إصلاحيو الوطني: جيت تفتش الماضي
بقلم مجدي الجزولي
9 اكتوبر 2013 – توجه كبارات في حزب المؤتمر الوطني الحاكم على رأسهم زعيم كتلة الحزب السابق بالبرلمان غازي صلاح الدين والضابط بالمعاش محمد ابراهيم عبد الجليل بمذكرة إلى االرئيس البشير يطلبون منه لجم القوى الأمنية عن قتل المتظاهرين ضد قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات وفك أسر المعتقلين لديها ثم العدول عن القرار لشدة آثاره على المواطنين. ذكر الموقعون على المذكرة الرئيس بأن الإنقاذ وعدت الناس بالشريعة الإسلامية ومن مقاصدها الظاهرة “حرمة الدماء والعدل بين الرعية ونجدة ضعفائها ورحمة فقراءها واحقاق الحقوق ومن بينها حق الاعتقاد والرأي والتعبير عنهما”، ثم أضافوا “لكن حزمة الإجراءات التي طبقتها الحكومة وما تلاها من قمع المعارضين لهي أبعد ما يكون عن الرحمة والعدل واحقاق حق الاعتقاد والتعبير السلمي.” ميز الإصلاحيون بين متظاهرين سلميين وآخرين نهجوا إلى العنف وقالوا “تغلبت العناصر التي تستغل هذه المواقف للتعبير العنيف مما أدى إلى خراب كثير وإرهاق لأرواح عزيزة من بين المواطنين والشرطة وقوات الأمن في مواجهات استخدمت فيها الذخيرة الحية.” أمر الرئيس البشير بالتحقيق مع أصحاب المذكرة، وعين لهذه المهمة لجنة حزبية يقودها أحمد ابراهيم الطاهر وعوض الجاز.
كتب الطيب زين العابدين كلمة زكى فيها “قوى الحراك الاصلاحي” كما أسماها وتعرض لمذكراتها الثلاث الأخيرة، نداء الإصلاح في أغسطس وإطار لمبادرة سياسية وطنية في أول سبتمبر والرسالة الأخيرة للرئيس البشير. تحدث الطيب في آخر كلمته أصالة عن القوى المذكورة معلقا على “لجنة المحاسبة” التي أمر بها الرئيس البشير فقال “لن يرفض تيار الإصلاح مبدأ المحاسبة ولكنه سيطالب بمحاسبة شاملة لكل من خرج على الدستور والقوانين والنظم في الدولة والحزب”، وعاد مذكرا الإصلاحيين بما لقي شيخ الحركة الإسلامية وصانع الإنقاذ من أهل السلطة ووعد بكلمة تالية يستعرض فيها خطة الإصلاحيين للعمل “خارج مياه السلطة الباردة!” لست في معرض تقصي كل ما نشر إصلاحيو الوطني من وثائق، يكفي شاهدا أنها ضمنت لهم تنسيقا مستقبليا مع زعيم حزب الأمة الصادق المهدي الذي وصف قادتهم بأنهم “مؤثرون جدا وناضجون ولديهم إحساس بالوطنية” في تصريح الإثنين الماضي.
يغمض إصلاحيو الوطني كما الطيب والصادق أعينهم بشدة عن انفلات السياسة عن المذكرات وحيل صوالين الخرطوم منذ أمد بعيد، رهانهم كما يبدو أن تسوية بين أعضاء النادي السياسي ذوي الشنة والرنة يمكن أن ترجع الماضي فنبدا حتى من الصفر كما جرت الأغنية، ويا خرطوم ما دخلك شر. الثابت لكن أن قوى واسعة خرجت إلى السياسة بغير إذن من أعضاء النادي المعلومين، منها التي لم توافق مزاج غازي المديني فاختصرها باستعجال تحت عنوان “القبلية” واجبة التقويم وأخرى استحسنها فشهد ببروز “طبقة الشباب المرتبط بمواقع التواصل الاجتماعي” كقوة سياسية ذات اعتبار. كتب غازي: “هؤلاء أصبحوا من أكثر المجموعات فاعلية سياسية وأي تجاهل لهم في الحوار السياسي أو المعادلات السياسية القادمة سيكون عملا غبيا”، ثم أضاف ناصحا: “عطلوا حوار القبائل وأطلقوا حوارا مع هؤلاء (يقصد الشباب) فقد تكتشفون بينهم مواهب ومشروعات قيادات وطنية لامعة في المستقبل القريب.”
يقرأ غازي في الحالتين من كراس الرغبة لا كتاب الواقع، فلا يمكن بأية حال الاكتفاء بالقبلية تفسيرا للصراع المستعر في دارفور بين قوى متنافسة على الحظوة الاقتصادية والسلطة السياسية وإن كانت القبيلة لواءها، ولا يسلم مثل هذا الزعم عند اختبار المنافسة بين زعماء الفولة والنهود حول الشوكة السياسية في غرب كردفان، وليسأل غازي الصادق إن كان بوسعه رد هذه القوى إلى بيت الطاعة الطائفية هكذا ببخة إمامية. أما غالب الذين خرجوا على الحكومة بالهتاف في حضر الخرطوم ومدني ونيالا وغيرها فمعلومة صفتهم الطبقية حتى للرئيس البشير ولذا قابلهم بالرصاص، فماذا كان سيفعل الإصلاحيون بإزاء “العناصر” هؤلاء، ديسلايك وبلوك!