السودان: الحوار يعجز عن تبديد المخاوف قبل ثلاثة شهور من استقلال الجنوب
الخرطوم في 9 ابريل 2011 — تتواصل المفاوضات بين المسؤولين السودانيين الشماليين والجنوبيين، قبل ثلاثة شهور من استقلال الجنوب، تمهيدا لانفصال سلمي. لكن من دون التوصل الى تسوية مقنعة للمواضيع الكثيرة المثيرة للتوتر او تبديد المخاوف.
ويقول اتيم الجنوبي المقيم في الخرطوم ان «التقسيم خطأ جسيم، البلد غير مهيأ لذلك»، وهو من الجنوبيين النادرين الذين صوتوا ضد استقلال الجنوب في الاستفتاء الذي نظم في (يناير).
وسيخسر هذا الجنوبي الثلاثيني وظيفته في الشرطة في (مايو) حين يبدأ تسريح الجنوبيين العاملين في القطاع العام في الشمال، وبينهم اربعون الفا في الشرطة والجيش والقوات الامنية، ما لم يتم التوصل الى اتفاق .
وغادر معظم اصدقاء اتيم واقربائه الشمال على غرار مئات الاف الجنوبيين، لكنه يعتزم البقاء في الشمال حيث ولد.
غير ان المواطنة من المواضيع الاقل صعوبة في الملفات التي يجري البحث فيها هذا الاسبوع بين مسؤولين شماليين وجنوبيين، مع مسألة ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب.
وتعهد الطرفان بمنع عمليات الترحيل القسري والتجريد من الجنسية، غير انه ما زال يتحتم توضيح القوانين لضمان حقوق الشماليين والجنوبيين الذين لا يعتزمون العودة كل الى منطقته .
وسيبحث الطرفان في اثيوبيا الملفات الاقتصادية الرئيسية ، وهي العملة والدين وتقاسم العائدات النفطية .
والمسألة الاكثر حساسية تبقى مستقبل منطقة ابيي النفطية المتنازع عليها على الحدود بين الشمال والجنوب، ويبقى كل من الطرفين متمسكا بمواقفه في الوقت الحاضر .
ويقول ايدي توماس، من مجموعة «تشاتام هاوس للدراسات» في لندن: «ليس هناك اي ملف يسهل التفاوض عليه. وفي ما يتعلق بابيي، يبدو من المتعذر حقا التوفيق بين مواقف الطرفين»، معتبرا ان هذا الموضوع «ليس مهما الى حد التسبب بحرب، لكنه مهم بما يكفي لقيام معركة بينهما في شأنه».
ويضيف: «من مشكلات ابيي ان ايا من الطرفين لا يرغب في حل المسألة».
وشهدت المنطقة تصعيدا في التوتر منذ (يناير) وتخشى قوات حفظ السلام الدولية المنتشرة فيها ان يؤدي تزايد الاسلحة لدى القوات الشمالية والجنوبية الى تفاقم اعمال العنف.
وكان المقرر تنظيم استفتاء في ابيي في مطلع (يناير) بالتزامن مع استفتاء جنوب السودان كان سيسمح لسكانها بالاختيار ما بين الانضمام الى الشمال او الى الجنوب، غير انه ارجئ الى اجل غير مسمى.
وقال المحلل جون اشوورث من مجموعة «سودان ايكومينيكال فوروم» ان «المفاوضات تتجه على ما يبدو الى اتفاق في بعض المجالات، لكن اشك فعلا ان تلقى جميع الملفات تسوية قبل التاسع من (يوليو)»، مضيفا ان «الاستقلال سيحصل وسيجد الطرفان آلية ما، مع خوضهما معركة ضارية على ابيي وربما ملفين او ثلاث ملفات اخرى».
ويتفق الديبلوماسيون الغربيون على استبعاد تعثر آلية التفاوض برمتها عند مسألة ابيي، رغم خطورتها، ولا سيما في ظل الضغوط الدولية ووعود المكافآت المقطوعة للشمال في حال حصول عملية الانشقاق بشكل هادئ .
ومن بواعث القلق ايضا بالنسبة الى الجنوبيين مسألة الحريات الدينية. وكرر الرئيس السوداني عمر البشير مرارا انه يعتزم تعزيز الشريعة في الشمال حيث غالبية السكان من المسلمين، بعد انشقاق الجنوب المسيحي والارواحي.
وقال الاب سيلفستر رئيس الكاتدرائية الانغليكانية في الخرطوم انه «بعد استقلال الجنوب، نخشى ان يتم حصر نشاطاتنا هنا الى حد بعيد، وان يتعرض الذين اعتنقوا المسيحية للاضطهاد».