البرلمان السوداني يصادق على محاكمة المدنيين عسكرياً
الخرطوم 3 يونيو 2013- صادق البرلمان السوداني الأربعاء على تعديلات مثيرة للجدل في قانون القوات المسلحة 2007م تمكن من تقديم المدنيين لمحاكم عسكرية في الجرائم الموجهة ضد الجيش ،وصوت لصالح التعديلات 109 نائبا وعارضها 39 بينما امتنع 8 عن التصويت.
وتراجع النواب عن اسقاط بعض نصوص القانون ، التى رفضت اللجنة الامنية تمريرها الثلاثاء ، خاصة تعديلات المادة (4) التى تنص على ” إخضاع كل من يرتكب جريمة تمس امن وسيادة الدولة لمحاكمة عسكرية ” .
واثارت المادة جدلاً كثيقاً واسقطت بالتصويت الشفاهى ، لكن تدخل رئيس اللجنة الامنية وطلبه من رئيس الجلسة بان يتم التصويت للتمرير وقوفاً رجح كفة الموافقة بعدما تراجع عدد كبير من النواب عن رفضهم.
وشهدت الجلسة التي تغيب عنها وزير العدل احداثاً عاصفة ورفضاً مطلقاً للتعديلات خلال المداولات في ظل اصرار وزير الدفاع على ضرورة تمرير القانون بتعديلاته.
و كادت الجلسة ان ترفع قبل بدءها لعدم اكتمال النصاب لاكثر من نصف ساعة وشهدت الكثير من الجدل بين النواب ووزير الدفاع في المادة الخاصة بمحاكمة مدنين بالمحاكم العسكرية.
ونبه النائب غازي صلاح الدين الى ان البرلمان مقبل على اتخاذ قرار خطير يتعلق بالتراث الفقهي والقضائي للسودان.
مطالباً بتأجيل القانون حتي يستوفي حظه من النقاش والتداول. وطالب بعض النواب بضرورة استدعاء رئيس القضاء لأخذ رايه حول وجود الخلل الذي استدعى تحويل جرائم من المحاكم المدنية الى العسكرية.
لكن وزير الدفاع شدد على ضرورة تمرير القانون لأجل حماية أمن البلاد، وطمأن النواب بان المحاكم العسكرية لن تأتي بشخص من “طرف السوق” لمحاكمته عسكرياً حسب قوله.
واتهم رئيس كتلة حزب الامة الوطني عبد الله مسار ,وزير الدفاع الفريق اول ركن عبد الرحيم محمد حسين بممارسة ضغوط علي لجنة الشئون الخارجية والامن والدفاع لتمرير مشروع القانون في غياب وزير العدل محمد بشارة دوسة ورئيس القضاء.
واعتبر مسار ان القانون يتعارض مع الاتفاقات الدولية ويجعل من السودان دولة بوليسية مكرسة للعمل العسكري ومنتهكة لحقوق الانسان ,ووصف القانون بالتجريمي لافتا الي انه جاء مفصلا علي مقاس اشخاص محددين.
و اعرب رئيس كتلة المؤتمر الشعبي المعارض اسماعيل حسين عن قلقه من الحيثيات التي قدمها وزير الدفاع في ترافعه عن مشروع القانون ووصفها بغير المقنعة واضاف ان الوزير تحدث في مذكرته عن الامن وهيبة الدولة بينما لم يتطرق للعدالة اطلاقا ,وتابع “وهذا مصدر قلقنا” .
واعتبر حسين ان القضاء السوداني رغم الاستفاهمات التي تلاحقه في السنوات الاخيرة الا انه لايزال قادرا علي الفصل في كل القضايا بموجب القانون الجنائي لسنة 1991م.
وقال وزير الدفاع في دفاعه عن القانون ان احكام القضاء العسكري ان كبرت او صغرت خاضعة للفحص والمراقبة بواسطة المحكمة القومية العليا مشيرا الي ان القضاء العسكري ملتزم بضوابط العدالة وتابع ان التعديلات مقصود بها كل مدني اعطي نفسه صفة عسكرية وكون جيشا واضاف “ما حاشيل زول من الشارع واحاكمو عشان ما نقعد نتغالط طول السنة”
وقال مخاطبا النواب “وروني دولة واحدة في العالم ما بتحاكم المدنيين المتورطيين في عمل عسكري عسكريا”.
و وصف رئيس لجنة الامن والدفاع والشئون الخارجية محمد الحسن الامين القانون بانه اضافة ايجابية للقوات المسلحة لافتا الي ان الراي الرافض للقانون كان ضعيفا.
وكان محمد حسن الأمين قال في جلسة الاثنين ، أن اللجنة رأت بالإجماع أن توسيع نطاق تطبيق القانون العسكري، يوسع محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية، مما يتيح مساحة واسعة لقانون القوات المسلحة، مع وجود العقوبة نفسها في أكثر من قانون، مما يجعله يتعارض مع بعض القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان، وبعض القوانين الدولية الأخرى.
وقال نائب رئيس البرلمان هجو قسم السيد ان المحكمة العسكرية ليست محكمة “بطلجية “او “كاوبويات “،واشار الي ان معتقل غوانتنامو يحاكم المدنيين بمحاكم عسكرية ،وطالب النواب بعدم التعامل بحساسية مع راي المجتمع الدولي بخصوص القانون.
و اشتمل التعديل الذي اقره البرلمان علي اضافة ثلاثة فقرات جديدة تحاكم كل من يعمل بالخدمة العسكرية او المدنية لاي دولة في حالة حرب مع السودان .
اوخضاع اي مدني يساعد بقصد او باهمال في هرب اسري الحرب او يفضي باسرار عسكرية للقضاء العسكري ,وكل شخص يدخل دون اذن او عذر منطقة عسكرية او يحوز اجهزة تصوير بغرض عمل صورة او تخطيط او نموذج لتلك المنطقة ,وكل مدني يحرض اي فرد من القوات المسلحة علي التمرد.
و سمح التعديل للمحكمة القومية العليا بسلطة فحص ومراجعة الاحكام التي تصدرها المحاكم العسكرية اذا صدر الحكم بعقوبة الاعدام او السجن لمدة 10 سنوات او اكثر .
وحرمت القوانيين السودانية منذ العهد المايوي تقديم المدنيين لمحاكم عسكرية ، وتعد قضية سكرنير الحزب الشيوعي السوداني الاسبق عبد الخالق محجوب ومجموعة من قيادات الحزب في العام 1971 م هي اشهر محكمة عسكرية لمدنيين زاصدرت بحفهم احكاماً بالاعدام لاتهامهم بالتخطيط والتنفيذ لحركة انقلابية تمكنت من الاطاحة بنظام مايو قبل ان يستعيد السلطة بمساعدة مصرية ليبية.