Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

الحركة الإسلامية من المهد للنظام الخالف (6-7)

بقلم : علي السيد – المحامي – [email protected]

هذه المقالات ليس المقصود منها التوثيق للحركة الاسلامية انما هي دراسة لفكر (اخوان السودان ) منذ النشاة الي اليوم اعني بها الجيل الجديد خاصة الذي اتي الدنيا في عهد الانقاذ او قبلها بقليل موضحا كيف تخلت الحركة عن الدعوة لله واتجهت للسلطة والجاه .

جاء ايضا ايها المواطنون الشرفاء

لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية ،وفشلت كل السياسات الرعناء فى ايقاف هذا التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية فازدادت حدة التضخم ،وارتفعت الاسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال علي المواطنين الحصول علي ضرورياتهم ، اما انعدامها او لارتفاع اسعارها مما جعل كثيرا من ابناء الوطن يعيشون علي حافة المجاعة ،وقد ادي هذا التدهور الاقتصادي الي خراب المؤسسات العامة فى انهيار الخدمات الصحية والتعليمية ،وتعطل الانتاج وبعد ان كنا نطمح ان تكون بلادنا سلة غذاء العالم اصبحنا امة متسولة تستجدي غذاؤها وضرورياتها من خارج الحدود وانشغل المسوؤلين بجمع المال الحرام حتي عم الفساد كل مرافق الدولة ،وكل هذا مع استشراء التهريب والسوق الاسود بسبب فساد المسؤولين وتهاونهم فى ضبط الحياة والنظام

وجاء ايضا ايها المواطنون الشرفاء

قد امتدت يد الحزبية والفساد السياسي الي الشرفاء فشردتهم تحت مظلة الصالح العام مما ادي الي انهيار الخدمات ،وقد اصبح الولاء الحزبي والمحسوبية والفساد سببا فى تقدم الفاشلين فى قيادة الخدمة المدنية وافسدوا العمل الاداري ،وضاعت علي ايديهم هيبة الحكم وسلطات الدولة ومصالح القطاع العام ).

وامعانا فى التضليل والكذب الضار حول هوية الثورة جاء فى نهاية البيان الاتي:

(اليوم يخاطبكم ابناءكم فى القوات المسلحة ،وهم الذين ادوا قسم الجندية الشريفة الا يفرطوا فى شبر من ارض الوطن ،وان يصونوا عزتهم وكرامتهم وان يحفظوا للبلاد مكانتها واستقلالها المجيد ، وقد تحركت قواتكم المسلحة اليوم لانقاذ بلادنا العزيزة من ايدى الخونة والمفسدين لاطمعا فى مكاسب السلطة بل تلبية لنداء الواجب الوطني الاكبر فى ايقاف التدهور المدمر ولصون الوحدة الوطنية من الفتنة السياسية ،وتامين الوطن من انهيار كيانه وتمزق ارضه ،ومن اجل ابعاد المواطنين من الخوف والتشرد والجوع ،والشقاء وقواتكم المسلحة تدعوكم ايها المواطنين الشرفاء للالتفاف حول رايتها القومية ،ونبذ الخلافات الحزبية والاقليمية الضيقة تدعوكم للثورة معها ضد الفوضي والياس من اجل انقاذ الوطن ، ومن اجل استمرار الوطن موحدا حرا كريما عاشت القوات المسلحة حامية كرامة البلاد عاشت ثورة الانقاذ الوطني 000عاش السودان حرا مستقلا والله اكبر والعزة للشعب السوداني الابي )

تمشيا مع فكر الانظمة الشمولية كان لابد من قيام اشكال ومؤسسات تشبه مؤسسات الانظمة الديمقراطية ، فكان قيام المجلس الوطني كجهاز تشريعي ، وتم اختيار اعضاءه بالتعيين ولم تكتفي ثورة الانقاذ بذلك الجهاز التشريعي الكاذب فكل التشريعات تتم مناقشتها واقرارها داخل كيان الحركة الإسلامية ثم تاتي للمجلس للاجازة ،وهذا ماعهدناه فى كل المجالس التي قامت فى عهد الانقاذ المعينة والمنتخبة انتخابا شكليا حتي المجلس الاخير الذي جاء كل عضويته من المؤتمر الوطني عن طريق التزوير ،ولكي تتحول ثورة الانقاذ من نظام شمولي الي نظام ديمقراطي قررت انشاء حزب جامع لاهل السودان سمته المؤتمر الوطني ،وهذا هو نظام الحزب الواحد السائد فى العالم الثالث ،وفى الانظمة الشمولية العربية فنص فى نظامه بانه يسمح بتعدد المنابر داخله فى محاولة لنقل التجربة المصرية بهذا الشان ، غير انه فشل فى ذلك تماما (لان السودان بقدر ماكان تاريخه حافلا بعهود الظلم والاستبداد والقهر وكبت الحريات بقدر ماكان حافلا بالديمقراطية والحرية واحترام حقوق الانسان ،ومعلوم ان كبت حرية الانسان السوداني وان لم يستخدم العنف كطريق مشروع ،كما نري الان فانه يقود الي مقاومة سلبية تتمثل فى عدم الاشتراك فى التنظيمات الشكلية التي تنشئها الانظمة الشمولية )

المؤتمر الوطني وهو الاسم الجديد للحركة الإسلامية، كما بينا عند تحديد او تجديد هيكل الحركة الإسلاميةبعد حل مجلس الشوري القديم بالكيفية التي بيناها فيما سبق ، هذا من حيث الظاهر اما الحركة الإسلاميةبشكلها الجديد ظلت قائمة غير معروفة العدد وليست مسجلة كتنظيم سياسي او دعوي او غيره حتي الان. وتعقد مؤتمراتها سرا من حيث المكان والزمان
اصبح المؤتمر الوطني منذ ميلاده محلا للصراع ،وكانت مؤتمراته التي تعقد متباعدة من حيث الزمن لاتمر بسلام ومخرجاته تتم بصعوبة وتطور الصراع داخله، وهذه هي طبيعة الانظمة الشمولية وهي تحاول الخروج من عزلتها فتخلقٍ مزيداً من الكيانات والهياكل او تعيد ترتيبها بقدر يسمح بالمنافسة الداخلية او يفتح مجالا اوسع للمشاركة وذلك لتقليل النظرة اليه باعتباره نظاما سلطويا وعادة ماتدخله هذه التغيرات فى تناقضات تعجل بفنائه ، ومعلوم ان الانظمة الشمولية التي تاتي بها الجماعات الدينية ،والتي تستغل الدين لاغراض سياسية وخاصة الإسلامية منها تستعجل الأمور فى الوصول الي اهدافها التي جاءت من اجلها ، او التي وعدت بها واذا ماطال انتظار الهدف عادة ماينشب نزاع داخل النظام الشمولي او المنظمة العقائدية التي تديره ويكون الصراع واضحا بين الشيوخ والشباب كما نراه الان. وهو فى حقيقته ليس صراعا فكريا ولكنه صراع من اجل الوصول الي القيادة او الاحساس بفقدان القيادة او ترهلها وان كان ياخذ شكل الصراع الفكري ، الامر الذي يجعل الأنظمة العقائدية التي تديره تراجع الخطة من وقت الي اخر للإسراع بها قفزا فوق المراحل ،وذلك لإسكات القيادات الشابة التي عادة ما تجنح فى نقدها للقيادة لتقليدية رغم وفائها لها وذلك من اجل إفساح المجال لها فى المشاركة او تسليمها القيادة وهذه الجماعات معروفة بانها لا تعترف بخطأ ولاتؤمن بالنقد الذاتي لذلك تلجأ الي تصفية خلافاتها الداخلية بصورة حادة قد تصل الي درجة التصفية الجسدية والتكفير ،لهذا لما ضاقت الحركة الإسلامية من الحزب الجمهوري وهو الحزب الوحيد الذي كان ينافسها ويهدد بقاء الجبهة الإسلامية ،قررت تصفية مفكره الاستاذ الشهيد محمود محمدطه جسديا ،وذلك بوسمه بالردة والخروج عن الاسلام فى محاكمة صورية قال القضاء اخيرا بعدم صحة الحكم فيها ،بعد ان فارق المرحوم محمود محمد طه الحياة وكانت محاكمة محمود محمد طه هي بداية حقيقية للتصفية الجسدية بين الجماعات الإسلاميةفى السودان ،ومؤشر خطير للعنف فى العمل السياسي، ورأيى ان محمود محمد طه لم يقتله نظام نميري انما من قام بقتله حقيقة هم جماعات الجبهة الإسلاميةالقومية تنظيما وقضاءا وتنفي اذا ،فقد استقلت الجبهة الإسلاميةنظام نميري للقضاء علي خصومها السياسيين الحقيقيين خاصة فى الحركة الإسلامية ، ولتبرير أخطائها او فشلها تعتمد علي القدريات والإرهاب الفكري ، والحديث عن الخروج عن الملة والابتلاءات وغير ذلك من التبريرات غير المنطقية.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *