ستينغر في جبال النوبة
مجدي الجزولي
19 اكتوبر 2012 — نشر جيرومي توبيانا، الباحث في شؤون السودان، أول هذا الشهر كلمة قصيرة في مدونة “عرض لندن للكتب” عنوانها “من يسلح السودان؟”. نقل توبيانا عن مصادر قريبة من قطاع الشمال تقديرا يقول أن الحكومة أسقطت ما لا يقل عن 900 قنبلة على جبال النوبة في الفترة من يونيو 2011 حتى يناير 2012. قُتل جراء هذا القصف 86 من المدنيين وجُرح أكثر من 170 بينما أُجبر حوالي 400 ألف على النزوح. بحسب توبيانا لم تتغير خطة الحكومة القتالية في الجبال عما كانت عليه خلال الحرب الأولى 1985 – 2002، عناصرها القصف الجوي والمدفعي ثم هجمات الجيش النظامي تدعمه مليشيات مساندة، إلا فيما يخص السلاح.
اعتمد توبيانا في تقييمه الميداني على معارف صديقه خبير الأسلحة كلاوديو غراميزي حيث قضى الإثنان أغلب العام الماضي على جانبي الحدود بين السودان وجنوب السودان يتقصيان شظايا القنابل التي تسقطها طائرات الأنتونوف الحكومية والأسلحة التي بيد جند قطاع الشمال. تعرف كلاديو في مشاويره السودانية بصحبة توبيانا على شظايا صواريخ S8 من صنع روسيا البيضاء وWeishi WS-1 الصينية بالإضافة إلى قنابل حارقة (incendiary bombs) وقنابل عنقودية روسية الصنع. وجد الإثنان بين يدي مقاتلي قطاع الشمال مخزونا معتبرا من الألغام الأرضية المضادة للأفراد إيرانية الصنع وأخرى صينية مضادة للدبابات قالوا أنهم غنموها من الجيش، كلا النوعين من البلاستيك لا تجدي معها كاشفات الألغام المعهودة، كما وجدوا مؤونة كافية من ذخيرة الكلاشنكوف صنعت في الصين عامي 2009 و2010.
قال أحد مقاتلي قطاع الشمال للزائرين: “يحصي قادتنا كم غنموا من مركبات وأسلحة غرض المنافسة” و”قد “يذهب أحدهم إلى القتال فقط لأن قرينه فاقه في عدد العربات التي استولى عليها”. ذكر أحد هؤلاء القادة لتوبيانا ورفيقه غراميزي أنه لا تنقصهم سوى صواريخ Stinger المضادة للطائرات حتى يتمكنوا من صد هجمات الجيش الجوية. يمثل الستينغر صائد الطائرات المحمول أحد أبرز أبطال الولايات المتحدة الأميركية خلال الحرب الباردة إذا جاز التعبير. كان هدية وكالة المخابرات المركزية الأميركية للمجاهدين الأفغان في حربهم ضد السوفييت منتصف الثمانينات من القرن الماضي. تبرعت به إدارة الرئيس ريغان أواخر الثمانينات لحركة يونيتا وكيلة واشنطن وبريتوريا العنصرية لقتال الحركة الشعبية لتحرير آنغولا حليفة السوفييت وكوبا في حرب أنغولا الأهلية، وأمدت به تشاد تحت إمرة حليفها حسين هبري لقتال ليبيا القذافي خلال حرب التويوتا عام 1987، المرحلة الأخيرة من النزاع بين البلدين. يجمع بين هذه الحروب الثلاث أنها كانت مسارح ساخنة للحرب الباردة في العالم الثالث. انسحب السوفييت من أفغانستان، وانسحبت ليبيا من قطاع أوزو إلا أن يونيتا لم تنتصر.