الموقع الرفيع لرئيس مجلس السيادة والقائد العام فوق الصراعات السياسية والغضب
ياسر عرمان
في البدء، نقول: “نعم للقوات المسلحة السودانية” ولا لأي انقلابٍ أو عصيانٍ للأوامر من داخلها أو خارجها ولنعمل لإنجاح الانتقال المدني الديموقراطي، ولنعمل لبناء جيشٍ مهنيٍّ قوي وقومي، يعكس التنوع السوداني، ولا يخوض حروب الريف، ويدافع عن المصالح الوطنية العُليا، وهذا بدءُ الكلام.
أخطر ما انتجته المحاولة الانقلابية الفاشلة، أو العصيان، بكل ما تطرحه من قضايا وأسئلة أكثر من إجابات، هو دخول رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة السودانية في خط الصراعات السياسية على نحوٍ مُباشر.
إن القائد العام للقوات المسلحة السودانية هو المعني الأول بمهنية القوات المسلحة، وعدم دخوله وترفعه عن الصراعات السياسية بحُكم مهنيته، لا سيَّما أننا قد أخذنا ما فيه الكفاية من قائد عام سابق لمدة ثلاثة عقود، كان في قلب الصراعات السياسية، وينتمي لتيار سياسي حاكم وشمولي، وعمل على تسييس القوات المسلحة، ومع ذلك فإن تياراً وطنياً واسعاً داخل الجيش لم يستسلم وحرّر نفسه بفضل ثورة ديسمبر المجيدة، والقوات المسلحة أمام فرصة جديدة لتُنهي كافة حروب الريف ذات الأسباب والجذور التاريخية في تركيبة الدولة والمجتمع، والانتقال لمرحلةٍ جديدة عنوانها الأساسي الديموقراطية والمواطنة بلا تمييز.
دخول رئيس مجلس السيادة والقائد العام في حديث السياسة المباشر وصراعات القوى السياسية مع هذا الجانب أو ذاك، مُضرّ بمنصب رئيس مجلس السيادة، وأكثر ضرراً بموقعه كقائد عام، وربما يجرّ كامل المؤسسة العسكرية لدوامة الصراعات السياسية التي لا تنتهي، ويُعرِّضها لنيران سياسية صديقة وأخرى مُعادية من كل الاتجاهات، مما يساهم في اهتزاز الدولة والمجتمع والمنظومة العسكرية والأمنية.
القوات المسلحة جزء من الشعب، وحينما يرتدي قادتها بزّتِهم ويخرجون في الصباح ويعودون في المساء لبيوت وأحياء وقشلاقات تضم لجان المقاومة وأخرى تضم الفلول، والمهنية تقتضي أن يتعالى قادة الجيش الكبار فوق الصراعات السياسية فهذا مُدعاةً لتقسيم صفوفهم، وأن يتركوا ذلك لرؤساء الأحزاب وكوادرهم، هذا صعب ولكن مهم فالمنظومة العسكرية والأمنية الأفضل لها ألّا تغشى وغى الصراعات السياسية وأن تعفَّ عن أمزجة السياسة المتقلبة، وإن كان لها أن تنحاز فلتنحاز للشعب وللثورة.
إن موقع القائد العام ورئيس مجلس السيادة موقع رفيع، ويحتاج للدفع في اتجاه الوحدة، وصون البلاد، واتخاذ موقعٍ متساوي من جميع التيارات السياسية وصراعاتها.
إن بلادنا محاطةٌ بأوضاعٍ فريدة ومهتزة بدول الجوار لم يشهدها جوارنا من قبل، من مالي وليبيا إلى الصومال، مروراً بإثيوبيا والأطماع في ثروات السودان تتزايد، من الذهب إلى موانئ البحر، والأرض وما في باطن الأرض، ونحن معنيون جميعاً بتطوير وإصلاح المنظومة العسكرية الأمنية، لندافع عن بلادنا، وعن شعبنا ومصالحه.
إن صراعات السياسة يمكن أن تنتهي وربما دون خسائر، أمّا انقسام الجيش على نحوٍ سياسيّ يولِّدُ خسائر وربما كارثة.
ثورة ديسمبر حفرت مجرىً جديداً وعميقاً وغيّرت طابع الحياة والناس، والطريق الوحيد هو أن نسير جميعاً تحت رايات الحرية والسلام والعدالة ونحافظ على ثورتنا كي نحافظ على ثروتنا، وفي ذلك فلنتحد جميعنا بأن لا نُعادي الجيش وألّا نقبل ببرنامج الفلول.
إننا نحتاج لإصلاح حقيقي في المنظومة العسكرية والأمنية وتنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية لسلام جوبا، وأن ندخل في جيش السودان الواحد أفواجاً، مهنياً ووطنياً ويعكس التنوع السوداني، وهذا لن يتم بدون مشاركة الشعب ودعمه، فإن الجيش يحتاج للشعب وإلى الشعب يرجع، مثلما يحتاج الشعب إلى جيشه.
إلى قوى الثورة والتغيير:
توحّدوا بمطالب وبرنامج عملٍ واضحين، وتحت قيادةٍ ورايةٍ واحدة، ولنستفِد من تجارب الماضي القريب والبعيد، وسلميّة الثورة هي الأساس.
إلى الفلول:
الشعب سيخرج، وسيدافع عن ثورته متى ما احتاجت له الثورة، وفي ذلك فهو لا يدافع عن كرسيِّ أحد، ولن يقبل بالشمولية، وأمر الشعب والثورة نافذ ولو بعد حين.
إلى عطّاف التوم:
مؤسس منبر (صحافسيون) الذي يضم عُتاة الفلول والأصدقاء معاً، تم اعتقاله قبل يومين وعلى الجهة التي اعتقلته أن تكشف عن نفسها وعن أسباب اعتقاله، وتوفير كافّة الضمانات له وحقوقه القانونية والدستورية، وإطلاق سراحه فوراً إذا ثبتت براءته.