مبعوث أممي : الجيش السوداني يدرس اجراءات لبناء الثقة
الخرطوم 28 مارس 2022- كشفت البعثة الأممية المتكاملة في السودان “يونيتامس” الاثنين، أن الجيش المسيطر على السلطة في البلاد يدرس إمكانية اتخاذ قرارات لبناء الثقة دعماً للحوار السياسي الذي ترعاه والساعي لإنهاء الأزمة المتطاولة منذ أشهر.
وأطلقت “يونتيامس” في يناير الماضي مشاورات أولية لعملية سياسية شاملة بين الأطراف السودانية تتولى تيسيرها بهدف دعم أصحاب المصلحة السودانيين للتوصل إلى اتفاق للخروج من الأزمة السياسية الحالية، والاتفاق على مسار مستدام للتقدم نحو الديمقراطية والسلام
وأكد رئيس بعثة “يونتيامس” فولكر بيرتس في إحاطة قدمها لمجلس الأمن الدولي الاثنين،أن السودان في حوجة إلى عملية منفصلة لمناقشة قضايا الدستور الدائم ومستويات الحكم والعلاقات بين المركز والهامش والتقاسم العادل للثروة، أو اتفاقات السلام وتنفيذها برعاية رئيس وزراء مقبول محلياً.
وأوضح أن الهدف من المحادثات المقبلة هو العودة إلى النظام الدستوري والمسار الانتقالي، في ظل حكومة مدنية قادرة على توجيه البلاد خلال الفترة الانتقالية ومعالجة الأولويات الأساسية.
بناء الثقة
وطالب بتهيئة البيئة المناسبة لإطلاق المشاورات بإنهاء العنف والإفراج عن المعتقلين السياسيين ورفع حالة الطوارئ.
وأضاف “نقلتُ أنا ومبعوث الاتحاد الأفريقي حسن ولد لبات، هذه الرسائل علناً وكذلك مباشرة بشكل خصوصي إلى القيادة العسكرية وإلى جميع أصحاب المصلحة وقد أُبلغت في عطلة نهاية الأسبوع أنّ الجيش يدرس الآن بعض إجراءات بناء الثقة التي إذا تمّ تنفيذها، يمكن أن تعزز البيئة لإجراء المحادثات السياسية”.
وقال إنّ السودان بلا حكومة منذ انقلاب 25 أكتوبر والاحتجاجات ضدّ الانقلاب والقمع العنيف لهذه الاحتجاجات ما زالا مستمرّين، وأشار لتدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية و الأمنية في البلاد.
ولفت المبعوث لانخفاض قيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية نتيجة لقرار بنك السودان المركزي بتحرير سعر الصرف وانعكاس ذلك سلبا في أسعار الخبز والوقود والكهرباء والأدوية والرعاية الصحية والنقل العام.
ومطلع الشهر الجاري أعلن بنك السودان المركزي توحيد سعر صرف الجنيه السوداني، ضمن ملامح سياساته النقدية الجديدة التي من ضمنها لتقوم المصارف وشركات الصرافة بتحديد وإعلان أسعار بيع وشراء العملات الحرة دون تدخل منه في عملية تحديد الأسعار وأتى هذا القرار في ظل انخفاض غير مسبوق في قيمة العملة الوطنية.
خسائر كبيرة
وأكد بيرتس أن السودان معرض لخسارة مليارات الدولارات من الدعم الخارجي لتعليق البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمانحين الرئيسيين الآخرين لمساعدات كانت تقدم للحكومة الانتقالية التي انقلب عليها الجيش.
وحذر من مخاط تفويته لمواعيد نهائية قطعها لبنك الدولي وصندوق النقد الدوليين للدعم الاقتصادي والمالي الدولي، وإعفاء نحو 50 مليار دولار من ديونه الخارجية كان السودان في طريقه لتحقيقها بعد وصوله إلى نقطة قرار مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون “هيبك” يونيو الماضي..
وكشف عن تزايد أعداد السودانيين المحتاجين للمساعدات الإنسانية متوقعا أن تضاعف الآثار المجتمعة للنزاع والأزمة الاقتصادية وضعف المحاصيل، عدد الأشخاص الذين يواجهون خطر الجوع الحاد ليصل إلى ما يُقارب 18 مليون شخص بحلول نهاية هذا العام.
والأسبوع الماضي حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”وبرنامج الغذاء العالمي في بيان مشترك من أن التأثيرات الناجمة عن النزاع في أجزاء من إقليم دارفور ومنطقة كردفان والأزمة الاقتصادية وضعف الحصاد تقوض قدرة الناس على الوصول إلى الغذاء في السودان.
غياب الحل فاقم الوضع الأمني
وأكد فولكر أن غياب الحل السياسي للأزمة السياسية المتطاولة فافم الأوضاع الأمنية وارتفعت معدلات الجريمة والخروج على القانون ونوه للحالة الأمنية المتردية في دارفور قائلاً ” إن حدة الصراع القبلي في دارفور قد ازدادت وتمّ تجريد المزارعين من أراضيهم عن طريق الهجمات العنيفة ونُهبت الأصول وأحرقت القرى.
وكشف عن قتل نحو 48 شخص وتشريد ما يزيد عن 12 ألف آخرون بسبب تجدد الصراع القبلي حول الذهب في منطقة “جبل مون” بولاية غرب دارفور.
وأعلن دعمه لتنفيذ الترتيبات الأمنية الموقعة ضمن اتفاقية جوبا للسلام من خلال لجنة وقف إطلاق النار الدائم في دارفور، التي ترأسها اليونيتامس”.
وأشار أن الجهود المحلية لبناء السلام تحتاج إلى دعم دولي يمكن أن تساعد على منع العنف أو وقفه وتعزيز حماية المدنيين وأيد مطالب الحكومة السودانية بدعم دولي بغرض نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج لقوات الحركات المسلحة.
ونوه لاستمرار الانتهاكات التي تمارسها أجهزة الأمن تجاه المتظاهرين في الاحتجاجات المطالبة بإبعاد الجيش عن السلطة وأشار للاعتقالات التي طالت قادة سياسيين وأعضاء في لجان المقاومة وأكد أن اسر المحتجزين والمحامين لم يتمكنوا من الوصول إليهم.
وأعرب عن قلقه من تزايد استهداف النساء وتعرضهن للعنف الشديد من قبل قوات الأمن مبينا أن تقارير أفادت بأنّ نحو 16 امرأة تعرضن للاغتصاب أثناء الاحتجاجات في الخرطوم.
وكشف عن تلقيه تقارير بشان توترات بين قوات الأمن السودانية وأبدى عن قلقه من انحدار السودان إلى صراعات وانقسامات كما يحدث في ليبيا واليمن في حال لم تتوصل الأطراف المختلفة لحل سياسي.
مشاركة الاتحاد الأفريقي
وأفاد فولكر أن المشاركين في المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة اتفقوا على ضرورة وضع حد للعنف وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة وتشكيل مجلس تشريعي انتقالي وإعادة النظر في دور مجلس السيادة وحجمه وعضويته والتمثيل المجدي للمرأة بنسبة لا تقلّ عن 40 بالمائة في المؤسسات الانتقالية.
وقال في خطابه أنّ الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية “إيقاد” اتفقا على مضافرة الجهود لدعم السودان خلال المرحلة المقبلة.
وتابع”إنّ عزمنا المشترك هو تيسير عملية سياسية شاملة، يملكها السودانيون ويقودها السودانيون، بمشاركة كاملة ومجدية من قبل النساء، مع التركيز على عدد محدود من الأولويات العاجلة والملحّة اللازمة لمعالجة الأزمة الحالية واستعادة النظام الدستوري
وشدد على أن “يونيتامس” تضع أولويات من خلال المشاورات التي أجرتها تتضمن ترتيبات دستورية مؤقتة تشمل الأجهزة التنفيذية والتشريعية فضلاً عن هيكلها ووظائفها ومعايير وآلية تعيين رئيس وزراء ومجلس وزراء، وخارطة طريق للفترة الانتقالية وبرنامج حكومي يركزان على مجموعة قابلة للتحقيق من المجالات ذات الأولوية، بما في ذلك نوع الانتخابات وتوقيتها والظروف المناسبة لها في نهاية الفترة الانتقالية
وتوقع انطلاقة المشاورات التي ترعاه “يونتيامس” في مرحلتها الثانية غضون الأسبوعيين المقبلين وتوقع مشاركة أصحاب المصلحة بروح سماحة شهر رمضان