Sunday , 24 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

(ود الشافعي) … هل رفض الأهالي المساعدات السعودية؟

المياه حاصرت عشرات المناطق بمحلية المناقل وسط السودان - مواقع تواصل

الخرطوم : خاص سودان تربيون

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الايام الماضية مقطع فيديو يظهر أطنانا من المواد الإغاثة ملقاة في العراء، مصحوباً بتعليق أدلى به مواطن سوداني أوضح خلاله أن أهالي قرية ود الشافعي جنوبي الجزيرة، امتنعوا عن تسلم مساعدات إنسانية قادمة من السعودية عبر منظمة “مكة الخيرية”.

تقع قرية “ود الشافعي” بولاية الجزيرة  وسط السودان ضمن محلية ود النعيم، وكانت تحتضن في السابق رئاسة سكة حديد الجزيرة ورئاسة القسم الأوسط الزراعي وتعد واحدة من أكبر قرى المنطقة وأقدمها.

وقال الرجل الذي كان يتحدث في المقطع دون أن يظهر صورته: “إنّ مواطني القرية أعادوا الإغاثة ورفضوا استلامها، بعد اشتراط المنظمة تصوير الأسر لحظة تسلم المساعدات وهو ما قال صاحب التسجيل إنه غير لائق وينطوي على قدر من الإذلال والإهابة”.

محاولة للتضليل

لاحقاً، وبعد مضي 24 ساعة على الفيديو الأول، نشر “ياسر الشاذلي” الذي عرّف نفسه على حسابه الشخصي في تويتر بأنّه “صحافي في الحياة اللندنية” ذات الفيديو بعد تعديلات فنية بحذف الصوت الأصلي واستبداله بآخر، كان مضمون التعليق الصوتي مختلفاً هذه المرّة، إذ جاءت النبرة واللهجة مغايرة للصوت في التسجيل الأول، وهو يشيد بالملك سلمان ويثني عليه.

وكتب “ياسر الشاذلي” تغريدة ملحقة بالفيديو جاء فيها: “الفيديو الحقيقي للمساعدات السعودية لأهلنا في السودان، قبل تزييف وتركيب صوت عليه من (الإخونج) عن رفض تسلم المساعدات”.

ودرج إعلاميون موالون للسعودية على استخدام كلمة “الإخونج” للإشارة لجماعة الإخوان المسلمين، وبعد أن أطلق الكلمة ولي عهد المملكة “محمد بن سلمان خلال مقابلة مع تلفزيون (MBC) صيف العام 2017.

التزييف يتجلى

لاقى الفيديو المفبرك رواجاً كبيراً وسط حسابات المستخدمين السعوديين على تويتر، ولاحظ محررو “سودان تربيون” أنّ النسخة الثانية أقل جودةً من الأولى، وهوما أكّده مختص في صناعة وإنتاج المواد المصورة مؤكدا أنّ المادة أُخضعت للتحرير.

وبمزيد من البحث والتقصي، وضعت “سودان تربيون” يدها على التسجيل الأصلي الذي تم انتزاع الصوت منه ليتم إدخاله على مشهد المواد الإغاثية المتناثرة في العراء والذي تم التأكيد من خلاله على رفض الأهالي للإغاثة السعودية.

واطلعت “سودان تربيون” على تسجيل مصور يظهر رجل مسن يقف في منطقة غمرتها المياه، لكن المظاهر العامة للبيئة من حوله كانت تختلف عن المنطقة التي تم فيها تصوير المشهد الأول، كان الرجل يشكر الملك سلمان ومنظمته الإغاثية وهو ما أكد فبركة الفيديو الأخير الذي يتحدث عن تسلم الأهالي للمساعدات.

حقيقة ما جرى

بدا الأمر صباح الأحد الرابع من سبتمبر 2022 عندما وصل إلى قرية ود الشافي جنوبي الجزيرة شخص سعودي الجنسية على رأس قافلة إغاثية قال إنها من منظمة مكة الخيرية، لدعم المتأثرين بالسيول، جاء معه مرافق سوداني.

ويقول شاهد عيان من أهالي القرية لسودان تربيون” :”بعد إكرامه والترحيب به أطلق الرجل السعودي طائرة مسيرة صغيرة زعم أنها من أجل الاستكشاف.
بعدها تم تقسيم المواد على نسق سلال تضم أصنافاً متعددة من المواد التموينية، قبل أن يطلب منهم السعودي أن تكون عملية استلام المواد مصورة بالكامل لكل من يتسلم سلة من المساعدات وهنا توقفت العملية وتأزم الموقف.

وحصلت “سودان تربيون” على مجموعة من التسجيلات المصورة كان أحدها يتضمن تصريحاً مقتضباً للمندوب السوداني الذي رافق القافلة قال فيه: ” أهلنا في ود الشافعي رفضوا هذه المواد الإغاثية وقمنا بتحميلها راجعة إلى الشاحنات التي أتت عليها بعد أن رفض الناس التوثيق”.

وأستطرد الرجل: “إنّ أي صورة تظهر بالوسائط لمتضررين من ود الشافعي غير معتمدة”.

وكانت وكالة الأنباء السعودية (واس) اوردت خبرا مصحوباً بصور لرجال ونساء قالت إنهم من “ود الشافعي” وجاء في متن الخبر: “واصل فريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية توزيع المساعدات الإغاثية للمتضررين من الفيضانات في جمهورية السودان الشقيقة، وجرى أمس توزيع 22 طنًا و200 كيلوجرام من السلال الغذائية، و100 حقيبة إيوائية، و20 خيمة، و450 بطانية في قرية ود الشافعي التابعة لمحلية جنوب الجزيرة بولاية الجزيرة، استفاد منها 3.372 فردًا”.

لكن الشاهد من أهالي ود الشافعي قال لسودان تربيون إنه لم يتعرّف على أي شخص من الذين ظهروا بالصور التي نشرتها الوكالة السعودية.

وأضاف: “أستطيع التأكيد أنّ هؤلاء الأشخاص ليسوا من قرية ود الشافعي، وهم أهلي وأعرفهم جميعاً” وأضاف “وصلت إلى المنطقة إغاثة بواسطة مركز الملك سلمان ولكنهم لم يقوموا بأي عمليات تصوير”.

الإغاثة تعود

ورصدت “سودان تربيون” توثيقاً كاملاً لعملية رفع المواد الإغاثية بواسطة شباب القرية وإعادة تحميلها إلى الشاحنات وهو ذات الأمر الذي أكّده المندوب السوداني المرافق للرجل السعودي، في تلك الأثناء حاول بعض الأهالي استكناه أصل المنظمة وطبيعة عملها حيث ذكر أحدهم أن السلطات السعودية لا تسمح بممارسة أي نوع من هذه الأنشطة خارج مظلة مركز الملك سلمان، لكن السعودي ومرافقيه أظهروا تحفظاً ولم يقدموا أيما معلومات عن المنظمة.