الرأي
البرهان ومأثرة ابي احمد
عبد الله رزق أبو سيمازة
يبدو ان الجنرال عبدالفتاح البرهان، يقرأ من نفس كتاب رئيس الوزراء الاثيوبي، ابي احمد ، دون الانتباه لضرورة الاعتبار بتجربة حامل نوبل للسلام ، الذي اوشك ان يتحول لمجرم حرب، نتيجة الفظائع التي رافقت حربه في التغراي.ليت الخبراء الاستراتيجيين (نجوم التلفزيون يمتنعون ، رجاء !)، يلحقونه ليفزعوه وينجدوه ، بتبيان كيف تمكنت مليشيا التغراي من الافلات من كماشة اقوي جيشين، والاغنى خبرة قتالية في القرن الافريقي ، الاثيوبي والاريتري، وتعديل موازين القوى على الارض لمصلحتها ، ومن ثم انتزاع المبادأة بالتقدم في هجوم مضاد من مكلي باتجاه العاصمة الاثيوبية. ولم يوقفها سوى التدخل الامريكي من اجتياح اديس ابابا.
على الجنرال البرهان، وهو يراهن على الحرب، ربما الخاطفة، لقطع الطريق امام اتفاق متفاوض عليه ،برعاية اللجنة الثلاثية ،لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة ، وفق توصيات ورشة الاصلاح الامني والعسكري، واعمال اللجنة الفنية المختصة ، ان لا يستكثر اخذ الحكمة من اثيوبيا، اخت بلادي، ومن جارتها، اريتريا ، الشقيقة، ومن اقليم تغراي، الشهيد الحي.عليه ان يعاين بنظرة نقدية متقصية ، كيف اخطأ رئيس الوزراء الاثيوبي، وقد غرته قوته، ونجوميته العابرة للحدود، الحساب.فبادر بالحرب التي خرجت من يومها الاول من سيطرته،ومن قدرته على التحكم في مساراتها، ومن تقرير مآلاتها و نهايتها. واضطر بعد مكابرة متطاولة ، للقبول بالوساطة، وبالتخلي عن الخيار العسكري، لصالح تسوية متفاوض عليها مع الحركة الشعبية لتحرير تغراي، باشراف الاتحاد الافريقي.يجدر الانتباه ، في هذا السياق، الى انه في الوقت الذي تخوض فيه السلطة الانقلابية ، الراكبة الراس حرب دمج الدعم السريع، فان ابي احمد يحاول -سدى – عبر التفاوض المباشر مع مليشيا التغراي، الحصول على مالم يستطعه عبر الحرب، اي موافقتها على الاندماج في الجيش الفيدرالي الاثيوبي.الامر الذي رفضته المليشيا ومن موقع القوة.
ما اكثر العبر الملقاة على قارعة الطريق في الجوار.ومع ذلك فان على البرهان الاعتبار بمآلات ابي احمد وحربه في التغراي.لقد ظل البشير،بفضل المعلومات المضللة التي سقط ضحية لها ،في نهاية المطاف ، يمني النفس جهرة ،لوقت غير قصير، بالصلاة في كودا.ليس ثمة ضرورة ملحة تدفع بالبرهان،لتأثر خطى المقلوع، لاطلاق تصريحات مماثلة ،ومتعجلة بشان صلاة العيد في قولو ، او ما يماثلها من مواقع الدعم السريع.
فالحرب الدائرة الان، في العاصمة القومية، والتي دخلت يومها الثالث دون حسم، كاي حرب في العالم، تشكل مرحلة متقدمة من انتهاك حقوق الانسان.لكن الذين يخوضونها داخل المدن ، وعلى اجساد سكانها من المدنيين ،والذين يتم التعامل معهم،كما يبدو، كاكياس رمل او سواتر ترابية، يرتكبون جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. وقد تجاوز قتلى الايام الثلاثة، الذين بلغ عددهم 180 مواطنا،حسب الامم المتحدة، حصيلة ما قتلته السلطة الانقلابية من المحتجين السلميين ، في عام ونصف العام.فالقذائف الطائشة ظلت تلاحق المواطنين المطمئنين داخل بيوتهم، التي كانت امنة يوما ما.ففي كل اسرة منكوبة صار هناك اكثر من شهيد.
الموت الجماعي، العائلي السمة، اصبح يتربص بالجميع . ومن شأن اطالة زمن الاقتتال ، او لجوء الاطراف لاستخدام الاسلحة الثقيلة ،بدواعي التعجيل بحسم المعركة ، ان يفاقم من المأساة الانسانية ،التي بدات ملامحها البغيضة في التشكل الان.ليس المطلوب من المتقاتلين ،على وجه الالحاح،ان يخرجوا الى الخلاء ، ويقابل بعضهم بعضا وجها لوجه، لتجنب وقوع المزيد من الضحايا في اوساط المدنيين، بقدر ما مطلوب منهم انهاء فوريا للاقتتال، دون قيد اوشرط،والخروج من المشهد السياسي.