بالأرقام.. تردي مريع في الاقتصاد السوداني خلال السنوات الخمس الأخيرة
الخرطوم 14 ديسمبر 2021- على مدى سنوات يتراجع الاقتصاد السوداني بنحو متسارع ما أدى إلى انعكاسات عميقة في حياة ملايين السودانيين الذين يكابدون يوميا لتوفير مستلزمات أساسية لكن الغلاء يكاد يطحن الغالبية العظمى.
وفي ظل هذه الصعوبات تراجع الناتج المحلي الإجمالي في هذا البلد بما يصل إلى 28 مليار دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة.
ويعاني الاقتصاد السوداني منذ سنوات من إشكالات هيكلية كبيرة إلى جانب ضعف الإنتاج و تهريب حصائل صادر الذهب والمحاصيل النقدية ما انعكس على تدهور الاقتصاد.
وأظهرت الأرقام التي حصلت عليها “سودان تربيون” أن الناتج المحلي الإجمالي بلغ خلال العام 2017 958 مليار جنيه مقابل 1,176 مليار جنيه للعام 2018 ليصل في 2019 إلى 1,471 مليار جنيه وفي 2020 كان يساوي 2,080 مليار جنيه وفي 2021 بلغ 5,958 مليار جنيه.
ويقول المحلل الاقتصادي أحمد آدم سالم أنه رغم أن الناتج المحلى الإجمالي بالعملة المحلية تضاعف خمسة مرات خلال الخمس سنوات الاخيرة ، إلا أن القوة الشرائية للعملة المحلية تناقصت بصورة مخيفة.
وقال إن ذلك يكون ظاهرا عندما يتم تحويل الناتج المحلى الإجمالي للعام 2017 إلى الدولار والذي كان متوسط سعره فى السوق الموازى 23 جنيها ، حيث يعادل الناتج المحلى الإجمالي ما يزيد عن 41 مليار دولار.
وعند تحويل الناتج المحلى الإجمالي فى 2021 إلى دولار بواقع متوسط السعر 450 جنيه نجده يساوى 13.24 مليار دولار يلاحظ أن الناتج المحلى الإجمالي تناقص بمبلغ 28 مليار دولار خلال خمسة سنوات.
وسجل عجز الميزان التجاري 5 مليار دولار في العام 2017 كما بلغ في 2018 4.37 مليار دولار وفي 2019 كان 4.87 مليار دولار مقابل 4.2″ مليار دولار ي 2020 ويتوقع أن يكون 4.4 مليار دولار هذا العام.
ويشير سالم الى أن عجز الميزان التجاري خلال الخمسة سنوات الماضية بلغ 4.568 مليار دولار بما يعنى أن قيمة الاستيراد أكبر من الصادرات لأن الدولة ليست لها سياسة لترشيد الاستيراد وتحجيمه وليست لها رؤية لدعم الإنتاج والإنتاجية فى السلع والخدمات ولم تتمكن من السيطرة على عائدات الصادر على قلتها وفشلت فى منع تهريب الذهب والمعادن النفيسة.
وأضاف “لذا أستمر العجز فى الميزان التجاري خلال هذه الخمسة سنوات،كما ارتفع عجز الموازنة السنوي إلى 200مليار جنيه في العام 2020م ويرجح أن يكون 83 مليار جنيه خلال العام الحالي مقارنة بالأعوام السابقة إذ كان عجز الموازنة فى 2017 ” 8.6″ مليار جنيه وفي 2018 بلغ 44.3 مليار جنيه”.
وأكد سالم أن معالجة هذا العجز بالاستدانة من الجهاز المصرفي يؤدى الى زيادة الكتلة النقدية فى الاقتصاد ، والتي بدورها تؤدى إلى زيادة معدلات التضخم والأفضل معالجة ذلك كما يقول بخفض الإنفاق العام وزيادة الجهد المالى بزيادة الحصيلة الإيرادية الذاتية وإحكام السيطرة والتحكم فى المال العام.
و سجلت معدلات النمو الكلى للاقتصاد (3%) فى 2017 و (2%-) فى 2018 و(2.8%-) فى 2019 وفي 2020 %4.8- ومن المتوقع ان يكون العجز أكثر من (%5-) فى 2021 نسبة لغياب الرؤية العلمية فى إدارة الملف الإقتصادى وللآثار السالبة لجائحة كرونا وعدم الاستقرار السياسي والأمني وضعف القدرة الإنتاجية.
و أوضحت الأرقام ارتفاع معدلات التضخم إذ بلغ المتوسط خلال العام الحالي 400 %مقارنة بالأعوام السابقة إذ كان في 2017 “34%” وفي العام 2018 سجل 64%و في 2019 بلغ 54% وفي العام 2020 كان التضخم 148%
ويشير الخبير الاقتصادي الى أن معدل التضخم فى السودان زاد أكثر من عشرة مرات خلال الخمسة سنوات وفى العامين الماضيين وصل مرحلة الثلاثة أرقام والذي يعرف بالتضخم الجامح الذي يصعب السيطرة عليه .
ويعد التضخم من أكبر المؤشرات السالبة فى الاقتصاد والتي تؤدى وبسرعة لتأكل رأس المال وأحجام المستثمرين والممولين ورؤوس الأموال عن العمل داخل البلاد.
ويسبب تدهور قيمة العملة المحلية الزيادة فى معدلات التضخم ويكون نتيجة لشح العملات الصعبة لدى الدولة حيث يزيد ذلك من الطلب ، وبذا ترتفع قيمة الدولار وتنخفض قيمة العملة المحلية.
وأفاد سالم أنه كلما قلت منافسة السلع والخدمات للدولة فى السوق العالمي انخفضت عندها قيمة العملة المحلية والعلاج أن تهتم الدولة بالإنتاج والإنتاجية ذات القدرة التنافسية فى السوق العالمي للحصول على العملات الصعبة
وأوضحت الأرقام تدهور قيمة العملة المحلية أمام الدولار خلال السنوات الخمس بنسبة 2000% ووصلت 450 جنيه مقابل الدولار الواحد خلال العام الحالي مقارنة بما كانت عليه في الأعوام الماضية إذ كان سعر الدولار في 2017، 23 جنيها وفي 2018م بلغ 48,000 جنيه بينما كان في 2019 ” 62,000″ جنيه وفي 2020 بلغ 250,000 جنيه مقابل الدولار الواحد.
ويشير سالم إلى أن قيمة العملة المحلية انخفضت عشرين مرة خلال الخمسة سنوات بنسبة 2000%.
وفي مجال إيرادات الدولة خلال خمسة سنوات سجلت الإيرادات 262 مليار جنيه في العام 2020م ويتوقع أن تصل 938 مليار جنيه خلال العام الحالي مقارنة بـ 78 مليار جنيه فى 2017 و116 مليار جنيه فى 2018 و162 مليار جنيه فى .2019
واستبعد المحلل الاقتصادي تحقيق الإيرادات المتوقعة في العام 2021 م مشيرا إلى أنه لا يمكن تحقيق ربط إيرادات هذا العام لأن جملة الأداء فى إيرادات العام الماضي كانت 60% وجميع الظروف التي أثرت فى أداء الميزانية السابقة ما زالت قائمة.
وفي مجال المصروفات سجلت الأرقام مصروفات بقيمة 1,022 مليار جنيه فى 2021م مقارنة ب93 مليار جنيه فى 2017م و162 مليار جنيه فى 2018 ،و217 مليار جنيه فى 2019 و448 مليار جنيه فى 2020
وقال سالم أنه يلاحظ أن المصروفات زادت بأكثر من عشرة مرات خلال الخمسة سنوات ويوضح ذلك بجلاء تدهور قيمة العملة المحلية وتدهور الأداء الكلى فى الاقتصاد وزيادة الصرف غير التنموي وضعف الاهتمام بالإنتاج والتنمية والخدمات.