سيدى الرئيس.. لا السجن ولا السجَّان باق!
بقلم : عادل الباز
1
في بلادنا نيلٌ واحد وألف نهرٍ للجنون، أي والله!!
لجنة سياسية تعتقل وتصادر أملاك الناس وأموالهم بلا قضاء، وترفع شعار (حرية وعدالة)!
رئيس وزراء يطلب من العالم إرسال بعثة دولية من دون موافقة الشركاء السياسيين والعسكريين!
رئيس دولة يلتقي رئيس وزراء الكيان الصهيوني من دون أن يخطر شركاءه في الحكم بأي شيء!
وزير مالية (معلم الله) يزيد المرتبات بنسبة 569%!
رئيس الدولة يعصف بالشركاء في انقلاب أبيض بسيناريو معلن، ويعتقل رئيس الوزراء في بيته، ثم يعيده إلى منصبه، ليعود رئيس الوزراء متابعاً ذات الأجندة التي صنعت الأزمة، ويهدد بالاستقالة إذا لم تتم الموافقة على كل قراراته، وأخيراً يستقيل ويغادر بالسلامة إلى دولة الإمارات!
2
آخر قاع نهر الجنون المهزلة التي تجري فصولها على مسرح مذابح العدالة هذه الأيام أمام العالم ومنظمات حقوق الإنسان وممثل الأمين العام للأمم المتحدة.
رئيس الدولة يعتقل مواطنيه ويزج بهم في الزنازين لسنوات من دون ذنب وبلا تهمة.
أكمل المعتقلون السياسيون بأمر لجنة التفكيك ثلاث سنوات، واستوفوا كل إجراءات التحقيق، ولم تثبت أي تهمة فى مواجهتهم، فأطلق القضاء سراحهم، وما أن وصلوا منازلهم، وقبل أن تكتحل عيون أهلهم وأبنائهم برؤيتهم حتى سارع السيد رئيس الدولة.. أى والله؛ رئيس الدولة شخصياً، بإعادتهم إلى السجن مرة أخرى.
ليه؟ كده ساي!
3
مرة أخرى يصدر القضاء السودانى قراره بإطلاق سراح المحتجزين ظلماً لعامين، فيصدر الرئيس قراراً بإعادتهم إلى الزنازين.. ليه؟ وبموجب أي قانون؟
ليس هناك قانون أيها الغافل.. القانون ما يراه السيد الرئيس، إذا قرر أن يسجنك أو يقتلك فهو يفعل بالبلاد والعباد أي شيء من دون أن يخشى أحداً، لا إله ولا قانون ولا حقوق إنسان ولا مجتمع دولي.. فهو وحده يفعل ما يشاء!
4
السؤال لماذا يفعل الرئيس البرهان ذلك؟
هل هو ضد الإسلاميين أم ضد العدالة والقضاء أم يحاول استرضاء الشارع القحتي المتضائل المنقسم على نفسه؟ أم أنه يريد أن يرسل رسالة لمن يعنيهم الأمر بالخارج، ليبين لهم قدرته على لجم الإسلاميين والتنكيل بهم متى قرر ذلك، أم كل ذلك في باقة واحدة؟
هو الباطش الذي بامكانه العصف بأي قانون وبكل قيم العدالة، إذا قرر السيد الرئيس أن يسدر في غيه لينكل بمواطنيه من دون جريرةٍ و يستهزئ بقيم العدالة، كما يفعل الآن.. ترى لماذا فكك لجنة التفكيك وهو يرتكب موبقاتها؟
وكيف يشكو من فوضاها وعدم عدالتها؛ ويمارس بشاعاتها ذاتها.. عجييب أنت ياريس.
5
سيدي الرئيس، إذا كنت لا تخشى الله، ولا قانون يحاسبك ولا تأبه لعدالةٍ ينتظرها شعبك؛ فتذكر عدالة السماء، ثم لا تنسَ أن الكرسي الذي تجلس عليه دوار.. ستدور الدوائر وقد تجد نفسك يوماً ما في الزنازين ذاتها، تردد شكوى ضحاياك ذاتها، ووقتها فقط ستدرك أن الظلم ظلمات، وستعرف أن الذين قذفت بهم في غياهب الزنازين المعتمة لهم أهل وأسر وأبناء يشتاقون ويحنون إلى أحضانهم، وينتظرونهم كما ينتظرك أبناؤك على الباب، يومها ستجر عليهم الحسرات.
ذاك ياسيدى غير دعاء المظلومين، الذي لا حاجب بينه وبين السماء.. ألم تر سيدي الرئيس؛ كيف أنه وبين عشية وضحاها عصف الحي القيوم بملك الإسلاميين، لما ظلموا أنفسهم وظلموا خلقاً كثيراً، واختل عندهم ميزان العدالة؟
ألم تر كيف فعل ربك بالطغاة من حولك وبالقرب منك، وكل الذين ظنوا أنهم بمأمن من مكر الله والتاريخ وهيهات، وأتى بك سبحانه؛ سيدى الرئيس، من حيث لا حيث، كي تقيم العدل بالقسطاس، لا لتوطد أركان الظلم، ولتبني العدالة لا السجون، “فلا السجن ولا السجان باق” تذكر يا سيدى يوماً (لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ).
6
منذ أمس دخل بروف غندور ورفاقه في إضراب مفتوح حتى الموت.. الله معاهم، أما أنا سأنتظر على أحر من الجمر موقف منظمات حقوق الإنسان، ورأي السيد فولكر، والاتحاد الأوروبي وأمريكا وكل منظمات حقوق الإنسان.. سأنتظرهم لا لينصروا المظلومين المضربين عن الطعام، بل لأرى كيف سيتعرُّون من قيمهم المخاتلة، وإلى متى سيلوذون بالصمت المريب، سأنتظر أيضاً دعاة الحرية والعدالة “وناس الحرية لنا لسوانا”، هؤلاء الذين هتفوا بها حتى تشققت حلاقيمهم.
انتظروا معي لتروا كيف سيكون مولد الضحك والنسيان!
7
سيدى الرئيس؛ كلمة أخيرة أهمس لك بها: هل تعرف ماذا كان يفعل الكولونيل الزبربر في مثل هذه المواقف؟ سأحدثك المرة المقبلة عنه، وعما كان يفعل.
مَن هو الكولونيل الزبربر؟
حتى نلتقى