غازي يرفض المثول امام لجنة التحقيق ومواجهات عاصفة في اجتماع قيادي الوطني
الخرطوم 6 أكتوبر 2013 ـ رفض عدد من الموقعين على مذكرة الـ31 يتقدمهم د. غازي صلاح الدين ود عائشة الغبشاوي المثول أمام لجنة التحقيق التى شكلها المؤتمر الوطني لمحاسبتهم.
وراجت مذكرة ممهورة بتوقيع 31 قياديا 5 منهم أعضاء في المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بينهم بجانب غازي والغبشاوي حسن عثمان رزق الامين العام السابق للحركة الاسلامية بولاية الخرطوم والعميد محمد عبد الجليل ابراهيم المعروف بـ”ودابراهيم” قائد المحاولة الانقلابية التى احبطتها السلطات مؤخراً.
ونادت المذكرة التى نفى المؤتمر الوطني تلقيه نسخة منها بضرورة اعمال معالجات شاملة للازمة السودانية بشقيها السياسي والاقتصادي وطالبت الحكومة بإيقاف قتل المتظاهرين وتشكيل لجان تحقيق في عمليات القتل التى حدثت وتعويض اسر الضحايا والمتضررين.
وعلمت “سودان تربيون” ان غازي وعائشة الغبشاوي وعدد من منسوبي الحزب الموقعين على المذكرة رفضوا المثول امام لجنة التحقيق التى شكلها الحزب برئاسة رئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر واعتبروها لا تستند الى سند قانوني.
وشددت ذات المصادر على ان المذكرة بالنسبة لمجموعة الإصلاحيين داخل المؤتمر الوطني تعد خطوة أولى ستليها خطوات تصعيدية أخرى حال إصرار المجموعة المتحكمة في الحزب على المضي قدما في ما ترتكبه من أخطاء يقع ضررها على الحركة الاسلامية جمعاء، على حد زعمهم.
ونفت مصادر مقربة من د. غازي اعتقاله أو وضعه قيد الإقامة وقالت ان الرجل الآن يتحرك بحرية كاملة وانه قام امس الجمعة بزيارة إجتماعية لمنطقة نعيمة جنوبي الخرطوم وعاد ليلا إلى منزله بضاحية الخرطوم بحري.
وتصاعدت الخلافات داخل المؤتمر الوطني الحاكم على خلفية المواقف المتباينة حول المظاهرات المستمرة للأسبوع الثاني على التوالي ، وأصبح الحزب على انقسام وشيك.
وشهد اجتماع المكتب القيادي الأخير الذي التأم ليل الخميس مواجهات حادة بين الرئيس وعدد من الموقعين على المذكرة من أعضاء المكتب القيادي وبحسب مصدر رفيع تحدث لـ”سودان تربيون” أن ثلاثة من خمسة أعضاء في المكتب القيادي وقعوا المذكرة شاركوا في الاجتماع .
وقال المصدر ان د.غازي ود.عائشة الغبشاوي طرحوا رؤية الاصلاحيين داخل الاجتماع وانتقدوا اداء وسلوك الحكومة حيال الازمة الاقتصادية بجانب تعاملها مع المظاهرات الاحتجاجية وطالبوا بتجميد الإجراءات الاقتصادية وإقرار مبدأ حرية العمل السياسي.
وكشف ان مواجهة تمت بين د.غازي والرئيس البشير الذي رد على حديث الغبشاوي بان الدولة الان في طريقها لإقرار دستور جديد يبيح التعددية السياسية ويتيح العمل للكافة غير ان غازى قال ان الأزمة ليست في اقرار الدستور مشددا على ان الأزمة في احترام الحزب الحاكم للدستور وأضاف ان التجربة أثبتت ان المؤتمر الوطني لا يحترم الدستور الذي وضعته أجهزته .
وقال غازي في الاجتماع ان الحكومة ان هي احترمت الدستور القائم الآن لما اندلعت الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق ، مشددا على ضرورة التزام المؤسسات بالقانون والدستور والعمل على محاربة الفساد .
إلى ذلك قال ناطق باسم تيار الإصلاح في حزب المؤتمر الوطني الحاكم إن الحزب أصبح محكوما بالبندقية وشرعية الأمر الواقع ، وأضاف “المؤتمر الوطني لم يعد حزبا سياسيا ولا تحكمه لوائح ونظم وأن مؤسساته كلها الان خارج الخدمة تقوم فقط بما تؤمر به من قبل الفئة المتحكمة في مفاصل الحزب “.
وقال عبد الغني أحمد إدريس وهو صهر د. غازي صلاح الدين ويقيم في لندن إن الحديث عن تيار للإصلاح داخل الحزب الحاكم لم يعد مجديا، وأضاف أن الإصلاحيين يجرون مراجعة واسعة فيما يتعلق بمواقفهم ، وأضاف “بات واضحاً ان هذا الحزب غير قابل للإصلاح ، ملمحاً في حديثه لـ”سودان تربيون” إلى إمكانية الانشقاق غير انه رفض الإفصاح عن ذلك صراحة.
ووصفت مذكرة الـ31 التي نفى الحزب الحاكم ان يكون تسلم نسخة منها حزمة الإجراءات الاقتصادية التي طبقتها الحكومة مؤخراً بأنها أحدثت آثاراً قاسية على المواطنين دون مبررات مقنعة كما انها لم تجز من المجلس الوطني و لم تعرض عليه أصلاً رغم اشتمالها على تعديلات أساسية في بند إيرادات الحكومة .
واضافت المذكرة إلتى تعد اول شرخ في جسم الحركة الإسلامية بفعل الاحتجاجات التى ضربت العاصمة والولايات منذ الاثنين الماضي “* هذه الإجراءات لم تجد قبولاً حتى من قطاعات المؤتمر الوطني ” .
وقدم بحسب المذكرة عدد من الخبراء والقوى السياسية بدائل لم تنل اعتباراً وأصرّت الحكومة على تطبيق الإجراءات كما هي غير مبالية بآثارها ومدى قدرة المواطنين على احتمالها.
ووصفت المذكرة خطاب الحكومة عند تقديم حزمة الإجراءات عبر وسائل الإعلام بالمستفز للمواطن ولم تبد الحكومة الاكتراث اللائق لمشاعر المواطنين.
ولفتت ايضا الى ان الحكومة لم تسمح للمواطنين بالتعبير السلمي عن آرائهم وفق ما يكفله لهم الدستور. و اضافت “بعدم توفر فرص التعبير السلمي تغلبت العناصر التي تستغل هذه المواقف للتعبير العنيف مما أدى إلى خراب كثير وإزهاق لأرواح عزيزة من بين المواطنين والشرطة وقوات الأمن في مواجهات استخدمت فيها الذخيرة الحيّة”.
ونوه القادة الموقعين على المذكرة الى ان أهم مقاصد الشريعة التى جعلتها حكومة الانقاذ شعارا تعظيم حرمة الدماء، والعدل بين الرعية، ونجدة ضعفائها، ورحمة فقرائها، وإحقاق الحقوق ومن بينها حق الاعتقاد والرأي والتعبير عنهما. وأضافت “لكن حزمة الإجراءات التي طبقتها الحكومة وما تلاها من قمع للمعارضين لها أبعد ما يكون عن الرحمة والعدل وإحقاق حق الاعتقاد والتعبير السلمي.”
وطالبت المذكرة أيضا بإيقاف الرقابة على الصحف ووسائل الإعلام و إطلاق الحريات كما يكفلها الدستور ومن بينها حرية التظاهر السلمي و إجراء تحقيقات محايدة حول إطلاق الذخيرة الحية على المواطنين ومعاقبة المسئولين عنه مع تعويض المواطنين المتضررين جراء القتل والجراحات والتخريب .
ونصحت المذكرة البشير بالتعامل مع تلك المطالب تعاملا حكيماً، وزادت ” بيدكم درء الفتنة أو إثارتها، وإن مشروعية حكمكم لم تكن على المحك كما هي اليوم.”
ويعد معظم الموقعين على المذكرة من الإسلاميين الذين عرفوا بمواقفهم الرافضة لكثير من السياسات الحكومة في الوقت الذي اعتقل فيه ” ود ابراهيم” بتهمة تدبير محاولة للإطاحة بالبشير في وقت سابق من العام الحالي.
ووصف مراقبون المذكرة بانها ذات تأثير كبير على قطاعات شباب الإسلاميين خاصة بعد توقيع العميد ودإبراهيم ود غازي صلاح الدين عليها ويحظى الرجلين باحترام واسع في تنظيم السائحون الذى تضع الحكومة له حسابات باعتباره يضم عدد من الذين اكتسبوا خبرات قتالية واسعة أبان الحرب في جنوب السودان.