تصريحات البشير حول مشروع الجزيرة تقسم الولاية إلى معسكرين
الخرطوم 12 ديسمبر 2014 ـ قسمت تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير الأخيرة حول مشروع الجزيرة الزراعي مواطني ولاية الجزيرة في الوسط إلى معسكرين، وبينما تلتقي قيادات لحراك معارض في إحدى قرى الولاية صباح السبت، ينظم اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل المحسوب على الحكومة، في ذات التوقيت، ما أسماه “نفرة” لنصرة الرئيس.
ونقل عن الرئيس البشير في لقاء مع رؤساء تحرير الصحف، في 30 نوفمبر الماضي، قوله: “ناس الجزيرة تربية شيوعيين وطوالي دايرين الحكومة تمول ليهم الزراعة وما يرجعوا القروش”، ووصف المشروع بـ “الخاسر” منذ نهاية الستينيات وأنه “عالة” على الدولة.
ويواجه المشروع الزراعي الضخم صعوبات تجعل استمراره على المحك نتيجة سنوات من الإهمال الحكومي وسوء الإدارة، خاصة بعد إجازة قانون مشروع الجزيرة 2005، المثير للجدل.
وراجت أنباء عن انسلاخ عدد من عضوية المؤتمر الوطني الحاكم في بعض قرى ولاية الجزيرة على خلفية تصريحات الرئيس حول المشروع الزراعي الكبير.
وقال هشام عمر الامين عضو حراك أبناء الجزيرة الموحد للتغيير والتنمية، وهو كيان تكون حديثا، لـ “سودان تربيون” إن قيادات الحراك ستلتقي صباح السبت في بلدة “عبود” حوالي 20 كلم غربي ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة.
وأكد الأمين أن اللقاء الذي يضم قيادات المزارعين يشتمل على مخاطبات ولقاءات تنويرية وتفاكر حول تعديل قانون مشروع الجزيرة 2005، إلى جانب تعليقات الرئيس البشير الأخيرة حول مشروع الجزيرة.
وقطع بأن البرنامج سيقام في الزمان والمكان المحددين مستبعدا أن تقدم السلطات على منعه مثلما حدث في مؤتمر الحراك بمنطقة “ود الهندي” الشهر الماضي، وتوقع مشاركة كبيرة ونوعية في اللقاء.
وواجه مواطنو ولاية الجزيرة تعليقات البشير حول مواطني مشروع الجزيرة، بإمتعاض بالغ واتسعت دائرة الانتقادات لحديث الرئيس في مواقع التواصل الاجتماعي وتطورت الى دعوات لتحرك ينقذ مشروع الجزيرة من التردي الذي يلازمه منذ سنوات.
وفي الخرطوم ينظم مزارعو الجزيرة والمناقل، نفرة كبري لمناصرة الرئيس البشير، ولتبني ترشيحه في الانتخابات القادمة لفترة رئاسية جديدة، ويخاطب رئيس الجمهورية جموع المزارعين صباح السبت بقاعة الصداقة.
وقال رئيس اتحاد مزارعي السودان صلاح الدين المرضي، إن كافة القيادات الزراعية بالجزيرة أكدت مشاركتها في النفرة المعلنة، وثمن دور الرئاسة في دعم القطاع الزراعي بالبلاد.
وأوضح المرضي أن النفرة تأتي بمثابة رد الوفاء للرئيس، ودوره الواضح للنهوض بالاقتصاد الزراعي عبر مشروع الجزيرة، وأضاف أن النفرة تهدف لتوحيد وتوجيه الرؤى والأفكار من كافة المعنيين بالشأن الزراعي لتحقيق النهضة الزراعية العلمية الشاملة.
وكانت لجنة تقييم وتقويم الأداء بمشروع الجزيرة برئاسة الدكتور تاج السر مصطفى، طالبت في تقرير سلمته لرئاسة الجمهورية مطلع العام الحالي بتقديم المتورطين في نهب وسرقة أصول المشروع للمحاسبة الإدارية والمحاكمة القضائية.
لكن الحكومة لم تحرك ساكنا، ولم يتم إعلان التقرير للرأي العام بالرغم من تسرب نسخ منه لمواقع إلكترونية في يناير الماضي.
وأدت عمليات اعادة الهيكلة في مشروع الجزيرة وتصفية بنياته التحتية “الهندسة الزراعية، السكة حديد، المحالج والورش” إلى تشريد ألاف العاملين، بعد تطبيق قانون مشروع الجزيرة 2005.
وشهدت البنى التحتية الأخرى، خاصة قنوات الري، تدهورا مريعا، للحد الذي وصل إلى استعانة المزارعين بطلمبات الجازولين لري أراضيهم رغم نظام الري الإنسيابي الرخيص الذي يتميز به المشروع.
وظل مشروع الجزيرة منذ ثمانين عاما المصدر الوحيد لخزينة الدولة وتوفير العملات الصعبة عبر زراعة القطن، الذي كان يزرع على مساحة 400 ألف ـ 600 ألف فدان، لكن هذه المساحة تقلصت إلى أقل من 50 ألف فدان حاليا، وتصل المساحة المستغلة الآن من أراضي المشروع البالغة 2.2 مليون فدان إلى 10% فقط.
وخرج 12 محلجا للقطن منتشرة في مناطق مارنجان والحصاحيصا والباقير من دائرة الإنتاج لشح المنتج من القطن وعمليات الإهمال التي طالتها.
وتشير “سودان تربيون” إلى أن تردي مشروع الجزيرة صاحبه انهيار في كثير من المرافق الحيوية بولاية الجزيرة، التي يقطنها نحو 3,7 مليون نسمة، خاصة فيما يلي الصناعات التحويلية والحركة التجارية.