مقتل ثلاث اشخاص وجرح العشرات فى احتجاجات قرب السفارة الامريكية بالخرطوم
الخرطوم 15 سبتمبر 2012 — قتل ثلاثة اشخاص على الاقل وأصيب العشرات قرب السفارة الامريكية فى الخرطوم امس اثر موجة احتجاجات عارمة اعقبت عرض مقاطع فيديو تسئ للاسلام والرسول محمد عليه الصلاة والسلام واقتحم المتظاهرون السفارة الالمانية وهاجموا مبنى نظيرتها البريطانية بوسط العاصمة السودانية بينما تدفق المئات صوب السفارة الامريكية الواقعة بضاحية سوبا الطرفية وحاولوا اقتحامها لكن قوات الشرطة السودانية تصدت للجموع مستخدمة الغاز المسيل للدموع والهراوات بعد اضرامهم النيران فى بوابة السفارة الامريكية وطالت السنة اللهب سيارة كانت تقف داخل المبنى.
وقال شهود عيان ان احدى سيارات الشرطة دهست متظاهرين قرب السفارة الامريكية فى الخرطوم فى اعنف موجة احتجاج على الفيلم المسئ استمرت اكثر من 3 ساعات وجرح فى الاحتجاجات التى شارك فيها طوائف مختلفة اكثر من 80 محتجا تعرض اغلبهم لحالات اغماء.
الشرطة تعترف بقتلها شخصين
واكد بيان لوزارة الداخلية السودانية ان اثنين من المواطنين لقيا حتفهما اثر حادث مرورى “غير مقصود” من احدى مركبات البوليس اثناء الاحتجاجات فى سوبا واشار الى اصابة 50 شرطى كما احرقت احدى سياراتهم ولفت الى ان الشرطة استخدمت اقل قدر من القوي المدنية في تفريق المتظاهرين ولم تستخدم أي سلاح ناري . ونوه البيان الى اتلاف المحتجين الغاضبين سيارات تابعة للسفارة الالمانية والحاق تلف خفيف بسورها الخارجى دون ان تتاثر المبانى الرئيسية .
واكدت الداخلية السودانية التزامها بتنفيذ الدستور والقانون بحماية الارواح والممتلكات وتامين البعثات الديبلوماسية واثنت على دور الزعامات وائمة المساجد والقيادات الدينية قائلة انهم ساعدوا في تهدئة الاوضاع خاصة بعد قيام البعض بمحاولة استغلال التظاهرة السلمية لمحاولة الاتلاف والتخريب معلنة القبض علي عدد من المتهمين واتخاذ الاجراءات القانونية في مواجهتهم
وجاء هذا البيان بعد ان ذكر عدد من المتظاهرون التابعون لجماعات اسلامية متشددة ان قناصة من سلاح البحرية الامريكي منتشرين على سطوح السافرة قد قاموا بفتح النار على المتظاهرين خارج السفارة.
بداية الغضبة
وبدات الاحتجاجات عقب صلاة الجمعة من مسجد الخرطوم الكبير وتوجهت الى مقر السفارة الالمانية وسط هتافات “الموت لامريكا “واحرق الغاضبون اجزاء خارجية من المبنى واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الا ان المحتجين اتلفوا الباب بالكامل واسقطوه وسط هتافات داوية بحياة الرسول عليه السلام وتراجع المتظاهرون مع اطلاق كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع وقبلها نجح شباب فى الصعود لاعلى مبنى السفارة الالمانية وانزلوا علمها ووضعوا مكانه علما اسودا مكتوب عليه “لا اله الا الله محمد رسول الله” وطالبوا الحكومة بطرد السفير الألماني والقائم بالأعمال الأميركي من الخرطوم.
وانتقلت الاحتجاجات الى مقر السفارة الامريكية التى حازت النصيب الاكبر من الغضب ، وحاول المحتجين فى بادى الامر التفاوض مع الشرطة للسماح لهم بالتظاهر قرب المقر الا ان رجال الامن رفضوا التجاوب وضربوا طوقا امنيا على محيط السفارة انهار بسرعة امام غضية المحتجين المقدر عددهم بزهاء الخمس الاف وبداوا فى حصب الشرطة بالحجارة ودارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين وتحول الهتاف لجزء من الوقت للمطالبة باسقاط النظام .
وشوهد الدخان يتصاعد من داخل السفارة الامريكية واغلق ا الطريق الرئيسى الرابط بين الخرطوم ومدينة ود مدنى لاكثر من اربع ساعات واضطرت الشرطة لاطلاق قنابل الغاز بصورة كثيقة مع استمرار توافد الالاف لمقر السفارة .
وتصاعدت الاحتجاجات عقب مقتل احد المحتجين دهسته عربة شرطة وتحول الغضب ضد امريكا الى هتافات بسقوط النظام ومع تزايد الضغط انفرط الطوق الامنى واندفع المتظاهرين الى محيط السفارة ورشقوا المبنى بالحجارة .
اجلاء الدبلوماسيين الامريكيين
ونفى المتحدث الرسمي باسم السفارة الاميركية فى الخرطوم رونالد هوكينز في تصريحات لقناة سكاي نيوز عربية اقتحام المتظاهرين السودانيين لمبنى السفارة بضاحية سوبا مؤكدا ان البعثة اتخذت تدابير احترازية مشددة واجلت جميع الموظفين من السفارة ووضعتها قيد التأهب بعد مقتل السفير الاميركي في بنغازي تحسبا لمواجهات محتملة مع المحتجين.
وقال هوكينز ان الاحتجاجات قوبلت باجراءات امنية مكثفة معربا عن امله ان لاتخرج عن السيطرة وقال ان حرية الاشخاص وحرية التجمعات بمثابة حقوق مكفولة للجميع.
وشدد على احترام واشنطن الدين الاسلامي واستدل على ذلك بافطار البيت الابيض الذي حضره الرئيس الاميركي باراك اوباما.
استدعاء السفراء
واستدعت وزارة الخارجية، السودانية، القائم بالأعمال الأميركي والسفير الألماني بالخرطوم، وأبلغتهما احتجاج السودان على الفيلم المسيء للإسلام والرسول الكريم، وعبّرت عن احتجاج السودان لهذا المسلك. وأكدت الخارجية أن المساس بالرسول الكريم هو خط أحمر.
وقال وكيل وزارة الخارجية، رحمة الله محمد عثمان، في تصريحات صحفية، إنه غير مقبول مطلقاً بأن حرية التعبير هي السبب في هذا الأمر، وزاد قائلاً “إن التعبير في تقديرنا له حدود وعندما تمس مقدساتنا ورموزنا الإسلامية هذا أمر غير مقبول وسيؤثر على التواصل والعلاقات بين الشعوب.
وأشار إلى أنه أبلغ السفير الألماني أن إعادة حملة الرسوم الكاركتيرية ضد الإسلام تدل على أنها حملة منظمة ضد السلام، وأبدينا احتجاجنا الصارخ والشديد تجاه مثل هذه الممارسات غير المقبولة.
وقال رحمة إن حماية السفارات والمنشآت والبعثات الدبلوماسية المقيمة في السودان هي مسؤولية الحكومة مثلما يتطلب أيضاً أن توفر الحماية لبعثاتنا الدبلوماسية في تلك الدول.
وأشار إلى أن الدستور يكفل حق التعبير السلمي للمواطنين ضد الإساءات ضد الإسلام والرسول الكريم، وقال “إننا كحكومة ندعو دوماً إلى التعبير السلمي ولا نؤيد العنف والمساس بالأجانب”، وأضاف قائلاً “إننا سنحمي البعثات وفق الالتزامات الدولية”.
وأبان أن القائم بالأعمال الأميركي والسفير الألماني أبديا أسفهما واعتذارهما لهذا المسلك واحترامهما للدين الإسلامي.
إدانات من حزب الترابى وحركة تحرير السودان -عبد الواحد
وشجب حزب المؤتمر الشعبى المعارض بزعامة حسن الترابى التعرض للأديان ورسلها بالإساءة واستنكر فى بيان امس الاعتداء على السفارات الأجنبية ورعاياها بالبلاد .
واعتبر الحزب المعارض الهجوم على السفارة الألمانية والأمريكية فى الخرطوم لايمثل الشعب السودانى المسامح ولاينبغى اخذ الضيوف بجريرة غيرهم مشدد ا على ضرورة حمايتهم وفقاً لتعاليم الدين والأعراف الدبلوماسية الدولية. وحمل الحزب المعارض السلطات الحكومية مسئولية التطورات التى وقعت وحثها على حماية البعثات الدبلوماسية ورعاياها من تعدى من المسيئين للاسلام بتلك التصرفات.
ومن ناحية اخرى ادانت حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد النور الاعتداءات التي قام بها المتظاهرون من اتباع الجماعات الاسلامية في السودان على مباني البعثات الدبلوماسية الغربية في العاصمة امس.
وقالت الحركة في بيان لها إن ليس هناك ما يبرر تحميل الحكومة الأمريكية ورعايا دول الغرب مسؤولية افعال لم يرتكبوها ، لأن هذه الدول ليست أعداء الإسلام او للسودان وساهمت بشكل كبير في تحقيق الديمقراطية والاستقرار والرخاء للبلدان في جميع أنحاء العالم والتخفيف من معاناة الشعب السوداني.