الآلاف يشيعون الترابي إلى مثواه الأخير والسنوسي يخلفه على زعامة (الشعبي)
الخرطوم 6 مارس 2016 ـ ورى الأمين العام للمؤتمر الشعبي المفكر الإسلامي السوداني ذائع الصيت، حسن الترابي الثرى صباح الاحد، بعد ان وافاته المنية عصر السبت،اثر علة طارئة ، وسط جموع غفيرة تقاطرت من العاصمة والولايات بحضور قيادات الدولة وزعماء الأحزاب السياسية، بينما قرر المؤتمر الشعبي اختيار نائبه ابراهيم السنوسي أمينا عاما.
وتقاطرت الجموع الى منزل الترابي بضاحية المنشية، منذ إعلان نبأ رحيله، وانتشرت على مساحات واسعة لساعات طويلة قبل ان يحين موعد التشييع بمشاركة سفراء دول عربية وغربية، حيث أدى الالاف الصلاة على جثمان الفقيد وتوجهوا في موكب مهيب، تخللته الدموع وغلبت عليه هتافات التكبير والتهليل والتوحيد.
ولاقى حاملو نعش الترابي عنتا بالغا في الوصول الى مثواه الأخير بسبب التدافع والزحام ومحاولة المئات القاء النظرة الأخيرة عليه قبل مواراته الثرى.
وعقدت الامانة العامة للمؤتمر الشعبي اجتماعا طارئا في وقت متاخر من ليل السبت، أقرت فيه اختيار نائب الترابي،ابراهيم السنوسي ليكون امينا عاما ، حسب منصوص النظام، لحين انعقاد مجلس شورى الحزب.
ونعت الحركات المسلحة التي تقاتل الحكومة في دارفور، ونظيرتها التي توالي النظام في الخرطوم، الشيخ حسن الترابي، معددين مآثره كرجل سياسي من الطراز الاول عمد الى الدعوة لنبذ العنف وانتهاج الحوار وسيلة لحل الخلافات.
وقدم رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور تعازيه في رحيل الترابي،قائلا انه كان أحد أبرز المفكرين في العالم الاسلامي، وانه لعب دورا بارزا في المشهد السوداني لأكثر من نصف قرن.
وأضاف نور” نحن نختلف معه اختلافات جذريا في فكره ومشروعه الاسلامي ، كوننا ننادي بمشروع الدولة العلمانية الديمقراطية الليبرالية الفدرالية في إطار سودان موحد ، ونعلم أن المشروع الاسلاموي هو الذي أوصل بلادنا إلي ما هى عليه من إحتراب وتمزق وجرائم إبادة وتطهير عرقي ، ومع ذلك فإن قيمنا واخلاقنا تجعلنا ننعيه ونترحم عليه بغض النظر عن اختلافاتنا السياسية والفكرية واﻷيديولجية”.
وتوجهت الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال- بالتعازي لاسرة الترابي ولاصدقائه ولجميع الاسلاميين في السودان، وقالت في بيان الاحد ، إن الراحل لعب أدواراً هامة منذ ستينيات القرن الماضي ولاسيما في الثلاثين عاماً الماضية ولا تزال قضاياها ماثلة، وتتطلب مجهودات وطنية كبيرة للعبور بالبلاد نحو مشروع وطني جديد.
ونوهت الحركة الى أن رغبة الترابي التي افصح عنها مراراً في سنواته الأخيرة كنت الاسهام في منع تشتيت السودان وتمزيق ماتبقى منه والإطمئنان على إنه سوف يمضي في الإتجاه الصحيح.
وأضافت الحركة “وهي أمنية نبيلة فإننا نتوجه للإسلاميين السودانيين بجميع مدارسهم ولاسيما المتمسكين منهم بزمام السلطة، أن نتخذ جميعاً من رحيل الدكتور حسن الترابي مناسبة للتوجه نحو تحقيق مشروع وطني جديد يقوم على المواطنة بلاتمييز والديمقراطية والعدالة الإجتماعية، وبالدخول في حوار متكافئ وذومصداقية يخرج الحركة الإسلامية من أزمتها بمثلما يخرج السودان من أزمته الراهنة العظيمة”.
بدورها نعت حركة العدل والمساواة بزعامة جبريل ابراهيم ،الترابي، وقالت على لسان متحدثها الرسمي جبريل آدم بلال، إن الحركة اذ تنعيه “إنما تنعى عالما من علماء الامة الاسلامية ومفكرا لم يلن له عزم حتى قدم الكثير من جهد لاجل خدمة الحياة المعاصرة سيما في الفكر الاسلامي”.
وعزى رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة منصور أرباب يونس في رحيل الترابي، وقال انه امضى جل ايامه في تطوير افكاره وارائه، قائدا في علمه واجتهاده.
وأضاف “كان أكثر علماء عصره اثرى الساحة السياسية السودانية باراءه الجريئة اختلف معه من اختلف، واتفق معه من اتفق، ويظل رحيله في هذا التوقيت تحديا للقوى السياسية الوطنية بالخروج بالوطن الى افاق الاستقرار والسلام والأمان”.
من جهتها احتسبت حركة العدل والمساواة بقيادة عبد الكريم دبجو، الترابي، وقالت انه شكل بحزبه منبرا وسطيا للفكر المتجدد والمجدد في تاريخ الامة المعاصرة.
وقال متحدث الحركة الرسمي احمد عبد المجيد “عزاء نا اننا شاركناه واحد من اعظم مشاريع بناء الامة الاسلامية المتمثلة في مشروع الحوار الوطني الكبير، وهو يوصي بالايفاء بالعهود ورد الحقوق”.
وكانت رئاسة الجمهورية نعت الترابي، ليل السبت، وعدَّدت في بيان مآثره ومساهماته الوطنية في مختلف المجالات الفكرية والعلمية والسياسية، داعية الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح الجنات مع الصديقين والشهداء.
وقدم الترابي ما أطلق عليه (خطبة الوداع) الجمعة في مسجد القوات المسلحة بالخرطوم وتحدث فيها امام المصلين بأهمية الوفاء بالعقود والعهود السياسية والتجارية والإجتماعية بحضور الرئيس عمر البشير.
ودرس الترابي الحقوق في جامعة الخرطوم، ثم حصل على الإجازة في جامعة أكسفورد البريطانية عام 1957، وعلى دكتوراه الدولة بجامعة السوربون بباريس عام 1964.
وانضم الترابي – الذي يتقن الفرنسية والإنجليزية والألمانية – إلى جماعة الإخوان المسلمين وأصبح من زعمائها في السودان سنة 1969، لكنه انفصل عنها فيما بعد واتخذ سبيله مستقلا.
انتخب 1996 رئيسا للبرلمان السوداني في عهد “ثورة الإنقاذ”، كما اختير أمينا عاما للمؤتمر الوطني الحاكم 1998.