Saturday , 20 April - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

مقابلة – ابتعاد السودان عن محور ايران يعتبرُ انتصاراً للدبلوماسية السعودية

واشنطن 30 مايو 2015 – أثار التحول السريع والمفاجىء في تحالفات السودان الأقليمية مؤخراً من المحور الإيراني الى المحور الخليجي الذي تتزعمه السعودية دهشة المراقبين بالنظر الى إصرار الخرطوم طيلة السنوات الماضية على أن علاقاتها بطهران لا تعدو كونها علاقة عادية بدولة من دول العالم وليست موجهة ضد أي جهة.

ارشيف - ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز يصافح الرئيس السوداني عمر البشير في الرياض (صحيفة الرياض)
ارشيف – ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز يصافح الرئيس السوداني عمر البشير في الرياض (صحيفة الرياض)
بيد أنَّ تطمينات الحكومة السودانية لم تنجح في إقناع دول الخليج وخاصة السعودية التي شهدت علاقاتها مع الخرطوم فتوراً شديداً في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز الذي تجنب مقابلة الرئيس السوداني عمر البشير منذ العام 2012 وحتى وفاته أوائل هذا العام رغم زياراته المتكررة للمملكة.

وفي عام 2013 أغلقت المملكة العربية السعودية مجالها الجوي أمام الطائرة التي تقل الرئيس السوداني في طريقه إلى طهران حيث كان من المقرر أن يحضر حفل تنصيب الرئيس المنتخب حسن روحاني، مما إضطرهُ والوفد المرافق للعودة إلى الخرطوم. وأنحت الرياض وقتها باللائمة على الخرطوم لفشلها في الحصول على التصاريح اللازمة للمرور عبر الأجواء السعودية وهو ما فنده المسؤولون السودانيون.

وتشعر دول الخليج العربي ذات الغالبية السنية بقلق متصاعد من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط خوفاً من أن تكون الأخيرة ساعية للهيمنة الإقليمية التي من شأنها إثارة التوترات الطائفية.

وقد سمح السودان بانتظام للسفن الحربية الإيرانية بأن ترسو في ميناء بورتسودان المحاذي للمملكة العربية السعودية مما أثار إمتعاض الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الخليج.

ويرى مراقبون أنَّ الضغوط الإقتصادية التي واجهها السودان في ظل العقوبات الأمريكية وفقدان عائد النفط بسبب إنفصال الجنوب عام 2011 دفعت الحكومة الى إعادة النظر في تحالفاتها الإقليمية.

وفي العام الماضي أمرت السلطات السودانية بإغلاق المركز الثقافي الإيراني في العاصمة الخرطوم وغيرها من الولايات وأمرت الملحق الإيراني بمغادرة البلاد في خطوة اعتبرت بادرة حسن نية تجاه دول الخليج العربية.

وفي مارس الماضي أعلن السودان عقب زيارة البشير للرياض مشاركته في عملية عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن في إطار تحالف ضم عشر دول عربية وإسلامية. وذكرت بعض التقارير التي لم يتسن تأكيدها أنَّ السودان قد يدفع بقوات برية في المرحلة القادمة من العملية العسكرية في اليمن.

وقد عارضت الحكومة الايرانية رسمياَ العملية العسكرية في اليمن ولكنها لم تعلق على الدور السوداني أو تحوُّل الخرطوم عنها في الآونة الأخيرة.

ولكن صحيفة المشرق الموالية للجناح المتشدد في إيران شنت هجوماً شرساً على البشير باعتباره جاحداً لمن وقف بجانبه طيلة السنين الماضية.

وقالت الصحيفة بحسب موقع (ال مونيتور) المختص بشؤون الشرق الأوسط إن البشير وجد “وجبة أفضل واستبدل مساعدة إيران السخية بمقعد على مائدة آل سعود.”

وذكر المقال أنه مع إغلاق السودان للمكاتب الإيرانية فإن دعمه للقصف السعودي على اليمن كان متوقعاً، ولكن “في الوقت نفسه مَن يعرف مدى دعم ومساعدة بلادنا للبشير خلال الأوقات العصيبة من حكمه لم يتوقّع هذه الدرجة من الفجور والفحش السياسي.”

ويرى الصحفي والمحلل السياسي السعودي عبد العزيز الخميس أنَّ الدبلوماسية السعودية حققت انتصاراً كبيراً بنجاحها في إبعاد السودان عن “أحضان ايران”.

وذكر الخميس في مقابلة مع سودان تربيون بالهاتف من لندن أنه برغم الأهمية الإستراتيجية التي توليها السعودية للسودان فانَّ العلاقات بينهما شهدت “ما يشبه القطيعة” والقى باللوم على التيارات الإسلامية المتحالفة مع البشير في “إنقطاع السودان عن محيطه العربي”.

” التعاون مع ايران أفقده [السودان] محيطه العربي والآن يحاول أن يعود لهذا المحيط. ومؤخراً صارت هناك حلحلة في العلاقات [ مع السعودية]خاصة وأنَّ السودان يمر بظروف اقتصادية صعبة بسبب إنفصال الجنوب والإنعكاسات الخطيرة للنزاع في دارفور و المطالبة بالبشير في محكمة الجنايات الدولية”.

وكشف الخميس, الذي كان يشغل حتى وقت قريب منصب رئيس تحرير صحيفه العرب اللندنية, أنَّ رجال أعمال سودانيون يتعاملون مع الخليج ضغطوا على حكومتهم لاصلاح العلاقات مع الامارات والسعودية تحديداً من أجل رفع الضغط الأقتصادي عن السودان وإعادة تدفق الإستثمارات الخليجية.

“رجال الأعمال السودانيين هناك [في الخليج] لديهم ميزة قوية وهي علاقاتهم القوية بالمحيط الذي يعملون فيه وهم حريصين على أن تكون علاقتهم بالبشير ليست على حساب علاقتهم بالسعودية أو الإمارات”.

وأضاف الخميس أنَّ حكومة الخرطوم “جرَّبت التحالف مع قطر طيلة الفترة الماضية والذي لم يؤدى الى إنتعاش اقتصادي بل إلى خسارة وتغلغل إيراني في أنحاء السودان”.

“عودة السودان للمحيط العربي تتم الآن بعد أن دفع السودان ثمناً باهظاً من أراضيه وسمعته وبعد أن حولت [الحكومة السودانية] السودان من بلد التسامح والتعايش الى بلد سيء السمعة بسبب سياساتها”.

وشدَّد الخميس على أنَّ التطور الكبير في علاقات البلدين سيجعل من السودان قوة داعمة للسعودية كما سيمكنه أن يلعب نفس الدور في مواقف تنبع من مصالح البلدين.

ورداً على سؤال حول إمكانية أن تلعب السعودية دور الوسيط بين السودان والولايات المتحدة قال الخميس إنَّ هذا ممكن كما أنَّ الرياض قد تقف مع الخرطوم في بعض القضايا “اذا كانت مقتنعة بحق السودان في هذه القضايا”.

“ولكن لا يمكن للسعودية أن تقف مع السودان في قمعها للمواطنين في دارفور مثلاً. حاولت السعودية في السابق المساعدة في موضوع دارفور ولكن فشلت لتدخل محاور عديدة” في إشارة الى قطر التي كانت علاقاتها الى وقت قريب سيئة مع السعودية.

“من الناحية الاستراتيجية فالسعودية تستطيع مساعدة السودان خاصة في ظل التناغم القائم بين السعودية وقطر فهذا يصب في صالح السودان”.

وقلل الخميس من التباين في موقف السودان والسعودية من الأزمة السورية بعد إعلان البشير مؤخراً أنَّ الرئيس بشار الأسد يجب أن يكون جزء من أية تسوية سياسية هناك.

“البشير يريد تنازلات من الغرب مما قد يدفعه الى إتخاذ مواقف تختلف عن مواقف السعودية….ولكن في واقع الأمر ليس لديه أوراق أو كروت ضغط فيما يختص بسوريا”.

وشكك الخميس في إعلان السودان حضور الملك سلمان لمراسم تنصيب البشير في ظل الظروف التي تمر بها السعودية ” الا اذا كان هناك سبب مهم جداً يدعو الملك للزيارة”.

وامتنعت الخارجية السودانية يوم السبت عن تأكيد حضور العاهل السعودي خلافاً لما أعلنته اللجنة العليا لتنصيب الرئيس السوداني يوم الخميس.

Leave a Reply

Your email address will not be published.