الحكومة: العقوبات الأمريكية أكبر منتهك لحقوق الإنسان وندير في جنيف “حوار طرشان”
الخرطوم 16 مايو 2015 – جدد السودان إنتقاداته الشديدة للعقوبات الآحادية التي تفرضها عليه الولايات المتحدة الامريكية، وعدها السبب الرئيس لتدهور أوضاع حقوق الإنسان، لكونها تلقي بظلال سالبة على السودانيين، وشجب توقيع الرؤساء المتعاقبين علي أمريكا، على تجديد العقوبات “دون أن يدركوا أثرها علي الشعب السوداني”، وعدها أكبر منتهك لحقوق الإنسان، ووصف الحوار الذي يدور بينهم ومجلس حقوق الإنسان بجنيف سنويا بـ “حوار الطرشان”.
وتجدد الإدارة الأميركية سنوياً وبشكل روتيني منذ العام 1997 عقوبات مفروضة على السودان بموجب قانون الطوارئ الوطني، حيث يصنف باعتباره أحد الدول الراعية للإرهاب منذ عام 1993 على الرغم من إقرار واشنطن بتعاون الخرطوم في مكافحة الإرهاب منذ هجمات سبتمبر 2001.
وفي منتدى حول “العقوبات الآحادية وأثرها على الانسان في السودان” أقيم بقاعة الشارقة في الخرطوم، السبت، بحضور الخبير المستقل لحقوق الإنسان اريستيد نوسين، طالبه وزير العدل محمد بشارة دوسة، بالإبتعاد عن رفع تقريره لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وفقا لمنظور سياسي.
وحث دوسة الخبير على بناء تقريره وفقا للأرقام والاحصائيات العلمية التي دفع بها مختصون، خلال المنتدى شرحوا فيها الأثر العميق للعقوبات على قطاعات حيوية.
وقال دوسة مخاطبا الخبير “اذا أردت أن تنجح وتبرئ ذمتك أمام مجلس حقوق الانسان الذي كلفك بهذه المهمة ارجو ان تنظر الي قضية العقوبات الجائرة التي فرضت من دولة أمريكا ودول أخرى”.
ونوه الوزير الى ما أسماه مطاردة الولايات المتحدة الامريكية للمؤسسات الدولية والاقليمية التي تتعامل مع السودان ماليا، وفي مجال الخدمات وتفرض عليها عقوبات لتعاملها مع السودان، ووصم تلك الجهات التي ترضخ لواشنطن بالضعف.
وكانت تقارير صحفية تحدثت الأسبوع الماضي عن وقف 36 مصرفا عربياً واوروبيا وآسيوياً تعاملها مع البنك السوداني الفرنسي، ونقل موقع “الطريق” عن مسؤول في البنك ذاته أنه لم يعد يستقبل التحويلات المالية من خارج السودان، خاصة القادمة من امريكا واوروبا، بعد أن اوقفت البنوك الوسيطة التي كان يتعامل معها تعاملاتها المالية مع السودان، تخوفاً من العقوبات الامريكية.
وطبقاً لمسؤول بالبنك السوداني الفرنسي، فانه كان يتعامل مع 39 مصرفاً عالمياً، كبنوك وسيطة لاستقبال الحوالات المالية، لكن 36 مصرفاً منها توقفت عن مباشرة تعاملاتها المالية مع البنوك السودانية، الأمر الذي فاقم ازمة التحويلات المالية من وإلى السودان.
وكان البنك السوداني الفرنسي ضمن ثلاثة بنوك سودانية تستقبل التحويلات المالية بالعملات الأجنبية من خارج السودان، بعد الحصول على اذن وزارة الخزانة الامريكية – المعروفة بـ(اوفاك)- للجهات العاملة في المجالات الانسانية.
ودعا وزير العدل السوداني الى الضغط علي واشنطن وإبلاغها “بأن حقوق الانسان في السودان ممتازة الا ما تفرضه أمريكا من عقوبات اقتصادية”.
ولفت الى أن القرارات والعقوبات المفروضة على البلاد تعد أكبر منتهك لحقوق المواطن السوداني، مشيراً الي أنه وبرفع العقوبات الآحادية علي السودان ستنتهي المسائل إيجاباً وسيتم تعزيز أوضاع حقوق الانسان بدرجة عالية.
وأشار الوزير الى ان الحوار السنوي بينهم ومجلس حقوق الانسان بأنه دائما مايكون أشبه بـ “حوار الطرشان” لأنه ينطلق من قضايا سياسية.
وقال “دائما نغرق في قضايا الاعتقالات والسجون والمحاكمات ونترك القضية الاساسية التى تؤثر على كل شيء حتى الرياضة”.
وشرح مسؤول بوزارة الكهرباء السودانية، كيفية تسبب العقوبات في تدني تغطية الكهرباء وسط السكان، وقال صلاح حسب الجابو مدير السياسات والتخطيط أن تغطية القطاع السكني تدنت من 22% فى العام 2007 الى 5% فقط.
وكشف عن تمتع ما بين 6 ـ 8% فقط من السكان بخدمات الكهرباء مرجعا السبب الرئيس في تدنى تغطية الكهرباء للعقوبات الاقتصادية.
وقال الجابو ان الكهرباء تحتاج الى اجهزة تحكم امريكية، أو المانية الصنع لتقليل وضبط القطوعات لافتا الى ان الحظر الإقتصادي يجعل من الصعوبة الحصول عليها.
وأضاف “متوسط مرات انقطاع الكهرباء فى العالم 1,5% فقط، بينما تصل فى السودان الى 33% لاعتمادها على برمجيات أمريكية لا نستطيع الحصول عليها بسبب العقوبات”.
وكشف عجز وزارة الكهرباء عن تشغيل محطة كهرباء “الفولة” بولاية غرب كردفان، بجانب تعطل ماكينات التوليد الحرارى لمدة 5 سنوات دون التمكن من صيانتها.
العقوبات والالغام
الى ذلك قال المركز القومي لمكافحة الألغام بالسودان، إنه بحاجة إلى 91 مليون دولار، حتى يتمكن من إزالة جميع الألغام ومخلّفات الحروب في ولايات البلاد المتأثّرة بالنزاعات، وشكا من تقلص دعم الأمم المتحدة الذي انخفض بشكل ملحوظ عقب 2011.
ونقل مدير المركز عامر عبد الصادق، للخبير المستقل لحقوق الإنسان اريستيد نوسين، خلال تنوير، تأثير العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على السودان التي حالت دون إحراز تقدم كبير في تطهير المساحات المزروعة بالألغام.
وأحاط عبد الصادق، الخبير المستقل التابع للأمم المتحدة، بحزمة من التحديات التي تعيق عمل المركز، أبرزها مشكلة تقلّص الدعم من قبل الأمم المتحدة.
وقال مدير المركز في تصريحات له عقب لقاء الخبير المستقل، إنهم اطلعوا المسؤول الأممي على جهود الحكومة من أجل إعلان السودان منطقة خالية من الألغام.
وتشير “سودان تربيون” الى ان المجتمع الدولي كان منح السودان مهلة خمس سنوات إضافية ليعلن أنه خالي من الالغام الأرضية، وذلك بعد ان فشلت جهوده في اتمام الخطوة بالعام 2014، لاستمرار الحرب في جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور.