف أن هناك موجة نزوح عالية من حارات الثورة إلى ولايات الشمالية ونهر النيل والجزيرة وولايات شرق السودان.

وأشار إلى أنهم احصوا في فترة الأسبوعين الماضيات إصابة ما يزيد عن ال200 شخص بإصابات متفاوتة كما أن القتلى من المدنيين خلال هذه الفترة يبلغ نحو 49 قتيل على الأقل بينهم أطفال ونساء وكبار سن.