البشير.. شبه المنحرف
بقلم : سامي عبدالوهاب الامين
دائما ماتشكل الاشكال الهندسية علامة مائزة في مجتمع السياسة فنسمع برباعي تونس والذي لا اظن ان بشيرنا سمع به والا فقد كان اقرب لتحقيق نوبل من خلال حوار شفاف وحقيقي يفضي الي حل مشكلات بلدنا،او الثالوث المشهور الفقر والجهل والمرض اودائرة الفقر والتي تعتبر الصديق الاقرب لرئيسنا حيث انه منحها مساحات واسعة وسط شعبنا المكلوم هذا غير الخط السياسي والذي اظن ان بشيرنا انتهج الاقصاء خطا له ،ذلك غير كثير من مصطلحات واشكال الهندسة والتي تعتبر شارحا مهما لمعاجم السياسة في الاونة الاخيرة،،هذا الغزو الهندسي اظنه ناتج من جراء ولوج قدر كبير من المهندسين بحر السياسة.
انا من واقع دراستي الهندسية ساختار شكلا جديدا غير متداول الا وهو شبه المنحرف،،ذلك الشكل الذي يختلف عن المربع ان فيه ضلعا او اكثر مختلفان في الطول عن بقية الاضلاع،،ماساقني لوصف البشير بهذا الوصف هو قراراته التي دائما ماتكون غير متسقة مع التوجهات المفصح عنها فتكون تلك القرارات دائما نافصة في احد اضلعها.
في خطابه امام الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني اطلق البشير عدة قرارات كلها تؤكد شخصية شبه المنحرف الذي يعيش فيها الرجل..اولا اعلن انه اطلق الحريات وحرية التعبير ووجه الولايات والمحليات بذلك،الذي لفتني رغم حرصي على اختبار قراراته شبه المنحرفة تلك ان هذا القرار صدر قبل اكثر من سنة بعيد انطلاق الحوار عقب خطاب الوثبة التي لم تستقر لابقدم ولا بقدمين ولا حتى بكامل جسدها وقوعا وتكسرا فقد وثبنا ولم نحط حتى الان،المهم ان قرار البشير ببسط الحريات هذا يبدو ان البشير نفسه كان يعرف انه ينقص ضلعا فهو ينقص ضلع الرغبة في تنفيذه بدليل انه اصدر قراره الجديد وكانه لم يصدر قبله قرارا مشابها واخشى انه سيصدر نفس القرار مرة اخرى.
القرار الثاني وهو الاكثر انحرافا هو قرار الرجل باطلاق كل المحكومين سياسيا عدا المتهمين تهما جنائية..هذا القرار لعمري يحتاج الي وقفة كبيرة،اولا ياسيادة ملك جمهوريتنا المسماة السودان انت بعضمة لسانك والتي ستسال يوم لاينفع مال ولا بنون قد اقسمت انه لايوجد معتقل سياسي واحد في سجونك ولم يتم بعد اخر نفي لك اعتقال احد غيري انا ومعي ثلاثة من الاخوة في حركة الاصلاح الان ،، ان صدقناك في نفيك الاخير فمن تريد اطلاقه وكيف تستطيع ان تتعايش مع تلك التناقضات ياملكنا..لعمري انك تحمل شيئا مختلفا من القلب الواحد في جوفك.اظنه ليس قلبا اصلا.
النقطة المهمة في الامر انه زاد قراره انحرافا بالحاق فقرة عدا المتهمين جنائيا،،اسالك ايها المليك هل في بلدان العالم كلها اولا وثانيا وثالثا بل ورابعا ستوجده انت لنا باستبدادك المطلق هذا وسيلحقنا بقية الملوك المستبدين وشعوبهم المغلوبة على امرها،فانت دائما ماتكون متطرفا في اذلالنا،اسالك هل يوجد قانون واحد يحاكم اي انسان بتهمة سياسية بل هل هنالك تهمة سياسية اصلا..ان زبانيتك يستخدمون هذا القانون الجنائي لتركيعنا وتطويعنا والحاقنا بثلة الرجال مسلوبي الكلمة اما قطعا للسان او ملئا للفم بالماء.
اذكرك ان ابراهيم الشيخ متهما تهمة جنائية وكذلك الصادق المهدي وكذلك يوسف الكودة وكذلك نحن..ان زبانيتك عندما نتحدث في ندوة ويعتقلونا لن يجدوا مادة في القانون يحاكمونا بها بسبب الحديث في ندوة، لذلك فانهم يستخدمون مادة الاخلال بالامن والسلامة العامة التي نحاكم بها الان او مادة الازعاج العام والتي ايضا نحاكم بها الان.
الغريب ان جميع الحضور كان يصفق لك وانت تكرر قراراتك شبه المنحرفة والدائمة النقصان في احد اضلاعها..لقد ذكروني بقصة الملك العريان والذي يتهادى امام رعيته بلا ملابس والجميع يتمتم بكلمات الاعجاب لذلك الثوب ال(مافي)،عندما كنت صغيرا وسمعت تلك القصة تمنيت ان اكون حضورا بين الرعية مقطوعة اللسان وممتلئة الفم تلك،لا لشئ سوى لان اقول له انت عريان ايها الملك،لم يكن بخاطري انني ساعيش حالة مماثلة ولم يكن بخاطري ان ارى ملكا عريانا حقيقة.
انصح الرئيس ان يراجع نفسه ولايفوت الفرصة عليه وعلى ابناء شعبه واذكره انه ليست لديه مشكلة مع معظم الحركات والاحزاب التي حضرت حواره اليتيم ان جاز لي ان اسميها احزابا وحركات،انما مشكلتك الاساسية مع الذين لم يحضروا ذلك العرس السرادق .ان الفرصة مهياة كما لم تكن من قبل فانتزع القفاز وتلقف الامر واسمع مني فانا لايمتلئ فيهي ماءا ولم يزل لساني سالما.
اتمنى ان يتداعى عقلاء بلادي لتدارك الامر وليجتمعوا على كلمة سواء،فقد تعبنا من التناحر والتحارب بينما امتنا تنتكس يوما بعد يوم في حماتها الوبيئية،وشعبنا يموت من جراء عدم توفر ماكينات غسيل الكلى والعجز امام علاج معظم الامراض،والفقر ينتشر والتعليم على علاته وانحطاطه ومشكلاته محروم منه قدر من ابناء بلادي هذا غير الفساد الذي فت في عضد مؤسساتنا وبدا يفترس ثوابت المنظومة الاخلاقية لامتنا،اامل ان يتداعى عقلاء بلادي ليضعوا حدا لازماتنا المكرورة والممتدة،اامل ان يتداعوا ليتوقف نزيف الدم.
نحن الشباب نناشد الشيوخ باننا لسنا في حوجة لتصفية حساباتكم ولسنا في حوجة لاجترار مراراتكم،انا وبقية جيلي من الشباب نحلم بان نعيش في وطن نحتضنه ويشعرنا بالامان،نحترم فيه ونشعر بكرامتنا،نصبو لان نرفع راسنا بين الامم ونقول نحن سودانيون.