السودان يطلب انهاء ولاية الخبير المستقل وسط انتقادات غربية لانتهاكات حقوق الانسان
جنيف 24 سبتمبر 2014- طالب السودان مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جنيف بالغاء ولاية الخبير المستقل وفند اتهامات كثيفة وجهها مندوبو المنظمات والدول الغربية بارتكاب الحكومة انتهاكات جسيمة للحريات ولحقوق الانسان سيما في مناطق النزاع بدارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق.
وسادت ارهاصات داخل اروقة مجلس حقوق الانسان، باحتمالات افلات السودان من قرار يقضى باعادته الى البند الرابع والذي يكفل تعيين مقرر خاص وادانته بشكل لانتهاكه حقوق الانسان،وقالت مصادر سودانية تشارك في الاجتماعات لـ”سودان تربيون” ان المؤشرات تمضي في اتجاه ابقاء السودان في البند العاشر مع تفويض مختلف يتصل بتقديم المساعدات .
وكان وفد السودان المشارك فى الاجتماعات قال أنه رصد إرهاصات من بعض الدوائر الغربية لإدانته وإعادته إلى البند الرابع بزعم تدهور حقوق الإنسان.
وقال وكيل وزارة العدل عصام عبد القادر في تصريحات الاثنين- إن بعض الدوائر تسعى إلى إدانة السودان واستصدار قرار فى مواجهته حسب الادعاءات التى تتبناها هذه الجهات. وأشار إلى أن بعض الدول عبرت صراحة عن سعيها لاستصدار قرار من المجلس ضد السودان يحقق قدرا من الرقابة على الخرطوم، فى إشارة منها إلى إرجاع السودان إلى البند الرابع أو الثانى من ميثاق مجلس حقوق الإنسان.
واتهم عبد القادر الاتحاد الأوروبى ومنظمات عاملة فى مجال حقوق الإنسان معادية للسودان بالعمل بتنسيق محكم لإدانته وتشويه مواقفه الإيجابية مع منظمات الأمم المتحدة العاملة فى المجال. وكشف عبد القادر عن جهود بذلها وفده فى محاور مختلفة يتعلق بعضها بالردود المباشرة لما يثار فى جلسات المجلس فى البنود المطروحة للنقاش والمداخلات، وقال “إن الوفد قام بدراسة معمقة لتقرير الخبير المستقل وما يمكن أن يرد عليه من ملاحظات”.
وركزت مداخلات مندوبو الدول الغربية والوكالات الانسانية على تسبب القصف الجوي والقيود الحكومية المفروضة على المنظمات في تردي الاوضاع الانسانية لالاف المدنيين في السودان كما شجبوا ممارسات الحكومة تجاه منظمات المجتمع المدنى باغلاقها وتقييد انشطتها ، في وقت ذهب مندوبى المجموعتين العربية والافريقية للتركيز على المساعي الايجابية المبذولة من السودان بشأن الحوار الوطنى ودعوة المعارضين لالقاء السلاح والسلام .
وقدم الخبير المستقل لحقوق النسان في السودان مشهود بدرين تقريره الى المجلس الاربعاء منتقدا بشدة تعامل الحكومة مع احتجاجات سبتمبر التى وقعت العام الماضي اثر مظاهرات على رفع الدعم عن الوقود وتردي الاوضاع الاقتصادية ، منوها الى عدم وجود اي جدية تجاه اجراء تحقيق مستقل ،و حث الحكومة السودانية على إجراء تحقيق علني ومستقل في حوادث القتل والإنتهاكات التي صاحبت تلك المظاهرات ، واقترح تكوين لجنة تحقيق برئاسة قاضٍ متقاعد، وخبراء مستقلين يتم اختيارهم من الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني وخبراء الطب الشرعي والهيئات المهنية الأخري ذات الصلة في السودان، ومرشحين من الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.
وأوصي التقرير الحكومة السودانية بتسريع اتخاذ إجراءات ملموسة للتصدي لتحديات حقوق الإنسان ، والتي شملت حرية التظاهر والتجمع السلمي ، وحرية الصحافة والتعبير ، والرقابة علي الصحف ووسائل الإعلام، وحرية الدين والمعتقد، ووقف الضربات الجوية علي المدنيين في جنوب كردفان ودارفور، الإعتقال التعسفي للنشطاء السياسيين، والوصول لحل سلمي للأزمة السياسية.
وأوصي الخبير ، بإلغاء قانون الأمن الوطني لعام 2010م، أو موائمته مع الالتزامات الدستورية والدولية للسودان في مجال حقوق الإنسان، وضمان حرية الصحافة، ووقف الاعتقالات والاحتجازات التعسفية والرقابة على الصحافة، وتضييق الخناق على منظمات المجتمع المدني، والاحترام الكامل للحق في الحرية وحرية الأفراد؛ بجانب مراجعة المادة 126 من القانون الجنائي السوداني (1991) – المتعلقة بالردة – تمشيا مع التزامات السودان في مجال حقوق الإنسان الدستورية والدولية المعنية بحرية الدين والمعتقد.
واكد بدرين في مداخلته التى اعقبت كلمة وزير العدل السوداني وجود انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان منوها الى ان لتأثير الأكبر على حالة حقوق الإنسان في السودان ينبع من الحروب.كما لفت الى خطوات ايجابية قال ان الخرطوم اتخذتها لمعالجة اوضاع حقوق الانسان.
وابدى مندوب الولايات المتحدة الامريكية في المجلس كيث هاربر قلقا كبيرا تجاه ما اسماه تصاعد العنف وتدهور أوضاع حقوق الإنسان في السودان واطهر لدى مداخلته امام الجلسة انزعاجه من التقارير التي تشير إلى انتهاكات حقوق الإنسان و القانون الإنساني الدولي بواسطة حكومة السودان والجماعات الموالية لها .
وتشمل تلك التقارير وفقا لهاربر القصف الجوي العشوائي المستمر للمناطق المدنية من قبل القوات الحكومية السودانية في النيل الأزرق وجنوب كردفان، ودارفور، علاوة على استمرار الحكومة في ممارسة القتل والتعذيب والاغتصاب، والاحتجاز التعسفي، والقمع العنيف ضد مواطنيها.
واضاف “نحن نشعر بالقلق أيضا بسبب استمرار القيود الحكومية على وصول المساعدات الإنسانية للمواطنين المحتاجين . ونعرب عن قلقنا بشأن تعدي الأجهزة الأمنية الحكومة ، لا سيما جهاز الأمن الوطني، على بالحقوق المدنية والسياسية ، والتي تشمل إطلاق النار على طالب جامعي في السنة الثالثة خلال احتجاجات في جامعة الخرطوم.” وكذلك الهجمات على المتظاهرين السلميين في سبتمبر 2013 التي أسفرت عن العديد من الوفيات، وعدم إجراء تحقيق شامل ومستقل.”
وتناول المندوب الامريكى انتهاكات الحكومة السودانية للحريات الدينية والمعتقدات، لافتا الى قضية السودانية مريم ابراهيم التى حكم عليها بالاعدام بسبب الارتداد عن الدين الاسلامي واعتناق المسيحية قبل ان يفرج عنها بقرار من محكمة الاستئناف .
وقال هاربر” نتفق مع تقرير الخبير المستقل أن قضية مريم تسلط الضوء على الحاجة إلى التدريب المناسب بشأن حقوق الانسان للقضاة السودانيين ونعرب كذلك قلقنا إزاء حملة القمع التي تشنها الحكومة ضد المعارضة والتي تشمل استهداف القادة السياسيين والناشطين الشباب والصحف والصحفيين والطلاب ومنظمات المجتمع المدني، والمتظاهرين.”
لكن وزير العدل محمد بشارة دوسة رفض تلك الاتهامات بشدة ،وقال في مداخلته امام جلسة المجلس التى خصصت لمناقشة اوضاع حقوق الانسان في بلاده ان السودان ملتزم بكفالة الحريات والحفاظ على حقوق الانسان، نافيا بشدة ممارسة القوات الحكومية قصفا جويا على المدنيين واتهم المتمردين بمهاجمة القرى والمدن وارتكاب تجاوزات قال انها موثقة .
ونفى الوزير بشدة وجود معتقلين سياسيين وقال ان المحتجزين حاليا يقضون عقوبات بموجب قضايا جنائية ، كما شدد على عدم وجود اى قيود مفروضة على المنظمات الطوعية وقال ان عدد المنظمات العاملة في البلاد ارتفع من 91 الى 106 بنسبة تقدر بـ17%.
ورفض دوسة اتهامات الخبير المستقل بالتباطؤ في التحقيق بشان احتجاجات سبتمبر ولفت الى ان الحكومة سلمت الخبير تقريرا مفصلا حوى الاجراءات التى اتخذت فيما يخص تلك الاحداث منوها الى عدم وجود اى مؤشرات للافلات من العقاب واردف “النظام القضائ في السودان عريق ومستقل وقادر على بسط القانون”.
وطرح الوزير على المجلس سؤالا بشأن جدوى استمرار ولاية الخبير المستقل بعد ان اتهمه بالاخفاق في تقديم العون للسودان كما ان المجتمع الدولي فشل طبقا للوزير في رفع العقوبات واعقاء الديون وحمل الحركات المسلحة على وقف الانتهاكات والاعتداءات واضاف “مافائدة الولاية المفروضة تحت البند العاشر اليس من العدالة انهاء الولاية وترك السودان كغيره من الدول يطبق قوانينه ؟”