Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

البشير ..من كوبر إلى الغرفة “304” بمستشفى علياء

البشير يحي مناصريه خلال احدى جلسات المحكمة

البشير يحيي مناصريه خلال احدى جلسات المحكمة

خاص : سودان تربيون

لم يكن الرئيس المعزول عمر البشير حضورا في جلسة محكمة انقلاب 1989 التي التأمت اليوم الثلاثاء، فالرجل وعديد من قيادات حكومته المعزولة المتهمين في ذات البلاغ يغيبون عن الجلسات منذ أشهر بحجة المرض.

أين يقيم الرئيس المعزول؟

أكّدت مصادر متطابقة أنّ الرئيس البشير يقيم بالغرفة رقم: (304) ضمن الجناح الخاص بمستشفى علياء الخاص، كما يحلّ نزيلاً بالغرفة المجاورة له صديقه المقرّب ووزير دفاعه الأسبق “عبد الرحيم حسين”.

ما أهميّة ذلك :يظهر بشكل كبير حجم التأثير السياسي على سير إجراءات المحكمة، وحالة التساهل، التي فرضها واقع الانقلاب العسكري، تجاه القضية إذ تمددت إقامة الرجلين بالمشفى خارج السجن منذ 25/10/2021.

كيف أخرج البشير من السجن إلى علياء؟

إثر تفشى فيروس (كوفيد-19) وسط النزلاء بسجن كوبر الاتحادي، خلال العام الماضي، طلب محامو البشير نقله إلى المستشفى الخاص الذي يملكه الجيش السوداني، وأشار المحامون لمعاناته كذلك من ارتفاع ضغط الدم.

منذئذٍ ظل البشير يسجل غياباً عن جلسات المحاكمة دون أن تفلح طلبات هيئة الاتهام في جلبه إلى قفص المحكمة.

يقول الخبراء القانونيون: “يجوز للمتهم أن يغيب عن جلسات المحكمة، بناء على طلبه لأسباب موضوعية في وجود محامي يمثله أمام المحكمة، إلا في أحوال خاصة تستدعي مثوله شخصياً من بينها تلاوة أقواله بواسطة المتحري.

وافق المحامي “عبد الباسط سبدرات” أن يظهر أمام المحكمة خلال جلساتها نيابة عن موكله “عمر البشير” وآخرين.

خلال جلسات سابقات من انعقاد المحكمة قدمت هيئة الاتهام طلبات متعددة بغية إحضار الرئيس البشير، وعدد من المتهمين الآخرين في ذات القضية ظلوا يتغيبون بذات الحيثيات، إلى قاعة التقاضي، وردت المحكمة بأنها وصلتها تقارير تستدعي أن يكونوا تحت الرعاية الطبية.

قال أبو بكر عبد الرازق، وهو أحد محامي الدفاع في القضية: “أستطيع أن أؤكد أنهم موجودون تحت الرعاية الصحية في علياء، وقد يستمر غيابهم عن المحكمة هكذا، حتى تقرر المستشفى أنهم يمكنهم الحضور”.

 وقالت مصادر تحدثت لـ “سودان تربيون” من بين الذين أخرجوا من السجن إلى مستشفى علياء”أحمد محمد هرون” لكنه كان غالباً يعود إلى السجن،ولا يتمتع بإقامة طويلة مثل التي يحظى بها البشير وعبد الرحيم حسين.

وتؤكد ذات المصادر: “إنّ الأمين العام للمؤتمر الشعبي ورفيقه إبراهيم السنوسي، المتهمين في ذات القضية، يقيمان منذ وقت بعيد بمستشفى يستبشرون الخاص”.

 تقارير طبية

قال محامي دفاع آخر، فضّل حجب اسمه لأنه غير مفوّض بالحديث: “بعض المتهمين في قضية الانقلاب أعمارهم فوق الثمانين وأغلبهم يعاني من أمراض القلب ولا يحتملون الحضور بقاعة المحكمة، لذلك سمحت المحكمة لعدد كبير منهم بأن يتابعوا علاجهم داخل المستشفى”

ويضيف: “تحت إلحاح الاتهام على حضور المتهمين، طلبت المحكمة مرات عديدة من المستشفى أن تقدم تقارير طبية تبين الوضع الصحي للمتهمين، وكانوا دائماً يحصلون على تلك التقارير التي تسمح لهم بالبقاء داخل المستشفى والغياب عن جلسات المحكمة”.

تقرير الخبير

يقول المستشار القانوني مصطفى بخيت: “في مثل هذه الحالة يعتمد القاضي على ما يعرف بـ “تقرير الخبير” وهي استشارة فنيّة يستعين بها القاضي لمساعدته في تقدير المسائل التي تحتاج لمعرفة فنيّة أو علمية لا تتوفر له، ولا يستطيع وحده الوصول إليها بحكم علمه وثقافته”

ويشرح بخيت آلية العمل داخل السجون السودانية فيما يتعلق بطلبات نقل السجناء للعلاج بالمستشفى، ويذكر أن “السائد هو أن يُعرض الطلب على قاضي مختص ومن ثم يقرر، بناء على استشارة الطبيب، أن يحيل النزيل إلى المستشفى، ومن بعدها فإنّ الأمر يخضع بالتمام لتقديرات الطبيب المعالج وهو الذي يقرر ميقات عودته إلى السجن”.

لكن ،لماذا لا تعيد المحكمة المتهمين إلى السجن بعد تطاول إقامتهم بالمستشفى؟ يقول بخيت: “حينما تخالف المحكمة “تقرير الخبير” فلا بد لها أن تقوم بتسبيب قرارها، وفي حالة محكمة الانقلاب، فإنّ قبول التقارير الطبية المتعددة التي تتيح للمتهمين البقاء بالمستشفى يمكن أن يعبّر عن خشية المحكمة من حدوث الوفيات وسط المتهمين ولا سيما بعد وفاة عدد من قادة ورموز النظام المعزول داخل السجون في أوقات سابقة، من بينهم الزبير أحمد الحسن، والشريف أحمد عمر بدر”

مكان آمن

صبيحة الحادي عشر من أبريل /2019 أعلن الفريق عوض بن عوف “إنّ اللجنة الأمنية العليا قررت اقتلاع نظام البشير والتحفظ على رأسه بعد اعتقاله في مكان آمن”

ظلت حقيقة اعتقال البشير ساعتئذٍ أمراً مبهماً إلى أن تكشفت الحقائق عن أنه محتجز داخل بيت الضيافة، من بعد، تحت ضغط المعتصمين أمام قيادة الجيش اضطر المجلس العسكري لنقله إلى سجن كوبر لأول مرة، قبل أن تقضي محكمة كانت تنظر قضية فساد تورط فيها البشير بإيداعه في مؤسسة إصلاحية لمدة عامين، ومن ثم استمر اعتقاله على ذمة القضية المنعقدة لمدبري انقلاب 30 يونيو 1989، ومع تفشي (كوفيد-19)  والحديث عن إصابته بالفايرس تم نقله المستشفى حيث لا يزال هناك حتى الأن.

لماذا يحتفظ الحكام العسكريون بالبشير رهن الاعتقال؟

أخبرنا مصدر قريب من دوائر المؤتمر الوطني المحلول “إنّ قيادات التنظيم وأنصار البشير بوجه خاص يطلقون السؤال: ما جدوى دعم ومساندة انقلاب 25 أكتوبر بينما يستمر اعتقال ومحاكمة رموز الحزب وقياداته؟

تقول المصادر يذهب فريق من أنصار البشير إلى أنّ استمرار اعتقاله لا يتسق مع التنسيق الوثيق مع سلطة العسكر الذي يجب أن يكون مقروناً، وفق تصوراتهم، بضرورة إحداث اختراق أو تسوية تنتهي بإخلاء سبيل المتهمين في القضية دون مساومة، أو التفات لرد الفعل الشعبي أو الثوري.