Friday , 19 April - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

زيارة أوباما الثانية لأفريقيا.. هل من جديد؟

بقلم: أحمد حسين آدم*

يتفق الكثيرون على أن الله حبا الرئيس باراك أوباما شخصية ذات ألق وجذب وبريق خاص، فكلنا يذكر كيف انهمرت الجماهير إلى شوارع وأزقة مدن كثيرة فرحا بانتخابه رئيسا للولايات المتحدة عام ٢٠٠٨.

وقد رأت فيه الملايين داخل الولايات المتحدة وخارجها، مخلصا ومنقذا يقود العالم إلى فضاءات السلام والحب والعدالة. وقد ساد الفرح بانتخابه الأول فضاءات واسعة شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، كما رحب بمقدمه إلى البيت الأبيض حتى الذين كانوا يصنفون ضمن أعداء الولايات المتحدة.

ولعل السر في ذلك -من بين أمور أخرى- أنه ذلك الفتى القادم من أعماق مجتمع السود الأميركيين المضطهد، فهو ليس سليل المؤسسة والطبقة الأرستقراطية الأميركية البيضاء الحاكمة منذ تأسيس الاتحاد الأميركي.

هكذا إذن رأى فيه الحالمون بعالم أفضل نقطة فارقة تنقل العالم بأسره إلى مرحلة تاريخية جديدة، تنعتق فيها الإنسانية من حالة العداء والكراهية والظلم والحروب إلى رحابة السلام والحرية والعدالة والتعايش والرفاه.

ولا شك أن فوز أوباما حسّن صورة أميركا في العالم، وأعطى دفعة نوعية قوية لقوتها الناعمة كقوة خير تصالحت مع تاريخها المؤلم والمخزي المنغمس في درك العنصرية والعبودية ضد مواطنيها السود.

وقد كانت فرحة أفريقيا بفوز أوباما استثنائية، وكانت ثورة جياشة عارمة، وظاهرة جمعت مشاعر متناقضة عدة: الحزن، الفرح، الكرامة والإحساس بالذات، كيف لا وباراك هو ابن حسين أوباما، ابن أفريقيا وكينيا الذي هاجر إلى أميركا طالبا، وتزوج بأم باراك البيضاء، فجاء أوباما ثمرة لذلك الزواج التاريخي.

الأفارقة رأوا في فوز أوباما انتصارا رمزيا تاريخيا لهم، إنه الانتصار الذي بدل صورة الانهزام والدونية والفشل التي طالما ربطها البعض بصورة أفريقيا والذين ينحدرون من مهدها.

صحيح أنه انتخب رئيسا لأميركا وليس رئيسا لأي بلد أفريقي، إلا أن الأفارقة وضعوا آمالا عراضا في ابنهم أوباما. لكنهم سرعان ما استفاقوا على حقيقة أن أوباما هو رئيس أميركا، ويعمل ضمن المؤسسة الأميركية القديمة ذات الدوائر وجماعات المصالح المتعددة، حيث لا عواطف ولا مجاملات في رسم وتنفيذ الإستراتجيات وتحقيق المصالح الوطنية العليا لأميركا. فما أوباما إلا شخص انتخب عضوا طليعيا في ذلك الفريق الأميركي.

*سياسي وأكاديمي سوداني مختص بالقانون الدولي

Leave a Reply

Your email address will not be published.