أين عاش الأسلاف الأوائل من البشرية؟
سودان تربيون : خاص
دراسة علمية بعنوان “علم الأنساب الموّحد للجينومات الحديثة والقديمة” خلصت إلى أنّ الأسلاف الأوائل من البشرية يعودون بالزمن إلى موقع جغرافي في السودان الحديث.
قال الباحث الرئيسي ضمن الدراسة الدكتور أنتوني ويلدر وونس لرويترز: “بشكل أساسي، نحن نعيد بناء جينومات أسلافنا ونستخدمها لتشكيل شبكة واسعة من العلاقات، ويمكننا بعد ذلك تقدير متى وأين عاش هؤلاء الأجداد، لقد عاشوا في السودان، إفريقيا.”
ما أهميّة ذلك؟
وفقًا للدراسة المنشورة في مجلة (Science) فإنّ “أقدم الأسلاف الذين حددهم البحث، يعودون جغرافياً إلى موقع في السودان الحالي.
تؤكد الدراسة: “أنّ هؤلاء الأسلاف عاشوا في تلك البقعة منذ أكثر من مليون سنة، وذلك أقدم بكثير من التقديرات الحالية لعمر الإنسان الذي ينحصر تاريخه بين 250000 إلى 300000 سنة،وبذا فقد ورثت البشرية أجزاء من جينوماتها من أفراد لم نكن لنتعرف عليهم كبشر حديثين”.
يعرف الجينوم (المجين) بأنّه كامل المادة الوراثية المكونة من الحمض النووي الذي يكتب اختصاراً (DNA).
هل كشف تسلسل الجينوم البشري الحديث والقديم عن سمات غير معروفة سابقًا فيما يتعلّق بماضي البشرية؟
تشير الدراسة لتزايد القدرة على توليد فهم تفصيلي مضطرد لكيفية تطور السكان مع تسارع توليد بيانات الجينوم، لو لا أنّها تبدو غير متجانسة وعلى الرغم من أنّ هذه البيانات تحتوي على تنوع حقيقي فهي تشتمل كذلك على أنماط معقدة من النواقص والخطأ، مما يجعل الجمع بين البيانات أمراً صعباً، يعيق الجهود المبذولة لتوليد الصورة الأكثر اكتمالاً للتنوع الجيني البشري.
ما هي النتائج التي توصلت إليها الدراسة؟
قالت الدراسة إنها “تقدم موقعاً جغرافياً تقديرياً للأسلاف يلخّص السمات الرئيسية للتاريخ البشري، مع ضرورة ملاحظة إشارات عميقة لسلالات في إفريقيا، وخارج إفريقيا وهي طريقة تحفز أساليب الاستدلال الزمانية والمكانية المحسنة التي ستوضح بشكل أفضل مسارات وتوقيتات الهجرات التاريخية”.
علماء سودانيون يطرحون الفرضية مبكراً
في نوفمبر من العام 2016 قدّم بروفيسور منتصر الطيب إبراهيم أستاذ علم الجينات في معهد الأمراض المستوطنة بجامعة الخرطوم محاضرة بعنوان “السودان أصل البشرية” وطرح جملة من الأدلة العلمية التي تشير إلى ذلك.
وأكّد “أنّ الجينوم في شرق إفريقيا، خاصة منطقة صحراء غرب النيل وكردفان ودارفور، هو أقدم جينيوم للبشرية، وأن الجينوم يحفظ مسيرة التاريخ غير المكتوب، وأنّ العصر الحديث الذي بدأ قبل عشرة آلاف سنة هو عصر ارتبط بالزراعة وبالحيوان خاصة الكلب والحمار الذي اكتشفت نشأته بشرق السودان، وتلك نقلة تمثّل أصل البشرية بدءاً من السودان.”
وقال بروفيسور منتصر الطيب لسودان تربيون: “ربما يكون موقع السودان في شمال إفريقيا، وهو بقعة فريدة يُعتقد أنّها تمثّل ملاذات مناخية أثناء التقلبات المناخية المتطرفة، هو الذي يملي هذا الافتراض، كما يمكن إجراء استنتاجات جوهرية بناءً على كل من علم الوراثة وعلم الآثار، حيث تدعم الأدلة الوفيرة الدور المهم الذي يلعبه شمال شرق إفريقيا، مع وجود أدلة على استمرارية الاستيطان البشري بين البحر الأحمر وبحيرة تشاد، فإن السودان والمنطقة الممتدة حولها تتشابه مع المصنوعات الحجرية الوفيرة والبقايا البشرية الأحفورية خلال الفترا ت الرئيسية للتطور البشري الحديث من العصر الحجري الوسيط”.
ويضيف: “تمتلك مجموعة الجينات السودانية المتنوعة أيضا القدرة على الإبلاغ عن التكيفات الجينية المدفوعة بالثقافة والبيئة مما يؤدي إلىسمات فريدة ومثيرة للاهتمام، وبعضها لميتم التحقيق فيه بعد، بالإضافة إلى ذلك،يمكن لهذه الجينومات أنتقدم أدلة على القضايا المعقدة للسببية وسط تحدي النماذج الجديدة في علم الأحياء التي تدعمها الثورة الجينومية”.
ما هي الرقعة الجغرافية التي يشير إليها اسم السودان؟
يقول بروفيسور الطيب: “تم استخدام مصطلح السودان حتى وقت قريب للإشارة إلى الامتدادات الجغرافية على طول منطقة الساحل من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي، وتشهد مجموعات متعددة من الأدلة الجينية على التاريخ العميق لبعض السكان في هذه المنطقة، وارتباطهم بالثورات الثقافية المبكرة”
يشير بروفيسور أحمد إلياس حسين، أستاذ التاريخ بجامعة الخرطوم إلى أنّ اسم السود أو السودان أطلقه المصريون القدماء، كما جاء في آثارهم، منذ القرن السابع والعشرين قبل الميلاد على سكان البلاد التي تقع جنوبي بلادهم، أي أطلقوا اسم السودان على بلدنا الحالي. وربما كان إطلاق الاسم سابقاً للقرن السابع والعشرين.
وقال بروفيسور إلياس في حديث لسودان تربيون: “هنالك صلات وقواسم مشتركة بين السكان الذين عاشوا في حدود السودان الحالي منذ أزمان بعيدة بما يجعل من الممكن الحديث عن أمة سودانية عبر العصور”.
من أين انداحت هجرات البشر نحو قارات أخرى؟
جاء في ورقة علمية نشرها بروفيسور منتصر الطيب، بعنوان: “حلقة الانجراف الجيني التي تحدد هجرة البشر من أفريقيا” أطلعت سودان تربيون عليها “أن كل من تحليل علم الوراثة والشبكة يشيران إلى أن سكان شرق إفريقيا يمتلكون سلالات أسلاف أكثر مقارنة بعديد من المجموعات القارية التي تضعهم في جذر شجرة التطور البشري، وتؤكد النتائج أيضا أن شرق إفريقيا هو المكان المحتمل الذي حدثت منه الهجرة نحو آسيا.