بعد رسائل أبو حذيفة السوداني .. هل يطرق الإرهاب أبواب الخرطوم ؟
الهادي محمد الأمين
أطلق قيادي بازر بتنظيم “حراس الدين” بسوريا أحد أهم أفرع القاعدة دعوة صريحة لعناصر القاعدة بالسودان لتشكيل خلايا جهادية وتأسيس جبهة قتال داخل البلاد ودعا القيادي بالتنظيم أبو حذيفة السوداني أنصاره للإسراع في الإعداد لتأسيس كتائب وتشكيلات عسكرية تنفذ عملياتها العسكرية بنظام حرب العصابات وتركيز الخلايا الحربية خارج وداخل الخرطوم بحيث لا يقتصر نشاطها على العاصمة حتى تضمن وجود قواعد خلفية للإمداد والدعم .
وحث أبو حذيفة السوداني أنصار تنظيم القاعدة على الاستفادة من حالة عدم الاستقرار الأمني وهشاشة الأوضاع في السودان للترتيب لتنفيذ هجمات إرهابية مؤكدًا على ضرورة استهداف جهاز المخابرات العامة السوداني وإدارة مكافحة الإرهاب التابعة له هذا فضلاً عن استهداف المؤسسات الاقتصادية للجيش السوداني والعمل استنزافها بهدف إضعاف القوات المسلحة توطئة لهزيمتها.
وشدد أبو حذيفة السوداني في كتاب جديد نشرته مؤسسة “بيت المقدس الإعلامية” التي تمثل الذراع الإعلامي لتنظيم القاعدة جاء تحت عنوان (الأمير المنسي) على شن هجمات إرهابية وتأسيس جماعات جهادية تابعة للتنظيم داخل السودان ووجه أبو حذيفة السوداني رسالته الى من اسماهما (الأمير المنسي) و (زرقاوي بلاد النهرين) للبدء فوراً في بناء وإعداد فصائل جهادية داخل البلاد .
وعرف عن أبو حذيفة السوداني بجانب قتاله في صفوف القاعدة باهتمامه وحرصه علي تأليف ونشر الكتب مثل كتابه (إتكاءة علي حد السيف) و (خواطر سجين) وأخيرا (الأمير المنسي) وشارك الرجل الذي يعد من ابرز قيادات حراس الدين بسوريا في طبخ عدد من المبادرات لتوحيد التنظيمات المقاتلة في سوريا مع رفيقه أبو محمد المقدسي وأفلت أبو حذيفة من عملية محكمة للقبض عليه بواسطة السلطات بعد فشل تنفيذ عملية إرهابية داخل أراضيها وفر إلي العراق ومنها باكستان وبعد عودته للخرطوم تم توقيفه وتسليمه للسعودية وسجنه لقرابة العشر سنوات وبعد الإفراج عنه التحق بصفوف حراس الدين بسوريا إحدى المجموعات المقاتلة والمبايعة للقاعدة.
ويصنف الرجل وفقاً لواشنطن كإرهابي عالي الخطورة وتسربت عنه عدة خطابات حماسية تحض عناصر القاعدة بالسودان لتحويل المشاعر والعواطف إلي رصاص وطلقات والحوقلة والاسترجاع إلي قذائف وعبوات والعويل والصراخ إلي قنابل ومفخخات تقطف رؤوس أئمة الكفر وتهدم بنيان دولة المرتدين وتبني بالدم القاني دولة التوحيد .
عليه ،هل سيتحول السودان إلي منطقة لتنفيذ عمليات إرهابية خلال المرحلة المقبلة في ظل تطورات الأوضاع المتسارعة التي تشهدها البلاد خلال هذه الفترة الراهنة والمستقبل القريب ؟ قد تكون هناك صعوبة بالغة في الإجابة علي هذا التساؤل لكن العديد من المؤشرات والأحداث التي ظهرت ربما تجعل البلاد ساحة مفتوحة للإرهاب ونقطة ساخنة ومشتعلة بعد أن تحولت لبؤرة توتر مع تصاعد حدة الخلاف والصراع السياسي بين الفر قاء السودانيين وزيادة واتساع رقعة السيولة والهشاشة الأمنية.
وبالترافق مع تلك التطورات دفعت واشنطن بالقائم الحالي بأعمال منسق مكافحة الإرهاب والمبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة داعش بالخارجية الأمريكية والذي عمل من قبل في كل من السعودية ، العراق ، ليبيا وسوريا جون غودفري ليكون سفيراً لها بالخرطوم الأمر الذي يفسر أن واشنطن – علي الأقل – تتحسب لاحتمالية أن تكون البلاد وجهة للإرهابيين ومركزاً لنشاطهم ونقطة مقر وعبور لهم فالإرهاب بدأ يطرق أبواب الخرطوم بعنف دون تكون البلاد في حالة استعداد وجاهزية لمواجهة تحدياته ومخاطره ومهدداته ..
وفي خطوة إستباقية قرر مجلس الأمن والدفاع الذي يرأسه رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في إحتماعه المنعقد في 16 يناير الماضي تأسيس قوة خاصة لمكافحة الإرهاب لمجابهة التهديدات المحتملة في وقت وقف فيه المجلس على التدابير والخطط التي بذلها جهاز المخابرات العامة في تفكيك الخلايا الإرهابية بعمليات إستباقية ضد المخططات التي تستهدف أمن واستقرار البلاد.
وجاء اجتماع مجلس الأمن والدفاع السوداني قبل أيام وجيزة من زيارة عمل مهمة قام بها وفد من منظمة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية “سيسا” وهي المنظمة المعنية بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عابرة الحدود للوقوف ميدانياً علي جملة الأوضاع بالبلاد علي ضوء ما كشف فيه نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي أن البلاد أصبحت عُرضة للعمليات الإرهابية وأن السودان به إرهابيون خطيرون ومن غير المستبعد تورطهم في أعمال تشهدها البلاد حال انزلاقها في مستنقعات الفوضى والاضطرابات والقلاقل وانفراط عقد الأمن وأن وقوع مثل هذه الأحداث من شأنها التأثير علي جميع بلدان المنطقة ودول الجوار.
وقال حميدتي إن أمريكا والدول الأوربية إذا لم تساند السودان في حلحلة أزماته وتجاوز مشكلاته فسيقع تحت رحمة الإرهابيين ويشكل مركز إزعاج في المنطقة وأن انفجار الأوضاع في البلاد سينعكس علي جميع دول المحيط والإقليم بعد دخوله في الدائرة السوداء والنقطة الحرجة في ذات الوقت الذي تم فيه ضبط خلية إرهابية بالنيل الأبيض وبحوزتها أسلحة ومتفجرات وتردد ان عناصر الخلية الإرهابية كانوا في طريقهم للخرطوم.
وفي وقت سابق دعا تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام “داعش” أنصاره لقتال من اسماهم بالمرتدين وطواغيت السودان وإعلان الجهاد لإزالة الفتنة والشرك وأبرزت نشرة النبأ الأسبوعية – لسان حال داعش – في مقدمة صفحاتها (الافتتاحية) انه لا حل من المؤامرات التي تحاك ضد السودان إلا بالجهاد.
وتجئ هذه الإشارات لتهيئة الأجواء في البلاد لتنفيذ وصية مؤسس داعش أبو بكر البغدادي الذي أوصي مقاتليه في آخر إصدارة مصورة عبر مقطع فيديو تم بثه علي “يوتيوب” قبل مقتله بوقت وجيز بالاهتمام بالسودان وإعطائه أولوية في سلم اهتمامات تنظيم الدولة وجدول أعماله.
وقالت سفارة السودان بدمشق أنها بدأت ترتيباتها لعملية استعادة عدد من مقاتلي داعش السودانيين المقيمين في مخيمات اللجوء شرقي سوريا في وقت أكدت فيه الإدارة الذاتية لمنطقة القامشلي وجود أسر سودانية بأطفالها تعيش في معسكرات اللاجئين ستبدأ رحلة إعادتهم للخرطوم الأمر الذي يزيد من تعقيدات الأوضاع حال وصولهم للبلاد إن لم تتم عمليات إعادة تأهيلهم توطئة لإدماجهم في المجتمع السوداني حيث تشكل عودة الدواعش مخاطر إضافية في ظل الأوضاع الراهنة.
وعلي صعيد آخر أعادت واشنطن ممثلة في برنامج مكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الترويج لنشرة صحفية حملت صورة جون مايكل غرانفيل وسائقه عبد الرحمن عباس الذين اغتيلا في الخرطوم مطلع العام 2008 ، ونشر اعلان رصدت فيه جائزة المالية قيمتها 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد في القبض علي قتلة غرانفيل الأمر الذي يعني – وفقاً – للنشرة أن واشنطن غير مقتنعة بأن من نفذوا عملية الاغتيال هم الخلية المعروفة التي تمت محاكمة عناصرها بالإعدام وأن المخططين للعملية الذين عملوا في الخفاء وخلف الكواليس لا زالوا مطلقي السراح ويجب القبض عليهم وان هذا العمل يتطلب جهداً إضافياً ويحتاج لشخصيات لها القدرة في تعقب وتقفي أثر الإرهابيين ورصد تحركاتهم مما جعلها فيما يبدو تدفع بالقائم الحالي بأعمال منسق مكافحة الإرهاب والمبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة داعش بالخارجية الأمريكية جون غودفري ليكون سفيراً لها بالخرطوم .