رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان يستقيل من منصبه بعد توتر العلاقة مع الخرطوم
الخرطوم 13 سبتمبر 2023 – أعلن رئيس البعثة الأممية لدعم الانتقال في السودان “يونيتامس” فولكر بيرتس الأربعاء، الاستقالة من منصبه بعد تقديمه آخر تقارير الحالة في السودان لمجلس الأمن، لينهي بالخطوة فصول من التوتر مع مسؤولي الحكومة في الخرطوم سيما العسكريين فيها.
وواجه بيرتس، منذ توليه مسؤولية رئاسة بعثة دعم الانتقال في السودان في يونيو 2020، اعتراضات من تيارات سياسية موالية لنظام الرئيس المعزول عمر البشير طالبت بإبعاده واتهمته بالتدخل في الشؤون الداخلية للسودان، كما سبق وأن تعرض لانتقادات من قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقادة عسكريين متلقيا تهديدات صريحة بالطرد.
وفي مايو الماضي، أرسل البرهان خطابا للأمين العام للأمم المتحدة أنتوني غوتيرش، طالبه فيه باستبدال بيرتس بمبعوث اخر، بعد أن اتهمه بإخفاء تقاريره عن الوضع القابل للانفجار في الخرطوم قبل اندلاع الحرب، وقال إنه لولا “هذه الأكاذيب” ما كان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، “ليطلق عملياته العسكرية”.
وبعث فولكر برسالة الى منسوبي البعثة قبل تقديم موعد الإحاطة الدورية لمجلس الأمن الدولي قال فيها “اسمحوا لي أن أنبهكم حتى لا تتفاجؤوا عندما تسمعونني أقترب من نهاية إحاطتي الإعلامية، إنه لمن دواعي حزني الشديد أن أعلن أن هذه ستكون إحاطتي الإعلامية الأخيرة لمجلس الأمن، وأنني طلبت من الأمين العام إعفائي من هذا الواجب”.
وأوضح بأنه اتخذ خطوة التخلي عن منصبه بالتنسيق الكامل وبدعم من الأمين العام للأمم المتحدة أنتوني غوتيرش الذي تردد لاحقا انه قبل استقالة فولكر.
وكان مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث ادريس بعث في الثامن سبتمبر الجاري برسالة الى أعضاء مجلس الامن، قال فيها ان الخرطوم ستعيد النظر في التفويض الممنوح لبعثة الأمم المتحدة حال خاطب فولكر بيرتس جلسة مجلس الأمن المحددة اليوم الأربعاء، كما أشار الى أن وفد الحكومة السودانية سيقاطع هذه الجلسة بعد اعلانه أن فولكر شخصا غير مرغوب فيه.
وخلال خطابه لمجلس الامن حذر المسؤول الاممي من اندلاع حرب أهلية بالسودان في ظل التعبئة التي يقوم بها عناصر نظام الرئيس المعزول عمر البشير ودعوتهم لاستمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وأكد بأنه كان يمكن تجنب القتال الذي يدور الآن حال التزم الطرفين بدعوات متعددة من جهات فاعلة داخليا وخارجيا سعت لوقف التصعيد.
وتحدث عن الجهود التي بذلتها القوى المدنية وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة الأطراف على حل خلافاتهم من خلال المفاوضات قبيل اندلاع المعارك، ورأى بأن الاتفاق الإطاري المبرم في 5 ديسمبر 2022 بين قادة المؤسسة العسكرية والقوى المؤيدة للديمقراطية كان يمثل الخطوط العريضة لاتفاق سياسي لقيادة السودان نحو الحكم المدني الديمقراطي.
وأضاف “مع استمرار المشاورات، كانت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تحشد قواتها بشكل غير مسؤول في العاصمة، بينما أكدت للمجتمع الدولي والسودانيين التزامهم بالسلام، حذرت وشركاؤنا في الآلية الثلاثية من أن الأمر لن يتطلب سوى شرارة لإشعال المواجهة المسلحة وهذا ما حدث للأسف”.
وأردف ” اختارت الأطراف المتحاربة تسوية صراعها عبر القتال ومن واجبها الآن تجاه الشعب السوداني إنهاء هذا الصراع”.
واوضح بأن إعلان “جدة” الذي أبرمه طرفا النزاع في مايو الماضي، بمثابة الوسيلة المهمة لوقف إطلاق النار، الا انه عاد وقال “مع ذلك لم يتم احترام وقف إطلاق النار السابق الا جزئيا وغالبا ما تم استخدامه لإعادة التمركز وإعادة الإمداد”.
ونوه المسؤول الأممي الى الوقف الدائم للعدائيات يتطلب إرادة سياسية وآلية مراقبة قوية والقدرة على تحميل الأطراف مسؤولية عدم الامتثال، واستبعد تحقيق اي من طرفي النزاع العسكري في السودان، نصر كاسح على الآخر.
وأشار بأن الهجمات العشوائية ضد المدنيين التي ترتكبها الأطراف المتقاتلة تشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، قائلا بأن مجتمع المساليت يعيش في خوف دائم من خطر التعرض لهجوم عرقي بمدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، التي شهدت أعمال عنف ذات طابع عرقي.
وتحدث عن تلقي مكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان تقارير موثقة عن 13 مقبرة جماعية في الجنينة والقرى المحيطة بها نتيجة هجمات قوات الدعم السريع ومليشيات القبائل العربية على المدنيين وأغلبهم من اثنية المساليت، وأكد بأن البعثة الأممية تقوم بتوثيق هذه الانتهاكات التي قال انها قد تشكل جرائم حرب حال جرى التحقق منها.
وأبدى قلقه البالغ إزاء انتشار أعمال العنف الجنسي، وأشار الى الحوجة لإجراء تحقيقات ذات مصداقية للمساءلة حول هذه الجرائم وتقديم المساعدة للناجين، وجدد موقف الأمم المتحدة الثابت بعدم الحياد تجاه انتهاكات حقوق الإنسان،
وحمل الجيش السوداني مسؤولية القصف العشوائي بالطيران الحربي، واشار الى أن معظم أعمال العنف الجنسي والنهب والقتل تقع في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع تنفذها أو تتغاضى عنها.
واتهم طرفا النزاع بالاعتقال التعسفي واحتجاز وتعذيب المدنيين، كاشفا عن وجود تقارير بشأن عمليات القتل والاحتجاز خارج نطاق القضاء.