من وثائق إنقلاب 19 يوليو 1971
د.فيصل عبدالرحمن علي طه
[email protected]
في فجر يوم 22 يوليو 1971 أجبرت مراقبة الطيران الجوي الليبي في بنغازي قائد رحلة طائرة الخطوط البريطانية BA045 على الهبوط في مطار بنينه. وقد كان ضمن ركاب تلك الطائرة المقدم بابكر النور والرائد فاروق حمد الله (رحمهما الله). وسنورد فيما يلي ترجمة للرسالة المتعلقة بتلك الواقعة والتي بعث بها كولن كرو رئيس بعثة المملكة المتحدة بالأمم المتحدة إلى الأمين العام للمنظمة، يوثانت، بتاريخ 28 يوليو 1971.
“معالي يوثانت …
…. عندما كانت طائرة تابعة للخطوط الجوية البريطانية في طريقها إلى الخرطوم قادمة من لندن – ضمن رحلة جوية مقررة- قد دخلت المجال الجوي الليبي، تلقت امراً من مراقبة الطيران الجوي الليبي في بنغازي بالهبوط في مطار بنينه. وعندما استدار قائد الطائرة بالطائرة للرجوع باتجاه مالطا سرعان ما هددته مراقبة الطيران الليبي في بنغازي بالتدمير إذا لم يهبط في مطار بنينه، وذلك بينما كانت الطائرة لا تزال داخل المجال الجوي الليبي.وبما أن قائد الطائرة كان مسؤولاً عن كل حمولته من الركاب بما في ذلك النساء والأطفال، فلم يكن أمامه أي خيار سوى إطاعة تلك التعليمات.
عند الهبوط في مطار بنينه، طلبت سلطات الأمن الليبية التحدث إلى اثنين من الركاب هما المقدم بابكر النور والرائد فاروق حمد الله، وأمرتهما بمغادرة الطائرة فرفضا ذلك في البداية. ولكنهما وافقا عندما ابلغتهما السلطات الليبية بأنهما بذلك يعرضان حياة الركاب الآخرين للخطر. بعد ذلك عادت الطائرة (1) بباقي الركاب (2) إلى لندن، وكلهم كانوا في امان.
إن حكومة صاحبة الجلالة في المملكة المتحدة كانت قد طلبت من السفير الليبي في لندن إطلاق سراح الراكبين الذين تم إنزالهما من الطائرة، والسماح لهما بالمضي إلى الخرطوم أو العودة إلى لندن إذا رغبا في ذلك. ولكن الحكومة الليبية تجاهلت ذلك الطلب دون أن تقدم أي توضيح أو اعتذار.
إن حكومة صاحبة الجلالة تعتبر أن العمل الذي قامت به الحكومة الليبية عمل لا يمكن تبريره، فهو يتعارض كلية مع قرار مجلس الأمن رقم 286 وقرار الجمعية العامة رقم 2645 (XXV) الذي دعا الدول إلى منع التدخل في السفر عبر الطيران المدني الدولي. وعلاوة على ذلك، فقد تم ذلك بعد حادثة إنزال راكبين من طائرة اخرى للخطوط الجوية البريطانية بمطار اللد في 14 أغسطس 1970 (3). لقد عبرتم معاليكم آنذاك عن الرعب لعدد الحوادث التي اشتملت على مسافرين جويين أبرياء، وتعرضت سلامتهم وحياتهم للخطر بلا رحمة.
إن مثل هذا التدخل في حرية السفر الجوي يشكل خروجاً خطيراً على العرف الدولي المقبول وينبغي أن يكون محل اهتمام المجتمع الدولي.
وتحتفظ حكومة صاحبة الجلالة بحق مواصلة متابعة هذه المسألة عبرالجهاز المناسب من أجهزة الأمم المتحدة.
كما سيكون من دواعي سروري لو قمتم بتعميم هذه الرسالة كمذكرة شفوية note verbale إلى جميع أعضاء الأمم المتحدة.”
(1) عادت الطائرة إلى لندن بتعليمات من شركة الخطوط الجوية البريطانية BOAC.
(2) كان من ضمن الركاب الذين عادت بهم الطائرة إلى لندن محمد محجوب عثمان شقيق عبدالخالق محجوب.
(3) كانت السلطات الإسرائيلية قد قامت بإنزال مسؤولين جزائريين من طائرة الخطوط الجوية البريطانية بمطار اللد في 14 أغسطس 1970 وهما الرائد جلول الخطيب (الأمين العام لرئاسة الجمهورية الجزائرية) وعلي بلعزيزالذي زعم الإسرائيليون بأنه مسؤول أمني.