عقوبات عبد الرحيم دقلو.. هل هي رسالة في بريد طرفي القتال؟
السفير الصادق المقلي
اولا َ : هذه هي المرة الأولى التي تفرض فيها الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على مسؤول في طرفي القتال.
و هي ما تسمى the targeted sanctions..و هي عقوبات اقتصادية و تجارية و مالية يفرضها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC, Office of Foreign Assets Control التابع لوزارة الخزانة الأميركية و تطال المسؤولين و لا تمس الدولة.
و لعل هذه الخطوة تجئ ضمن سياسة العصا و الجزرة التي ظلت تمارسها الإدارة الأمريكية منذ انقلاب الخامس و العشرين من اكتوبر 2021.
كما تتخذ ضمن ما يعرف بقانون دعم التحول الديمقراطي و المحاسبية و الشفافية المالية لعام 2020 الصادر بالإجماع عن الكونغرس الأمريكي Democratic Transition, Accountability and Finanacial Transparancy، و الذي نص في بعض مواده خاصة البنود 9 و 11 و 12،علي عقوبات تطال الدولة في حالة عرقلة مسار التحول الديمقراطي في السودان من قبل النظام في السودان، و هذا ما حدث بالفعل في أعقاب انقلاب 25،اكتوبر، حيث صدرت توجيهات من وزيري الخارجية و الخزانة الأميركية لكافة المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف بعدم تقديم أي عون للسودان، فضلا عن تعليق مسار إعفاء الديون في إطار مبادرة الهيبيك ََ، كما تشمل و عقوبات فردية على أي شخص ينتهك القانون الدولي الإنساني و هذا ما حدث في، حق عبد الرحيم دقلو.. و قد ظلت الإدارة الأمريكية منذ اجازة قانون الكونغرس تعمل العصا و الجزرة في آن واحد.. و تتمثل في سياسة النفس الطويل في إطار إيفاد المبعوثين من جهة و الجهود الإقليمية المشتركة من خلال الترويكا و الرباعية و منبر جده مؤخرا.. كما أعملت سياسة العصا قبل العقوبات على عبد الرحيم حمدان دقلو أن فرضت عقوبات على أربع شركات تجارية تتبع لكلا طرفي الصراع و لم َ يلمس احد أثرا لهذه العقوبات على أرض المعارك.
مما يجدر ملاحظته أن هذه العقوبات تجاوزت حميدتي إلى شقيقه عبد الرحيم.. الأمر الذي كان مثارا للتساؤل لدي المراقبين… و لعلي لا اتفق مع من ذهب إلى القول إن هذا التجاوز ينمي إما إلى وفاة حميدتي أو إصابته إصابة اقعدته عن الحركة.. و لا اعتقد ان هذه الرواية تقوم على سوق٠
اذ أن َ أصول و أموال حميدتي في الداخل والخارج يديرها مفوضون عنه من داخل أسرته و لا أظن أن ذاك يخفى على الإدارة أو الخزانة الأمريكية.. و إلا لما ترددت في فرض العقوبات على من يدير أموال حميدتي في الخارجي و في مقدورها أن تحجز عليها في أي بقعة في العالم. َو هذه الموارد هي التي ترفد قوات الدعم السريع بإمداد العتاد الحربي و ليست ممتلكات عبد الرحيم دقلو…. عليه َارجح كفة رغبة أمريكا في إرسال رسالة لطرفي الحرب
أن العقوبات على عبد الرحيم دقلو هي قيدومة لعقوبات محتملة في حالة استمرار الوضع على ما هو عليه و بالتالى إطالة الكارثة الإنسانية التي تلقى بظلالها علي الإقليم بأسره.. و لعل ذلك ما يستشف من تصريح وزير الخارجية بلنكن الذي حذر فيه كلا طرفي القتال أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف َ تتخذ كافة الإجراءات المتاحة لديها للحيلولة دون قدرة الطرفين على استمرار الحرب. َ
ولعل فرض العقوبات على عبد الرحيم دقلو يأتي في إطار السياسة الأمريكية القائمة على الجزرة و العصا كما سلف القول، سيما و ان إدانة واشنطن في عدة مرات في اتجاه الدعم السريع و اتهامه بانتهاك القانون الدولي الإنساني و القتل بدوافع عرقية في دارفور،و الاغتصاب و التهجير القسري،، سوف يفتح شهية عدد من المنظمات الحقوقية و المحكمة الجنائية التي، شرعت بالفعل في أجواء تحقيق حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني في دارفور.
و لعل هذه الخطوة الأمريكية مقرونة بسيل من اداناتَ المنظمات الحقوقية، تصعب من مهمة الدعم السريع في استمرار الإنكار لهذه الانتهاكات، ،و لكن العقوبات على عبد الرحيم شملت كل من يمد يد المساعدة للدعم السريع و لكنها اقتصرت فقط على الحكومة الأمريكية و على أفراد و شركات أمريكية..و لا تمس أصول و أموال الدعم السريع . و ليس من المستبعد أن يكن القصد منها ممارسة المزيد من الضغوط، ضغوط قد تساهم في أحياء منبر جده لحل الأزمة في السودان.. و قد جاء في نفس السياق تصريح وزارة الخارجية الأمريكية الذي أعقاب ابضرورة وقف القتال، و تصريح الأمين العام للجامعة العربية، و رباعية الإيقاد، مقرونة بتصريح الرئيس الكيني،و أمير قطر الذي دعا لوقف القتال و حوار وطني شامل في سبيل استقرار السودان، فضلا عن تصريح عقار حول اهمية التفاوض لحل الأزمة، تشكل إجماعا دوليا و إقليميا منحازا للحل السلمي.
لا شك ان هذه الخطوة من العقوبات الأميركية الشخصية ستتبعها أخرى على َ طرفي القتال كما حذر بلنلكن في حالة استمرار انتهاكات حقوق الإنسان َو القانون الدولي الإنساني و استفحال الكارثة الإنسانية فإن الولايات المتحدة الأمريكية تملك كافة الإجراءات التي من شأنها الحيلولة دون مقدرة اي من الطرفين إطالة أمد الحرب.
َو تصريح اخر الخارجية الأمريكية أعقب هذه العقوبات، طالبت فيه الجيش و الدعم السريع بوقف القتل و الكف عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني ، و لا شك، خطوات أخرى من المجتمع الدولي و الإقليمي ستتري، حيث الوضع الإنساني أسوأ بكثير عما كان عليه الوضع الذي أدى إلى إرسال قوات حفظ السلام اليوناميد تحت الفصل السابع.
حصيلة كل هذه التطورات تشير بوضوح الي ان بوصلة الأزمة تتجه وبسرعة وبدفع دولي وإقليمي ووضع انساني داخلي ضاغط الي ضرورة التوجه الي التفاوض من أجل أيقاف الحرب وإيجاد حل سياسي للازمة.