الحكومة ترجئ مجدداً إعلان قرارات زيادة الاسعار
الخرطوم 19 سبتمبر 2013- الغي مجلس وزراء الحكومة السودانية جلسة راتبة كان يفترض أن تلتئم اليوم الخميس، وكان الشارع يترقب بقلق بالغ إن تصدر عن تلك الجلسة القرارات الحكومية برفع الدعم عن المحروقات وزيادة الضرائب على بعض السلع الأخري بجانب رفع الدولار الجمركي.
وطبقاً لمعلومات تحصلت عليها “سودان تربيون” أن جلسة المجلس لم تنعقد في موعدها دونما ذكر أسباب واضحة لإلغائها ، فيما يعقد الرئيس البشير الأحد المقبل مؤتمراً صحافياً ، يتوقع أن يخاطب من خلاله المواطنين السودانين بشأن القرارات المرتقبة حال صادق عليها مجلس الوزراء في جلسة الاحد.
و كانت تقارير صحافية نشرت صحف الخرطوم الصادرة الاربعاء ان يتخذ مجلس الوزراء السوداني القرارات الاقتصادية اليوم لكن دون تطبيقها على الارض وكشفت صحيفة الراي العام المقربة من الحزب الحاكم ان الرئيس عمر البشير سيعلن سريان القرارات الاقتصادية في مؤتمر صحافي سيعقده الاحد المقبل بالخرطوم .
بيد ان سكرتارية مجلس الوزراء نفت انعقاد جلسة لمجلس الوزراء اليوم وقالت انها لم تتلقى اخطارا من المسؤوليين بالمجلس بانعقاد جلسة الخميس كي يتثنى لسكرتارية المجلس ابلاغ الصحفيين بمتابعة التصريحات الصحفية التي تعقب جلسة مجلس الوزراء .
ونصح الحزب الشيوعي الحكومة بتجنب القرار والعمل على اعادة الاموال المجنبة في وزارات سيادية لتفادي عجز الموازنة.
وقال ان هناك اموال تقدر بضعفي ارقام العجز مكدسة خارج ولاية المال العام وخارج حسابات وزارة المالية الاتحادية ينبغي ان تعود باسرع مايمكن لكنه رهن الامر بتوجيهات سياسية عليا لانزاله على ارض الواقع وارغام الوزارات المجنبة باعادة تلك الاموال الى الخزانة العامة .
وقبيل ساعات من تطبيق عملية رفع الدعم عن الوقود بدت محطات الخدمة البترولية وسط الخرطوم متوجسة من ارهاصات القرار وحدثت ندرة عامة في الوقود بعد ان امتنعت الشركات من توزيعه للولايات و تسليم الكميات المقررة .
وقال متعاملون في محطات الوقود ان شركات توزيع الوقود تنتظر اصدار القرار وسيكون نافذا في ذات الساعة، وقال متعامل في محطة وقود بضاحية الخرطوم 2 ” نعمل على تفادي حدوث تكدس عند اعلان القرار لان السودانيون متوجسون جدا من حدوث ندرة قبل تطبيق القرار “.
واستبق المحلل الاقتصادي ورئيس تحرير صحيفة ايلاف الاقتصادية خالد التجاني النور الاجراءات الاقتصادية المرتقبة ونصح الحكومة بعدم اللجوء الى العملية.
وقال النور وهو أحد الإسلاميين المعارضين للحكومة ان الازمة سياسية خالصة وان الاصلاحات يجب ان تبدأ على سدة الحكم اولا.
وأضاف ان احصائيات وزارة الرعاية الاجتماعية تشير الى ان هناك اكثر من مليوني اسرة فقيرة في السودان وان عملية الدعم المباشر وصل الى 100 الف اسرة فقط اي ان 1,9 مليون اسرة لم يصلهم دعم حكومي من اي نوع وحتى الدعم المباشر لمائة الف اسرة توقف بعد انقضاء 8 اشهر فقط واضاف التجاني ” هذا الاجراء يدحض تبرير الحكومة بانها تريد تحويل الدعم الى الفقراء “.
كما انضمت الوزيرة السابقة بالمالية عابدة المهدي الى الجماعات التي تناهض رفع الدعم عن الوقود وطالبت الحكومة بتوخي الحذر وعدم الاتجاه الى رفع الدعم عن المحروقات وفرض ولاية المال العام واعادة اموال تجنبها وزارات الدفاع ووزارة الكهرباء السدود ووزارة النفط.
وقالت ان الاموال تقدر بمليارات الجنيهات وهي كافية لتفادي عجز الموازنة كما طالبت عابدة وهي خبيرة اقتصادية ووزيرة سابقة الحكومة بمحاربة الفساد واستئصاله من العمق لانه (تغلغل بشكل كبير والى قاع سحيق ) في السلطة .
وقال المرشح السابق لرئاسة الجمهورية حاتم السر ان القرار سينعكس بشكل كارثي على المجمتعات السحيقة والتي تشكل اكثر من 90% من السودانيين وقال ان القرار اصبح واقعا لكنه توقع مقاومة السودانيين للعملية لاجبار السلطة الحاكمة على التراجع.
وقال السر الذي ترشح عن الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل في انتخابات 2010 ” يجب ان تتخذ اصلاحات سياسية شاملة لاصلاح الاقتصاد لكن الحكومة تتخذ اجراءات لاعلاقة باستقرار الاوضاع الاقتصادية لاحقا كما تزعم “.
واعلن الحزب الشيوعي في مؤتمر صحفي الاربعاء موقفه الرافض لزيادة أسعار السلع ، ودعا الشعب لإسقاطها وانتقد زعم النظام بدعم البترول .
وأوضح يوسف حسين المتحدث الرسمي باسم الحزب أن الحكومة لا تدعم أي سلعة ، وأنها تعتزم رفع الأسعار من أجل تمويل حروبها ونفقات جهازها العسكري ، لافتاً إلى الإنفاق البذخي في جهاز الحكم والفساد معتبراً أنهما أسباب رئيسية في الانهيار الاقتصادي .
وقال عضو اللجنة الاقتصادية بالحزب كمال كرار أن موازنة 2013 عندما أجيزت ، لم تضع في حسابها رسوم العبور ووضعت تقديرات محددة لسد العجز ، وعندما انهارت الآن كان يجب علي وزير المالية والحكومة الاستقالة ، لكنهم لا يستقيلون .
وعدد كرار أوجه الصرف المتعاظم علي الامن والدفاع والقصر وجهاز الحكم الولائي مشيراً للأموال المنهوبة والتي يتم تجنيبها والتي تفوق حجم الموازنة متسائلاً لماذا لا تسترد هذه الأموال عوضاً عن زيادة الأسعار .
واعتبر الزيادات حرباً علي المواطن وتجويعاً وإفقاراً مشيراً لانعكاساتها السلبية علي مجمل الاقتصاد الكلي ، وانتقد حجة رفع الدعم قائلاً أن تكلفة جالون البنزين المكرر لا تتجاوز 30 قرشاً وكذلك الجازأولين ، وأن تكاليف إنتاج النفط في الحقول محسوبة سلفاً في نصيب الشركات الأجنبية .
وأوضح عضو المكتب السياسي للحزب سليمان حامد أن زيادة الأسعار مقررة سلفاً من صندوق النقد الدولي وأن النظام يأتمر بأوامر الصندوق مقابل حزمة من الحوافز مثل إلغاء الديون أو تجميدها وتطبيع العلاقة مع المؤسسات الدولية وإطفاء الحروب المشتعلة ، مشيراً للزيارات المتعددة لبعثات الصندوق ومذكرات التفاهم واصفاً إياها بالتبعية الاقتصادية .
وكشف عن قرار الحزب برفض الاجتماع مع وزير المالية بعد أن قرر قيادة المؤتمر الوطني رفع الأسعار ، مؤكداً أن الجماهير ستسقط الزيادات والنظام معاً .
ورداً علي أسئلة الصحفيين كشف الناطق الرسمي للحزب يوسف حسين أن الحزب شرع في حملات مكثفة للتعبئة تجري وسط قواعد الحزب ومؤيديه للخروج في تظاهرات مناهض لزيادة الاسعار، وجزم بأن المقاومة ستتصاعد إلي حين سقوط النظام