Thursday , 21 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

الأجانب في حرب الخرطوم ..ضحايا الاضطهاد والجاسوسية

قوات «الدعم السريع» .. صورة لـ (أ.ف.ب)

الخرطوم 28 سبتمبر 2023 – كشفت معلومات وتقارير استقتها سودان تربيون من هيئات قانونية مستقلة وشهود عيان، عن وقوع انتهاكات واسعة ضد أجانب مقيمين في السودان شملت القتل والاغتصاب والاعتقال والسخرة، بينما تورط أجانب آخرون في التعاون مع قوات الدعم السريع.

وقالت عضو هيئة محامي الطوارئ خنساء هارون، لـسودان تربيون “إن الانتهاكات ضد الأجانب في الخرطوم خاصة بحي “الديم” القريب من وسط الخرطوم مستمرة ولا تتوفق حسب ما يرد إليها من الأشخاص الذين ما زالوا موجودين في الحي العريق.

وأكدت أن بعض الأجانب الوافدين من دول مجاورة يعملون حالياً لصالح قوات الدعم السريع في الإرشاد والاستضافة بالمنازل وإعداد الطعام.

أثمان النجاة
دفعت تسع عائلات من إثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان نحو 5 ملايين جنيه (6 ألاف دولار) ثمناً لقوات الدعم السريع بمنطقة “الديم” بالخرطوم للخروج من المنطقة والمغادرة لوجهات داخل السودان وخارجه.

وتقول السيدة هيوت من دولة إثيوبيا، في مقابلة أجرتها معها سودان تربيون بعد أن لجأت إلى عطبرة بولاية نهر النيل شمالي السودان، إنها تقطن بحي الديم منذ 13 عاما وتعمل بائعة للشاي بمنطقة العمارات بالخرطوم.

وروت هيوت، أن جيرانها من الجاليات الأفريقية المختلفة اتفقوا بعد اشتداد القتال في الخرطوم على المغادرة في مجموعة واحدة وهو ما حدث بالفعل منتصف شهر يونيو الماضي.

وأردفت: “تم الاتصال بعناصر من قوات الدعم السريع كانوا يقيمون نقطة تفتيش في الشارع الرئيس واتفق معهم معارفنا على دفع العائلات مبلغ 5 ملايين جنيه لعبورنا”.

وتعرض (أ) من أبناء الجالية السورية في السودان بمنطقة “الديم” لاعتداء من قوات الدعم السريع التي قام عدد من عناصرها باقتحام منزله ونهب أمواله ومحاولة الاعتداء على زوجته.

وقعت الحادثة بداية شهر يونيو، وفق إفادات تحصلت عليها سودان تربيون من الشخص السوري الجنسية كما قامت القوة بالاعتداء عليه حتى أصيب جراء ذلك بإصابات بالغة بكسر مركب في قدمه وإصابة في ظهره.

وأكد جيران السوري، أن تدخلات آخرين من أبناء الحي حالت دون الاعتداء على زوجته ومن ثم نقله لمكان آخر ومغادرته الحي تماماً بعد أيام من الواقعة.

جواسيس الحرب

جندت قوات الدعم السريع في صفوفها بعد اندلاع الحرب منتصف أبريل الماضي عدداً غير معروف من الأجانب المقيمين بصفة غير شرعية في الخرطوم تحديدا في صفوفها.

ويقول الجيش في عدد من النشرات العملياتية التي يصدرها بشكل يومي إنه نجح في تحييد عناصر (قناصة) أجانب دون تحديد هوياتهم أو بلدانهم.

وفي منطقة “الديم” انضم العشرات من أبناء الجاليات الإثيوبية والجنوب سودانية للدعم السريع للعمل في صفوفه، ويمارسون التجسس وعمليات نهب وسرقة واسعة في مناطق عديدة بالخرطوم حسب شهادات جمعتها سودان تربيون من قاطنين سودانيين بالحي.

وتشير متابعات سودان تربيون إلى قيام سيدات وفتيات أجنبيات من دولتين مجاورتين بالعمل مع عناصر الدعم السريع وإعداد الطعام لهم وممارسة الدعارة بينما تزوجت أخريات من جنود بالدعم السريع في أحياء الديم والسجانة بالخرطوم.

وكشفت مصادر خاصة لسودان تربيون عن إقامة فتيات من دولة مجاورة للسودان مع قائد معروف في الدعم السريع  يتولى شؤون قطاع أحياء الديم والعمارات والسجانة والقوز والحلة الجديدة في منزل يتخذه مقراً له.

واعتقل الجيش قناصين أجانب من جنسيات أفريقية حسبما أكد ضابط في جهاز المخابرات العامة في حديث لسودان تربيون مضيفاً أن قوات الدعم السريع تستعين بقناصة أجانب محترفين ومدربين على مستوى عالٍ-.

وأشار إلى تمركز القناصين بصورة كثيفة حول مطار الخرطوم والقيادة العامة للجيش، ومناطق بالخرطوم 1و2و3، وأكد القبض على عدد منهم بينهم 6 في مناطق القوز والسجانة والديم و3 كانوا يتمركزون في تقاطع “باشدار” وإثنين في ديم التعايشة وواحد بشارع 61 في حي العمارات بالخرطوم.

ملاذات آمنة

وأظهرت شهادات جمعتها سودان تربيون من سكان وناشطين ومصادر خاصة في أحياء “الديم والعمارات والسجانة ومايو في الخرطوم وحيي الديوم والدروشاب في الخرطوم بحري، تجنيد أفراد من دول جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا للعمل لصالح الدعم السريع في تلك المناطق.

وأكدت المتابعات استخدام قوات الدعم السريع لفتيات من تلك الدول في أعمال متعلقة بعلاج الجرحى والدعارة وإعداد الطعام وتخبئة المسروقات وتوفير ملاذات وأماكن آمنة للعناصر المصابة في المعارك.

ويعمل بعض الأفراد من تلك الدول كمرشدين ومتعاونين في الأحياء لشرح طبيعة المساكن وساكنيها وتوفير معلومات حول الموجودين بالحي وأماكن السيارات.

وسردت مصادر في حي الديم بالخرطوم قيام عناصر من الدعم السريع قبل أسبوع بضرب فتاة من دولة مجاورة بحجة ارتدائها أزياء غير لائقة.

ونهبت نحو 144 سيارة في حي الديم وحده، وفق إفادات تلقتها سودان تربيون من ناشطين في الحي، جزء منها سيارات لأجانب وبعض العاملين في منظمات دولية وإقليمية يعملون كسائقين.

كما جندت قوات الدعم السريع عددا من الأجانب من دولة جنوب السودان كانوا يعملون في بيع “السجائر” بشارع 15 في حي العمارات بالخرطوم وأجبرتهم على مرافقة الجنود في اقتحام المنازل وسرقتها ونقل محتوياتها.

وقامت قوات الدعم بتجنيد أجانب في حي الديوم بالخرطوم بحري الذي يعد أكثر الأحياء التي يجتمع فيها عناصر الدعم السريع في المدينة، وسط وجود عدد كبير من الأجانب المتعاونين معهم في الحي وفق شهود عيان هناك.

ويراقب عدد من الأجانب الأحياء المجاورة ويتجولون بحرية مع عناصر من الدعم السريع في الأحياء القريبة من حي الديوم مثل أحياء الختمية والأملاك والدناقلة وحلة حمد وحلة خوجلي والمزاد والصبابي والصافية وشمبات، وفق إفادة ضابط ضمن قوة “العمل الخاص” التابعة للجيش بمعسكر الإشارة تحدث لسودان تربيون.

ويعمل مرشدون أيضاً من السودانيين في تلك الأحياء مع عناصر الدعم السريع ويتجمعون في حي الديوم يوميا برفقة عناصر الدعم والمرشدين الأجانب خاصة في أوقات المساء بحسب عنصر في استخبارات الجيش بمعسكر سلاح الإشارة.

وأكد عنصر الاستخبارات – طلب عدم الإشارة لاسمه – في حديث لسودان تربيون “أن الاستخبارات العسكرية تتابع وتراقب كل المتعاونين مع المليشيا (الدعم السريع) سواء كانوا سودانيين أو أجانب”.

وفي منطقة الدروشاب شمالي الخرطوم بحري فإنه رغم مغادرة عدد كبير من الأجانب من دولة مجاورة الحي، إلا أن بعض المتبقين يعملون بصورة واضحة مع عناصر الدعم السريع حسبما أكد لسودان تربيون أحد السكان.

مركز “الديم”

ويعمل غالبية الأجانب من الجنسية الأثيوبية مع قوات الدعم السريع على امتداد شارع الديم والسوق بالمنطقة، ويتعاون معهم نساء ورجال في تقديم المعلومات والخدمات الأخرى مثل اعداد الأكل وترتيب أماكن الراحة.

وتؤكد مصادر قانونية مستقلة لسودان تربيون أن هناك بائعات يعملن في إعداد الشاي والقهوة لعناصر الدعم السريع في سوق الديم الذي ينشط فيه المتعاونين مع هذه القوات في مدها بالمعلومات المختلفة عن المساكن والمنازل والسيارات.

وقالت المصادر إن أجانب من دولتي إثيوبيا وجنوب السودان تعرضوا للاعتقال والتعذيب بعدما كانوا متعاونين مع عناصر في الدعم السريع.
ونوهت إلى صيغ التعاون التي كان يقوم بها الأجانب تتعلق بمواقع عملهم في الخرطوم والسيارات وصيانتها وجلب الوقود وقطع الغيار عبر اتصالات مع تجار سودانيين.

وأكدت المعلومات وجود تاجر مخدرات من دولة جنوب السودان كان بالسجن وخرج مع عملية إطلاق سراح السجناء يعمل مع قوات الدعم السريع في الوقت الحالي بمنطقة “الديم”.

أجانب ضحايا

وقالت صاحبة مبادرة “مفقودات وموجودات” في السودان انتصار عبد الله، لسودان تربيون، إن أبرز مفقودات الأجانب خلال الحرب تتمثل في السيارات.

وأضافت: “لدينا مجموعة على وسائل التواصل الاجتماعي معنية بالمبادرة وهناك أجانب ينضمون لها لكن أيضاً توجد محاولات اختراق من أجانب من دولة بعينها يحاولون الولوج للمجموعة لجمع معلومات”.

وتابعت: “هناك محاولات من الأجانب للانضمام للمجموعة بسبب فقدهم مفقودات، لكن نوجههم الي الإعلان على فيسبوك بسبب حذرنا من الاختراقات الأجنبية”.

وفي 24 أبريل الماضي، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، مقتل مساعد الملحق الإداري بالسفارة المصرية في الخرطوم.

ووقعت حوادث متعددة للأجانب جراء الاشتباكات بن الجيش والدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي، حيث لقي مواطن عراقي حتفه في الاشتباكات وفقد بعض الأجانب وفق مصدر في وزارة الخارجية السودانية.

وأعلنت الحكومة الكونغولية في السادس من يونيو الماضي، مقتل عشرة أشخاص من مواطني جمهورية الكونغو الديمقراطية في هجوم على حرم جامعة في الخرطوم.

وفي يوليو الماضي أفاد سكان بحي شمبات الأراضي شمال الخرطوم بحري أن جنودا من الدعم السريع اغتالوا إثيوبيا بعد أن قاوم اغتصاب زوجته بواسطة القوة التي داهمت منزله ليلا.

“فزع” الأجانب

خلال مقابلات صحفية على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك الأسبوع الماضي أجراها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، طلب من دول الجوار وقف إرسال مرتزقة لمساندة قوات الدعم السريع.

لكن في المقابل ، اعتبر المستشار السياسي لقوات الدعم السريع يوسف عزت في حديث لسودان تربيون أن خطاب الجيش بشأن استعانة قواتهم بمرتزقة أجانب، “خطاب مهزوم وآثاره الاجتماعية غير جيدة خاصة عند الحديث عن تجنيد أجانب من دولة أخرى بحسب قولهم”.

وأكد عزت، أنه حتى 15 أبريل الماضي، كان مسؤول التجنيد في الدعم السريع هو اللواء أور ناصر، ويتبع للجيش، وتسأل: “كيف يستقيم أن يتم تجنيد أجانب وهناك مسؤول مباشر من ضباط الجيش كان مشرفا على التجنيد…؟ هذه بروباغندا الحرب”.

وفي مايو الماضي قال قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إن الجيش قتل “قناصا أجنبيا”.

وعلى ذات المنوال، قال نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق شمس الدين كباشي، في مقطع فيديو بث في 10 يونيو المنصرم، إن قواته تواجه غزوا أجنبيّا لأن هنالك أجانب يقاتلون في صفوف الدعم السريع يأتون عبر السيارات والجرارات.

كما أعلن مساعد القائد العام للجيش السوداني، الفريق ياسر العطا، قبل شهرين، إن قوات الدعم السريع، تستجلب أسبوعياً مرتزقة من بعض دول الجوار الغربي للقتال في صفوفها.

وأيضا قال الجيش، في بيان له في 5 مايو الماضي، إنه لاحظ استنفار قيادة قوات الدعم السريع لعناصر ومرتزقة غير سودانيين من غرب أفريقيا.