الامن السوداني يقمع مظاهرات “لحس الكوع” وأنصار حزب الامة في المواجهة مع النظام
الخرطوم 30 يونيو 2012 — قمعت الاجهزة الامنية السودانية الجمعة موجة احتجاجات نفذها الالاف عقب صلاة الجمعة فى مناطق متفرقة من العاصمة الخرطوم ونحو 12 مدينة ولائية واعتقل العشرات من المتظاهرين والناشطين فيما كانت اشد الاحتجاجات عنفا بمسجد ود نوباوى فى امدرمان والذى يعتبر معقلا لأنصار حزب الامة بزعامة الصادق المهدى.
وشكا المصلين من القاء قوات مكافحة الشغب قنابل الغاز المسيل للدموع داخل حرم المسجد الانصار قبل خروج المصلين كما استخدمت الهراوات والرصاص المطاطى ما ادى الى وقوع اصابات عديدة وسط المحتجين. واكد ناشطون ان موجة العنف والمطاردات كانت الاقوى فى ضاحية ودنوباوى بام درمان فيما امتدت الاحتجاجات الى مناطق متفرقة بالخرطوم وبحرى ليلا .
وكان التوتر سيد الموقف فى كل انحاء السودان منذ الساعات الاولى لفجر الجمعة بمظاهر استعداد امنى وارتكاز شرطى عالى المستوى امام العديد من المناطق والمساجد بالعاصمة الخرطوم فى اعقاب تنادى ناشطين للخروج فى جمعة “لحس الكوع” وهو مصطلح دارجى سودانى استمد من تصريحات متفرقة لمسؤولين سودانيين على راسهم مساعد الرئيس السودانى نافع على نافع الذى استخف بالمعارضين لسياسات حكومته وقطع بان دعاة التظاهر واسقاط النظام عليهم “لحس كوعهم” كناية عن استحالة تنفيذ ما يبغونه.
وغضب السودانيين بعد تبنى الحكومة سياسات اقتصادية الاخيرة مؤخرا ادت الى رفع الاسعار والغاء الدعم على المحروقات وزيادة تعرفة المواصلات ماترتب عليه موجة غلاء فاحش اجتاحت الاسواق واستصعب على العامة مجاراتها برغم ان الحكومة عمدت الى اعادة هيكلة الدولة وتقليل الصرف الحكومى واعفاء الوزراء وتقليص مخصصاتهم المالية لتتمكن من توفير ملايين الجنيهات لتعينها على الصرف بعد انفصال الجنوب وتوقف عائدات النفط .
وبدأ التوتر الجمعة فى محيط مسجد الانصار بضاحية ودنوباوى بتطويق قوات الشرطة للمسجد مع توافد ما لايقل عن خمس الاف مصلى وتزايدت حدة الموقف بوصول زعيم حزب الامة الصادق المهدى لاداء صلاة الجمعة واحيط بالمئات من مؤيديه الذين هتفوا بسقوط النظام ورفض الغلاء وخاطب المهدى المصلين الذين كانوا ينتظرون منه قيادة الاحتجاجات لكن بعضهم شعر بالاحباط مع قول الرجل بان المساعى لازلت جارية للبحث عن بديل للنظام الحاكم ونوه الى ان السودان فى مفترق طرق بعد فشل النظام الاسلامى الحالى..
وقال المهدى “ريثما نتفق على بديل سننطلق فى اعتصامات بكل نواح السودان” واشار الى ان حق الاعتصام مكفول للجميع فى المسجد والساحات العامة للتعبير سلميا واردف “اى اعتصامات سلمية محمية بالقانون والدستور “.
وناشد المهدى السلطات لمراعاة ذمة المحرم وحذرها من اللجوء الى العنف الذى قال انه يتنافى مع حقوق الشرع والبشر واشار الى ان للعنف يولد مثله وان السودان سيدخل فى ذات الحال التى تعيشها سوريا .
وخرج المهدى من المسجد تحت حراسة مشددة فيما اندلعت مباشرة المواجهات بين المصلين وعناصر الامن الذذين القوا الغاز المسيل داخل الحرم وانتقدت القيادية فى المعارضة مريم الصادق المهدى تصرف قوات الشرطة بالاعتداء على مسجد ودنوباوى بتلك الشاكلة .
وفى الخارج تواصلت المواجهات بين المواطنين والاجهزة الامنية وما يعرف بـ”الرباطة” – وهو مصطلح يطلق على عناصر موالية للحكومة السودانية بلباس مدنى تستخدم الاسلحة البيضاء فى مواجهة المناوئين للنظام – امتدت لاكثر من ثمان ساعات ،فيما رشق المحتجين قوات الأمن بالحجارة.
وقال صحفى لسودان تربيون اثناء الاحتجاجات ان رباطة النظام تعاملوا بقسوة مع المحتجين فى محيط مسجد الانصار بو نوباوى واكد ان رجالا بزى مدنى اوسعوا كل من يحمل هاتفا ضربا وتنكيلا واقتادوا عددا من الصحفيين اثناء تغطيتهم الاحداث واكد اعتقال مصور يعمل لحساب فرانس برس .
والمعروف ان زعيم حزب الامة المهدي تقدم بمبادرة لعقد مؤتمر شامل يضم كل القوى السياسية في البلاد بما فيها الحركات المسلحة في دارفور جبال النوبة والنيل الازرق لمناقشة مشاكل الحكم في البلاد في البلاد وتكوين حكومة وطنية انتقالية يجاز دستور البلاد الدائم تحت قيادتها وتعقبه انتخابات تشريعية.
وأصدر حزب الامة بيانا في ليلة الخميس دعى فيه اتنظيم مسيرات احتجاجية واعتصامات سلمية للتعبير عن رفض السياسات التقشفية والدعوة لإجراء تغيير ديمقراطي سلمي في البلاد. ويعتبر هذا المنحي الجديد نذرا بالمواجهة بين الحكومة واكبر حزب معارض يعزز من فرصه في فرض اجندته على قوى المعارضة الأخرى التي لم تتفق معه على برنامج عمل موحد بعد .
وتصدت قوات الشرطة للمحتجين في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة فور انطلاقة التظاهرات، وأغلق المحتجون، بعض الطرقات بمدينة ودمدني بحرق إطارات السيارات مثيرين موجة من الشغب ، وشهدت مدن الابيض والنهود بولاية شمال كردفان ايضا مظاهرات حاشدة واعتقلت الاجهزة الامنية كوادر شبابية ناشطة.
وقال مسؤول فى حزب المؤتمر الشعبى بالخرطوم لسودان تربيون ان قوات الامن اقتادت اربعة قيادات وسطية بالحزب فى مدينة الابيض واثنين فى مدينة مدنى كما احتجزت اثنان بالخرطوم الخميس وأشار الى ان عدد المعتقلين يتجاوز ال15 قياديا غالبهم من قطاع الشباب .
في غضون ذلك قال أمين المنظمات بالمؤتمر الوطني عمار باشري لقناة الشروق إن التظاهرات من تنظيم الأحزاب السياسية وهي مخالفة للقانون واعتبرها بمثابة الفتنة، وأضاف “المظاهرات السياسية مخطط بدأه تحالف جوبا بتمرد مالك عقار”.
وأكد باشري أن الذين يخرجون مجموعات متفرقة يحاولون تضليل المواطنين، ونوه إلى استقرار البلاد وأن ما يحدث من مناوشات من بعض الأحزاب المعارضة خارج نطاق القانون.
وفى المقابل اكد الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان ، ان إسقاط النظام سيصب في مصلحة الإقتصاد السوداني والحياة المعيشية للمواطنين بصورة مباشرة .
وقال في تصريح امس ان الإنتفاضة الحالية عملية ستكتمل بإسقاط النظام ، ربما تأخذ بعض الوقت وتمر بحالات صعود وهبوط ، ولكنها محصلة نضال (23) عاماً ، بمختلف الأشكال ، وستؤدي لإسقاط النظام وإقامة البديل الديمقراطي .
وأضاف ان العلامة الفارقة والهامة في العمل البطولي خلال الاسبوعين الماضيين ، ان جيلاً جديداً قد تم تدشينه وحمل راية حركة الشباب وحركة النساء ، ورفد الحياة المدنية بعنفوان جديد له ما بعده .
وقال ان أجهزة الأمن اعتقلت أكثر من ألف شابة وشاب ، ولأول مرة فإن أعداد الشابات المعتقلات تشكل وزناً مقدراً مما يعني نهوض جيل جديد من النساء السودانيات .
وحذر عرمان أجهزة الأمن من المساس بالمعتقلين والمعتقلات قائلا “ان يوم الحساب ليس ببعيد” . حاثا على الإتعاظ بما جرى في مصر وليبيا .
وأضاف إن اسقاط النظام سيصب في مصلحة الإقتصاد السوداني والحياة المعيشية للمواطنين مباشرة ، وعده الحل الوحيد للأزمة الإقتصادية لعدة أسباب ، منها ان إسقاط النظام سيفتح الطريق لإنهاء الحرب ، وستسقط فاتورة الحرب بسقوط النظام ، كما ان العقوبات الدولية سترفع لأنها مرتبطة بالحروب والإبادة الجماعية
ويخرج مئات السودانيين فى عواصم خارجية على راسها القاهرة ولندن وباريس اليوم الذى يصادف ذكرى انقلاب الانقاذ بقيادة الرئيس عمر البشير للتضامن مع المحتجين فى السودان بتنظيم وقفات احتجاجية امام سفارات السودان فى الخارج.
كلمة الصادق المهدي في مسجد ودنوباوي