أدركوا ما تبقى من صحة.!
شمائل النور
يكاد لا يخلو يوم من رصد حالات جديدة من الأمراض في شتى بقاع البلاد، حيث تجاوزت حالات الكوليرا 400 حالة، منها 26 حالة وفاة في ولايتي القضارف والخرطوم.
فيما تجاوزت حالات حمى الضنك 1200 حالة وبلغت حالات الوفاة 17، حيث تنتشر حمى الضنك في ثمانية ولايات، وبلغت حالات مرض الحصبة وفقا لوازرة الصحة 3900 حالة.
هذه إحصائيات وزارة الصحة أما التقارير غير الرسمية التي تصدر من الأجسام المطلبية والنقابية تتحدث عن إحصائيات أكبر.
على كل، فإن القضية ليست في دقة أو حجم الأرقام لطالما أن الوضع الآن بلغ مبلغاً استعصى تداركه، فلم يعد للأرقام قيمة، كبرت أو صغرت، انحصرت في منطقة محددة أو توسعت في مناطق.
الحقيقة الصارخة هي أن الوضع الإنساني في هذه البلاد آخذ في التداعي بشكل رهيب، والجميع لسان حاله يقول ”أمتّع نفسي بالدهشة“.
ومع ارتفاع معدلات سوء التغذية ينتقل الوضع الصحي بالبلاد إلى مستوى غير معقول، واللا المعقول بالفعل هو أن تتداعى كل الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والصحية فيما يرتفع دوي المدافع أرضاً وجواً ويتشتت الناس في الأرض بعد ما أجبروا على هجر منازلهم مع تمدد رقعة المواجهات.
هذه الحرب اللعينة يدفع المواطن وحده ثمنها أضعافاً مضاعفة على نحو مبالغ فيه، يدفع ثمنها وهي لم تكن خياره. استمرار هذه الحرب يعني الغياب الكامل لأجهزة الدولة ما يقود للمزيد من الفتك بالمواطنين وحدهم دون سواهم، وعلى أقل تقدير فإن فقدان الرعاية الصحية مدفوعة القيمة أصبح أمراً شبه مستحيل، فمن لم يمت بالرصاص مات جراء الإهمال الصحي وصعوبة الحصول على الخدمة الطبية، ويحدث هذا وسط فقر وفاقة حلت بالجميع دون استثناء، حتى بات بعض الناس يضطرون لنشر حاجتهم لقوت يومهم في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وهي مرحلة لم يبلغها سوداني بسهولة إن لم يكن بالفعل قد ضاقت به الأرض بما رحبت.
وزارة الصحة تعمل في ظروف بالغة التعقيد ولن يكون بمقدورها أن تغطي احتياجات المواطنين، المطلوب منا جميعاً أن نوجه جهودنا -على قلتها- نحو الولايات التي فتكت بها الأمراض، أن نعمل كي يتحول يتحول النشاط الكثيف في متابعة المعارك العسكرية إلى نشاط لمحاولة منح الحياة لهؤلاء المواطنين الذين أصبح لا حول لهم ولا قوة.