مسؤول في الجبهة الثورية : تحويل الخلافات في شرق السودان إلى صراع حول الهوية سيقود إلى حرب أهلية
الخرطوم 17 أبريل 2022- حذر مسؤول رفيع في الجبهة الثورية السودانية من محاولات التشكيك في انتماء بعض المكونات القبلية في الجزء الشرقي من البلاد وإثارة نزاع حول الهوية والمواطنة وقال ان ذلك سيقود إلى اندلاع حرب أهلية شاملة في شرق السودان.
وقال المتحدث باسم الجبهة الثورية رئيس مؤتمر البجا المعارض أسامة سعيد، أن إغلاق شرق السودان من قبل أنصار الزعيم القبلي المثير للجدل محمد الأمين ترك خواتيم العام الماضي كان بمثابة جريمة كبرى تستدعي العقاب الرادع لما سببه من خسائر فادحة طالت الاقتصاد السوداني.
وأغلق محتجو البجا في سبتمبر 2021 لأكثر من شهر الموانئ على البحر الأحمر، والطريق الرئيسي بين الخرطوم وبورتسودان، احتجاجا على ما يقولون إنه تهميش تنموي تعاني منه المناطق الشرقية ورفض اتفاق وقعته الحكومة مع جماعات متمردة سابقة.
وتسبب الاغلاق الطويل في حدوث ندرة كبيرة في السلع الاستراتيجية كالسكر والقمح والوقود، والأدوية، والتي تصل جميعها من موانئ البحر الأحمر إلى العاصمة الخرطوم، وبقية الولايات الأخرى.
وأكد سعيد في مقابلة مع “سودان تربيون” أن توقيعهم للسلام لم يكن مع المجلس الأعلى للبجا وإنما مع الحكومة السودانية التي ينبغي عليها الالتزام به وتنفيذ بنوده موضحاً أن من حق الأطراف المختلفة أن تعترض على الاتفاق لكن بالوسائل السلمية دون استغلال الأوضاع السياسية بالاتجاه نحو إغلاق الطرقات والموانئ.
وتابع “تضرر الاقتصاد بصورة كبيرة جراء إغلاق الموانئ وهي جريمة كبيرة في حق الشعب السوداني فالموانئ لسنين طويلة ستعاني من ارتفاع في رسوم الشحن والتأمين وقلت البواخر الراسية في ميناء بورتسودان نتيجة للإغلاق الطويل وزعزعة الامن كما أن هناك نحو 40 الف عامل تضرروا من ذلك”.
في سؤال حول انقضاء مهلة تجميد أتفاق مسار شرق السودان والتخوفات من حدوث مواجهات في حال المطالبة بإلغاء التجميد وتنفيذ الاتفاق أوضح سعيد بأن الاتفاق هو جزء من سلام جوبا الذي وقعته الجبهة الثورية.
وشدد على ضرورة تنفيذه كحزمة واحدة دون تجزئة وقال ” إذا كانت المطالبة بتنفيذ الاتفاق سيقود إلى مواجهة فليكن ذلك فالحكومة ملزمة بتنفيذ الاتفاق وهو موقع بحضور شهود دوليين”.
وأستبعد وجود ضغوط على الحكومة من قبل مكونات اجتماعية في الإقليم لتجميد المسار الا أنه كشف عن أن أتفاق شرق السودان كان يستخدم كورقة ضغط في الخلافات بين المدنيين والعسكريين ما أدى إلى أن تكون قضية الإقليم عرضة للمزايدة والصراع السياسي مضيفاً أن المعارضين للاتفاق لديهم أجندة خاصة بهم وأجندة متعلقة بأشخاص اخرين.
وتابع ” لسنا معنيين بآي حديث غير الذي يصدره الوسيط”.
ووقعت الحكومة السودانية في العام 2020 اتفاق سلام مع عدة جماعات متمردة، بهدف إنهاء سنوات من الصراعات المسلحة في إقليم دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وتضمن الاتفاق ستة بروتوكولات من بينها تقاسم السلطة، والترتيبات الأمنية وتقاسم الثروة.
ولكن رغم مرور أكثر من العام والنصف منذ التوقيع على الاتفاق لم تلتزم الحكومة بمعظم بنوده.
ورفض القيادي في الجبهة الثورية دمغ قادة المسار بالأجانب واتهامهم بالسعي للسيطرة على الإقليم موضحاً بأنهم مواطنين سودانيين من الدرجة الأولى ولديهم امتداداتهم الاجتماعية في شرق السودان.
وتابع قائلاً “لم نأتي من باب المسار فأنا كنت جزء من الكفاح المسلح في الشرق إلى أن توج باتفاقية أسمرا وكنت مشارك في الاتفاقية وتوليت مناصب تنظيمية رفيعة في مؤتمر البجا”.
ويرى أن تحويل الصراع حول المواطنة والهوية سيقود الشرق إلى مهالك وحروب أهلية وأردف “نحن دعاة المواطنة المتساوية التي تكفل كامل الحقوق دون تمييز لأي شخص بعرق او غيره”.
وكانت جماعات قبلية معينة في المنطقة طالبت بمراجعة الهوية لعدد من سكان شرق السودان وأبدت مخاوف من محاولة جماعات لها ارتباطات خارجية بالسيطرة على الأوضاع في المنطقة عبر بوابة اتفاق جوبا وذلك في محاولة للتشكيك في وطنية أبناء المنطقة من البنى عامر.
ودافع أسامة سعيد عن الاتفاق الذي وقعوه وقال بأنه سيحقق مكاسب كبيرة لسكان الإقليم في الخدمة المدنية والوظائف القيادية وفي السلك الدبلوماسي ومجانية التعليم وإلزاميته في مرحلة الاساس وإنشاء المدارس وإدخال اللهجات المحلية في المقررات الدراسية وإعفاء أبناء الإقليم من الرسوم الجامعية ومنح المنطقة نسبة 30% من عائدات الموارد التي يذخر بها الإقليم كما تحدث عن الحل الجذري لمياه بورتسودان والقضارف وإحياء المشاريع الزراعية مثل طوكر وحلفا ودلتا القاش.
وقلل من الانتقادات التي وجهت لمؤتمر الجبهة الثورية التداولي الذي عقد مؤخراً في الدمازين وأشار ان التنظيمات التي حضرت المؤتمر هي ثمانية تنظيمات، وأضاف ان العدل والمساواة جزء من الجبهة الثورية ولن تغادرها.
وأوضحً أن مؤتمر الدمازين تناول قضايا مهمة بينها تجديد الخطاب السياسي لكون أن أدبيات الجبهة الثورية في حوجة للتجديد ومواكبة ما أحدثته ثورة ديسمبر من تغييرات والتحول الكبير في طرح الساحة السياسية.
وأضاف ” خطاب الحركات المسلحة كان ينادي بإسقاط النظام البائد والعمل على اقامة نظام ديمقراطي فدرالي وتعددي تكون فيه المواطنة المتساوية هي أساس الحقوق والواجبات عبر وسائل عديدة منها الكفاح المسلح والعمل الشعبي وتحريك الشارع والعمل الدبلوماسي والإعلامي والحل السياسي المتفاوض عليه”.
وحذر من إنهيار السودان وانزلاقه في أتون الفوضى في حال استمرار الاحتقان السياسي وأكد أن مبادرة الجبهة الثورية جاءت لتدارك الخطر الذي يحيط بالسودان لعلمها بما يدور في الساحة وعلاقاتها مع كافة الاطراف.
ويشهد السودان احتجاجات وفراغ دستوري منذ قرارات اصدرها القائد العام للجيش تضمنت حل الحكومة الانتقالية وإعلان حالة الطوارئ ما أدى إلى حدوث احتقان سياسي.
وتابع سعيد قائلاً ” الجبهة الثورية مؤهلة لأن تلعب دور بارز في حل الأزمة عبر مبادرتها الخاصة” وأشار للقاءات المختلفة التي عقدت لطرح المبادرة ضمت القوى السياسية بما فيها الحرية والتغيير المجلس المركزي والمكون العسكري برئاسة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان.
وأقر بأن كثرة المبادرات المطروحة في الساحة تشير لعمق الأزمة السياسية إلا انه راهن على نجاح الجبهة الثورية في احداث اختراق كبير في الازمة كونها أحد اطراف فيها وشريك أصيل في الحكومة. وأفاد ” نعلم بمخاوف وطموحات كل الاطراف وسقوفاتهم ومبادرتنا عملية وتضمنت جداول زمنية ويمكن ان تلعب دورا في تقريب وجهات النظر ونحن على ثقة في أنها ستنجح”.
وفي سؤال حول تقاضيهم عن العنف والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها أجهزة الأمن تجاه المحتجين السلميين أكد سعيد بأن الثورية ليست متساهلة تجاه أي إنتهاك موضحاً أنها ناضلت من أجل حقوق السودانيين وتقف بصرامة وحزم ضد العنف.
ونوه أن مبادرتهم تحدثت بصورة واضحة عن إجراءات بناء الثقة من بينها وقف العنف ضد المتظاهرين وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ورفع حالة الطوارئ تهيئة المناخ الملائم للحوار وهي إجراءات تقع تحت مسؤولية المكون العسكري، وأن على القوى المدنية التي تقود الاحتجاجات أن تخفف من حدة التوتر والخطاب ضد القوات النظامية وأن تلغي شعارات الرفض وهي ضرورية لإجراءات بناء الثقة وتعزز من مسألة الحوار.
ونفي تورط الجبهة الثورية في قمع الاحتجاجات الشعبية التي تخرج باستمرار في السودان مؤكداً بأنها ليس لديها قوات داخل المدن لمغادرة كل قواتها لمواقع التجميع باستثناء مجموعة صغيرة هي من الحراسات الخاصة.
وأبدى عدم رضائهم من تنفيذ أتفاق الترتيبات الأمنية وحمل الحكومة مسؤولية تأخير في إنفاذ عدد من البنود بما في ذلك الترتيبات الأمنية.
وأفاد ” الترتيبات الأمنية هي سلسلة من الإجراءات تبدأ بالتجميع والفرز ومن ثم الدمج والتسريح فهي في حاجة إلى إرادة سياسية ومال”.